رأي ومقالات
يوسف جابر جودة : ( بوديكير ) لولاية الخرطوم!
والسؤال الذي كان يدور في ذهني هو: هل أقدمت ولاية الخرطوم على الأمر بعد دراسة وتمحيص عندما وقّعت عقداً مع بيت خبرة أجنبي هو شركة رومانية تتولى عبء تنظيف الخرطوم، فيما يشبه اعترافاً ضمنياً بفشل حكومة الولاية في نظافة رصدت لها ميزانية لا تقل عن 40 مليار من الجنيهات السودانية ( جنيه ينطح جنيه)؟!.
وحقيقةً استوقفتني مسألة ال 40 مليار هذه التي تمّ صرفها، وفي كل شبر من الخرطوم ( كوم وساخة ) يخرج لسانه ساخراً من مجهودات النظافة وآلياتها!، وفي كل ركن ( كوم نفايات ) ساء وضعه حتى بات يتضرع قائلاً: ( عليكم الله تعالو شيلوني من هنا)!. ياترى ما الذي ستقوم الشركة الرومانية بتنظيفه بالضبط ؟.. الشوارع ؟ .. المجاري؟ .. الميادين ؟.. الأسواق؟، وهل الأحياء السكنية ضمن البرنامج؟، ومعها ضمنياً تنظيف جيوب المواطنين بفاتورة نفايات جديدة تواكب ( نصاعة ) الأيدي الرومانية ( البيضاء ) التي ستمتد ل (تتكرم ) بتناولها؟!.. وهل ستتم الجباية بالاستعانة ب ( مصارعين رومان وكده )؟!.
يبدو أن (السيدة) حكومة ولاية الخرطوم- مدفوعة بعقدة الانبهار بالعمالة الأجنبية – تسعى لتحسيسنا ب ( السؤدد) حين تستورد أيدي عاملة لتقوم بخدمتنا، فتدفعنا لأن نفكر في الجلوس المسترخي لدرجة ( تحنين الكرعين ) جرّاء الكسل و الفراغ ( وحاجات زي كده )!. فحولنا كان ( البنغالة )، وفي كارثة السيول و الأمطار- كارثة ولا أزمة يا مولانا ؟ – طَفَتْ على السطح فكرة الاستعانة ببيت خبرة ( سويدي)، والآن في مسألة النظافة توقِّع ولاية الخرطوم عقداً مع الرومان!!.
ربما كان انبهار ( السِتْ) حكومة ولاية الخرطوم بأداء العمالة الآسيوية – في مجال النظافة تحديداً – هو الذي دفعها للاستعانة بهم، فماذا عن العمالة الغربية ؟ هل يمتلك بيت الخبرة السويدي أي مستوى من الخبرة في معالجة إشكالات السيول و الأمطار السودانية؟ ربما كان السويديون هم من تغنى بمدحهم فنانا الكبير حمد الريح:( ملصو البدل و القمصان .. وترسو البحر خيرسان )!. .. فإن كان الأمر كذلك إذن لا بد أن لأبناء الدول الاسكندنافية خبرة هائلة في التعامل مع عقابيل أمطار المناطق المدارية تضاهي خبرتهم في التعامل مع جليد مناطق ( التندرا) المتاخمة للقطب الشمالي!، وفي النهاية ( مطر .. جليد، ما يفرق .. كلو عند العرب صابون؟)!، أم أن الأمر لا يعدو وقوع الطيور على أشكالها ظناً في تشابه لوني بين ” سويد” و ” سودان” من جهة، ومن جهة أخرى بين “سودان” و “رومان” وكلاهما على وزن ” فعلان “.. يا فلان بن فلان!!.
إن كانت ولاية الخرطوم قد انفقت 40 ملياراً من الجنيهات في النظافة ونحن نعلم أن أكياس النظافة نفسها تبيعها المحليات للمواطنين الكرام – فكم ستكون مستحقات الشركة الرومانية بالعملة ( غير السهلة ) بالطبع!. ومن الذي سيدفعها ؟ .. هل هو المواطن ( زاااااتو؟!) .. ذلك الكائن الذي كان حياً فحولته السياسات الجبائية للمحليات إلى ( صراف آلي ).. تخرج منه النقود كلما دسّت الجهات الجابية بطاقتها سارية المفعول أبداً تلك، وداست على أرقام شفرته التي تحفظها عن ظهر قلب؟!. وطبعاً (هنا المواطن يعجبك .. يدفع ونص وخمسة! ).. ( شفتو ليكم صراف آلي قال ما بدفع؟!). وهذا بالطبع يغري حكومة الولاية ومحلياتها ( المسولِعة) لتمارس تلك الهواية السادية المحببة إليها : الرضاعة الشرهة من ضرع ذلك ال ( فريزيان) الآدمي – كما تعتبره هي – المعروف مجازاً بالمواطن( مع وقف التنفيذ )!!.
إن كانت (السيدة ) حكومة ولاية الخرطوم ترصد من ( شنطة يدها) فقط مبلغ 40 ملياراً لبند النظافة وإصحاح البيئة، فكم ترصد لبقية البنود ؟.. ( التعليم برّه الحساب) مادامت ميزانيته لا تتخطى طموحاً (عطية المزيِّن )!.
و .. قد يتفق معي الكثيرون في أن المشكلة ليست في عجز الميزانية المرصودة للنظافة، وإنما الصرف الحقيقي الصحيح لما هو مرصود، أو أن التخطيط السليم هو التلميذ المسجَّل في دفتر الغياب، وبالتالي: ( أشيل القروش في قُفَّه .. وأجيب الخضار في جيبي)!!..على رأي ذلك الكاريكاتير اللاذع الذي يلخص بجلاء أزمة هذا السودان ( المتلَّح بإقتصادو)!!.
ولاية الخرطوم أو غيرها من الولايات عندما تفكر في أمر النظافة عليها أن تكلف مختصّاً يعدّ لها دراسة علمية جادة عن الأوساخ: ماذا نقصد بالأوساخ؟ .. ماهي تصنيفاتها؟ .. ماهي مسبباتها و مصادرها ؟..ما هي أضرار كل صنف منها ؟.. ما هي عوامل نشرها؟ .. وكيف نجمع + ننقل + نتخلص من كل نوع منها؟ .. وماهي العوائق التي تواجهنا حين نجمع + ننقل + نتخلص من هذه الأوساخ؟!، وبالتالي ستكون الولاية قد تعاملت مع الموضوع بأسلوب علمي، ورصدت الميزانية المناسبة على ضوء الدراسة التي تمت، ولن تحتاج بعد ذلك إلى شركة (رومانية) تنظف الخرطوم، قد تتخذ من ( سينما كلوزيوم ) مقراً لها، أو ربما (جبل طورية)!.
يوسف جابر جودة
اخي الاستاذ / يوسف جابر كلام صحيح مية بالمية وكمان موزون ؛ واوفقك الراي في كل ما ذهبت اليه لانو قضية النظافة اصبحت هاجس يورق المواطن المغلوب علي امره وما عارف يلقاها من وين وانو القصة ما شركات اجنبية او محلية بل هي قضية ضمير حي يحس بوجع الوطن والمواطن والحكاية بشكلها الحالي من شركات رومانية او سويدية واحدة من ابواب الفساد والماكلة —– وكان الله في عونك يا بلد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟