اتهامات لإدارة بوش بمحاولة تعقيد أمور قبل أن تذهب لإفشاله ..
أظهرت آخر استطلاعات الرأي العام التي أجريت في الولايات المتحدة ان الرئيس المنتخب باراك اوباما يحظى الآن بدعم 83% من الناخبين الأمريكيين اي بحصة اكبر كثيرا من أولئك الذين منحوه أصواتهم في انتخابات نوفمبر الماضي. وتعد هذه واحدة من أعلى النسب التي حصل عليها اي رئيس منتخب قبل تنصيبه خلال خمسين عاما. وفيما تتباين أسباب هذه الظاهرة فإنها في نفس الوقت تضع ثقلا كبيرا على كاهل الحزب الجمهوري المعارض، إذ كيف يتسنى انتقاد رئيس يحظى بهذا القدر الكبير من الشعبية؟.
بعبارة أخرى كيف يمكن للجمهوريين تمهيد الأرض لبناء معارضة متماسكة تتيح لهم إنهاض حزبهم الذي تعرض لواحدة من اكبر الانتكاسات التي واجهها في تاريخه في الانتخابات الماضية حين حصل الديمقراطيون ليس فقط على البيت الأبيض ولكن أيضا على أغلبية كبيرة في مجلسي الكونجرس؟.
نيوت جنجريتش الرئيس الأسبق لمجلس النواب الذي تمكن في منتصف التسعينيات من إنهاض الحزب الجمهوري من ضربة مماثلة وان كانت اقل حجما بقليل يقول انه يعرف «الوصفة» التي ستمكن الحزب من الوقوف على قدميه مرة أخرى. ففي مقابلة أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» اليمينية قال جنجريتش «علينا ان نتجنب اي هجوم شخصي على اوباما. لقد قال الأمريكيون بصوت عال أنهم يرفضون هذا الأسلوب وذلك في انتخابات 2006 النصفية للكونجرس وفي الانتخابات الأخيرة».
وتابع الرجل الذي يعد «القيادة الحقيقية» للحزب الجمهوري قائلا «الوقت الراهن هو وقت أزمة كبيرة يعاني منها كل الأمريكيون. ويجب ان نتبنى موقفين في هذه اللحظة المضطربة. الاول هو ان نتمنى النجاح لأوباما وان نؤكد ذلك امام الرأي العام كلما سنحت الفرصة فالأمريكيون يريدون له ان ينجح. والثاني هو ان نعيد الى الأذهان في كل فرصة الوعود التي قطعها اوباما على نفسه خلال الحملة الانتخابية».
كان هذا ما قاله جنجريتش أمام الملايين من المشاهدين. ولكن يبدو انه يقول أشياء أخرى بين ثقاته. فقد نقلت عنه صحيفة صادرة في جورجيا انه قال في اجتماع مغلق ان اوباما سيفشل في رئاسته وان فشله هو الذي سيتيح للجمهوريين استعادة زمام المبادرة. وحذر جنجريتش على حد قول الصحيفة من ان يقول الجمهوريون ان الرئيس المنتخب سيفشل «لأنه لم يتسلم زمام السلطة بعد». كما حذر الجمهوريين من الظهور بمظهر من يريدون للرئيس الجديد ان يفشل.
ويرجع توقع جنجريتش لفشل اوباما الى صعوبة الازمة الاقتصادية التي ستحكم على الديمقراطيين إما بالاستمرار طويلا في مواقع السلطة أو بالانتقال الى موقع حزب «يحترف» المعارضة ولا يستطيع ان يفعل ما هو أكثر. وأدى هذا المشهد الى انتشار تعليقات بين الديمقراطيين تتهم إدارة الرئيس بوش على نحو يجعل من مهمة اوباما حين يتولى السلطة أكثر صعوبة. وقال المعلق الديمقراطي آلان ديريل في ذلك «كان بوسع وزير الخزانة هنري بولسون ان يدعم سعر صرف الدولار قبل مغادرة الإدارة واشنطن إلا انه آثر ألا يفعل. لقد قرر بوش ورجاله ان يعقدوا من مهمة اوباما بأكبر قدر ممكن قبل ان يغادروا واشنطن».
بيد ان الجمهوريين لا ينضبطون دائما لنصائح جنجريتش. فقد حاولوا على نحو مستميت ربط اسم الرئيس المنتخب بفضيحة حاكم ايللينوي وعاصمتها شيكاغو الذي اتهم ببيع مقعد ولايته في الكونجرس لمن يدفع أكثر. ويحق لحاكم الولاية ان يعين سياسيا من نفس الحزب إذا ما غادر ممثل الولاية في مجلس الشيوخ موقعه لسبب أو لآخر. ولان باراك اوباما كان ممثلا لولاية ايللينوى في مجلس الشيوخ ولأنه انتخب رئيسا فان شغل مقعده بات مهمة منوطة بحاكم الولاية.
إلا ان حملة ربط اسم اوباما باسم حاكم الولاية لم تنجح. بل إنها أدت الى نتائج عكسية إذ قال الأمريكيون في استطلاع للرأي أنهم يجدون ان الوقت الحالي هو وقت تناسي الانتماءات الحزبية والعمل معا للخروج من الازمة الاقتصادية. فضلا عن ذلك فان منافس اوباما الأخير اي ممثل الحزب الجمهوري السيناتور جون ماكين وجه انتقادا حادا للجمهوريين الذين سعوا الى الزج باسم الرئيس المنتخب في فضيحة حاكم ايللينوي.
وقال ماكين في ذلك «إنني أطالب أصدقائي الجمهوريين بضبط النفس في هذه اللحظة الحساسة. لسنا الآن في وقت يسمح بالعودة الى التكتيكات القديمة. ان ما نشهده هو أزمة كبيرة تحتم جمع الصفوف وليس تبادل الاتهامات ومحاولة اصطياد الأخطاء. انه من السخف انتقاد رئيس لم يتولَّ بعد مهام الرئاسة ومن الاسخف انتقاده في هذه اللحظة بالذات».
المصدر :الصحافة [/ALIGN]