تحقيقات وتقارير

صيدليات الحوادث.. بلا أدوية

[JUSTIFY]من المؤكد أننا لا نريد أن نغمط «أحداً» حقه خاصة وأن القضية التي نود طرحها ترتبط في المقام الأول بالمستشفيات وهي بالطبع قطاع عام إلا بعد أن أصابتها لعنة الخصخصة وحولتها إلى موارد مالية وأصبح لكل معاملة طبية ثمنها من بداية رسوم الدخول للمستشفى إلى رسوم مقابلة الطبيب في بعض المستشفيات «العامة» التي تدعمها الدولة بميزانيات تسيير ضخمة بل وتغدق على بعضها في حالة نفاد البنك وهي أريحية تشكر عليها وزارة المالية التي تقدمها بسخاء وهداها الله وسخرها حالياً لدعم مرضى الكُلى أو المريض بروحين كما أطلق عليه البروفيسور الراحل «بليل» حيث أن ذلك المريض يدخل «حياً» للغسيل وتظل روحه حينئذٍ معلقة بين السماء والأرض إلى أن يعود «معافياً» بعد إجراء عملية الغسيل لذا يستحقون الرحمة ونطالب الخيرين وعلى رأسهم السيد سعود البرير رئيس اتحاد أصحاب العمل لتكوين مؤسسة خيرية لدعم مرضى الكُلى وفتح باب التبرعات داخلياً وخارجياً لما يتمتع به من علاقات حُب وود مع الجميع.
وطالما أننا نتحدث عن الطب فإن الواجب علينا أن نشيد بأداء الأطباء في كافة المرافق الطبية خاصة في مستشفيات «الدولة» وننقل الإشادات من «أفواه» المرضى ومرافقيهم ومن خلال متابعاتنا ومشاهداتنا للمعاملة المميزة التي يتلقاها المرضى خاصة الحالات التي تصل للأطباء بعد منتصف الليل وأيضاً أثناء ساعات اليوم وهو الشىء الذي أدخل الإعجاب إلى نفوسنا مما أكد لنا أن الطب مهنة إنسانية فوق العادة حيث يتعامل الطبيب برفق مع المرضى وحتى مع ذويهم وسرنا أكثر الكفاءة التي يتمتع بها الطبيب السوداني خاصة بالنسبة لنا، حيث أُتيحت لنا الفرص لمشاهدة الطبيب الأجنبي ومعاملته مع مرضاه التي تتسم بالحنان والرفق بعد أن توفرت له التقانات الطبية الحديثة التي يستخدمها بكفاءة في الفحص أما بالنسبة لمرضاه فقد كفلت لهم الدولة العلاج المجاني «جداً».
أما الشق الثاني الذي كان «ينقصنا» هو بيئة العمل بالمستشفيات العامة أو الخاصة والتي تحسنت كثيراً حيث تتجلى النظافة وتشاهد من أول «نظرة» والتي أدخلت «الرضاء» في نفوس المرضى والمرافقين والزوار وشمل ذلك الأسرّة الجديدة والمفروشات النظيفة وللأسف لا يمكن تعميم الوصف «الجميل» بأمل أن ينسحب ذلك على البقية.
أما الشق الثالث وهو الأكثر إيلاماً وأشد وقعاً على النفس نراه في نقص الأدوية بصيدليات الحوادث نكرر الحوادث بالمستشفيات ولا يقتصر على الأدوية المنقذة للحياة التي لا يجدها المريض «أصلاً» بالرغم من أهميتها وإغفال وزارة المالية الاتحادية لدعمها وتوفيرها والتي تعتبر حسنة في ميزان وزارة المالية والدولة فأجزخانات الحوادث تنعدم بها الأدوية البسيطة كالفلاجيل وحقن المسكنات والملاريا.. أما الموجود «البسيط» ويا للهول يباع بالثمن ولمن.. للغلابة وفي منتصف الليل «البهيم»
وإذا تحدثنا بالأرقام فإن مستشفيات القطاع العام والمراكز الصحية بالعاصمة لا تتجاوز العشرين ولا تحتاج صيدلياتها إلى أدوية وميزانيات ضخمة إذ يمكن دعمها من وزارة الصحة الولائية ووزارة الصحة الاتحادية ووزارة المالية الاتحادية بل وأيضاً من ديوان الزكاة .. والمطلوب إحساس بعظم المسؤولية والإنحياز للمرضى شفقة بحالهم وظروفهم ومراعاة لأحوالهم الإقتصادية والإجتماعية، كما يمكن للتأمين الصحي أن يخصص ميزانية للحالات التي تحتاج لمساعدة ممن لا يدخلون تحت مظلته حتى نكون بحق دولة تراحم وتوادد.

محمد عثمان عباس :صحيفة الوطن[/JUSTIFY]