رأي ومقالات

حيدر المكاشفي : «البيتزا دي ياتا في بنات المهدي»؟!

[JUSTIFY]حكاية أننا لم نكن نعرف البيتزا أو نسمع بها إلا أخيراً خلال العقدين الأخيرين، ذكرتني بحكاية ذلك الانصاري القح الذي لم يكن يعرف في هذه الدنيا من العقائد إلا المهدية ومن المشاهير إلا المهدي وخليفته وأولاد المهدي، قادت الصدفة مرة هذا الأنصاري إلى الجلوس قريباً من مجلس كان أهله يتجادلون جدالاً ساخناً حول شخص اسمه عباس، «عباس فعل وعباس ترك، وعباس قام وعباس قعد، وعباس قال وعباس ما قال»، مما أوحى للأنصاري أن عباس هذا لا بد أن يكون شخصاً مهماً ومؤثراً وجبت عليه معرفته، فتداخل مع المتجادلين يسألهم «عباس دا ياتو في أولاد المهدي»، ولو قُدّر لهذا الأنصاري أن يسمع اليوم عن جدال البيتزا «سمعنا بالبيتزا ما سمعنا بيها، شفنا البيتزا ما شفناها» لسأل بكل براءة «البيتزا دي ياتا في بنات المهدي؟».

النصيحة لي الله أنني أحد الذين لم يسمعوا بالبيتزا أو يروها مجرد رأي العين إلا أخيراً ولم أتذوقها إلا أخيراً جداً، ولكي أكون أكثر صدقاً وأمانة ونزاهة يلزمني أن أقول إن الذي لم أسمع به من أطعمة مستوردة وارد بلاد العم سام والطليان إلا أخيراً كثيرة، بعضها سمعت به ولكن لم يتسنَ لي رؤيته حتى اللحظة، وبعضها رأيته ولكن لم أتذوقه لأنني لم استسغ شكله مثل الفرانكفورتر وإن شئت الهوت دوق، مع أنني رتعت زماناً في «الفور دوق» على أيام الدراسة الثانوية حين كانت الثانويات ثانويات وبها داخليات وسفر طعام وميادين رياضية ومسرح ونادٍ وكديت وصالة موسيقى، و«الفور دوق» كان لبناً جيداً ومغذياً ولكن من بطر الطلاب و«نغنغتهم» حينها كانوا يفضلون عليه حليب الأبقار فأشاعوا عنه أنه «For Dogs and little horses» أي أنه لبن مخصص لغذاء الكلاب وصغار الأحصنة.

وطالما أتينا على سيرة الأكل والمأكولات مع أن السودانيين بطبعهم ينفرون من هذه السيرة ولا يحبذون الكلام عن الأكل ولكن العتب على من ابتدر هذه السيرة، يجدر بنا أن نعيد الفضل لأهله الذين كانوا أول من ارتقى بثقافة السودانيين الغذائية إن كان في ذلك فضل ومفخرة، فللاتراك وليس غيرهم من طليان وألمان وأميركان وعربان، يعود الفضل لهم ولمطبخهم في إثراء المطبخ السوداني والتأثير عليه، فهم حين استعمرونا وجدونا لا نعرف طعاماً غير الويكة «الضرّابة» فرفدونا بالكباب والكفتة والكنافة والرقاق وغيرها من أطعمة وحلويات وتحليات، بل الغريب كما حكى مرة الأستاذ أبو عبيدة وهب الله المدير المالي لصحيفتنا وهو جموعي من أهل الخرطوم وسكانها الأصلاء، أن أجداده كما رُوي عنهم أنهم رغم وفرة السمك في ديارهم التي يجري فيها نيلان ونهر لم يأكلوا السمك ويستطعموه لزمان طويل.. وعليه إذا صحّ لشخص ما أو جهة ما أو حزب ما أو وزير ما أو دولة ما، أن «يتنبر» علينا ويفاخر ويمتن بأنه وعهده كانوا سبباً في معرفتنا للبيتزا، فإنه يصح جداً للأتراك أن «يشتمونا» ويعيروننا بماضينا وفقر مائدتنا قائلين لولا استعمارنا لكم لما عرفتم أو سمعتم بالكفتة والكباب ولكنتم حتي الآن منكبين على الويكاب وأم تكشو وأم زُماطة وأم تكتلني والفرندو والكداد والبصارة وأم بق بق «هسي خشمكم دا خشم بيرقر وهوت دوق وبيتزا واسبكتي واستيك ومارتديلا؟» قوموا لفوا!!

صحيفة الصحافة[/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. ابن اختي جاء من مدينة ربك و اشقاؤه اطعوه البيتزا علي وجه الكرم و لكنه قال لهم شابكننا بيتزا بيتزا والله قراصتةامي احسن من بيتزتكم دي.
    و من يفتخر علينا بالهوت دوق فاليتذكر انه مزق النسيج الاجماعي لهذا الشعب
    و قبله فتت الوطن و مزقه بالحروب وطن ورثه من الاباء لم يحمه كالرجال.

  2. ليس للاستعمار الفضل في تعليمنا هذه الوجبات ولكن يرجع الفضل الى التطور الذي حصل في العالم والتداخل الاجتماعي بين البلدان ، وهذا لا يعطي الفضل للانقاذ كما جاء في تعليقاتها على البيتزا والهوت دوق .
    وعلى العموم يسعدنا ان حكومتنا بعد ان تترك الحكم سيكون لها مهنة تعاش بها وهي الطباخة .

  3. الأخ حيدر أشكر لك التعرض للرفاهية التي يعيشها شعبنا واسهم معك بهذه الصورة

    [SIZE=3]
    الهوت دوق اكل الشعوب الكادحة
    والبتزا جاتنا يدل ام رقيقة المالحة
    وشفاط العصير أدوهو ناس الصالحة
    والنلس من شبع مبلولة دايما سابحة
    من عوم البحر جوه المسابح سارحة

    يا ناس شوفو حال الموظف كبف
    من وفرة سعادتو تلقاهو جنب القيف
    يفسح في العيال ياكل حلاوة الريف
    ما المال عندو زايد ماهيتو ألف ونيف
    يصرف منها مية والباقي للتكييف
    والعندو الجنا تلقاهو كل الصيف
    في بلد العجم كمل طبيخ الشيف
    [/SIZE]
    وعمال بلدنا ليهم حكابة تعجبك
    يطبخو في اللحوم نسوانا قاعدة تسيك
    يوم مشوي ويوم بطن الوجيه بتلبك
    يشرب اندروس يهضم شحومو يفكفك
    وفي سبارك ستي تلقاهو قاعد يسكسك

    أما المزارع سايق الرباعي أناقة
    لا شاف فقر لا يوم أحس الفاقة
    البيت من حجر والشمس ليهو الطاقة
    والحواشة ديك جايبالو عسل الباقة

    وشوف العين في كل لحظة وساعة
    مدرسة عالمية في الحلة باسطة شراعا
    تدرس بايولوجي وفزكس في كتب لماعة
    وناس العوض جاتم أكسفورد سراعة
    وكمبرج جات للبخيت أدت فروض الطاعة[/FONT]