مقالات متنوعة
إستراحة الجمعة
في الصباح أنت تعمل كالحمار ، وليس لديك ذرة وقت أو أخلاق للحب .. في منتصف النهار يأتي دور السخانة .. ومعروف عالميا إن الحب لا يعيش في درجات الحرارة المرتفعة ، دعك من أنك أصلا متعب ولا تبحث إلا عن مكان يمكن أن ترقد فيه أفقيا وتناااااام … في الليل يستمع أخوك بإستمتاع لكل كلمة تقولها بل ويتفاعل معك بهزة إعجاب من رأسه مع كل كلمة جميلة تقولها لها … لذلك وقت الأصيل هو أنسب وقت ، حين يكون أخيك قد غادر إلى مكان ما وأهل البيت بدورهم في زيارة لمكان ما آخر .. لذلك أخرجت الكرسي أمام البيت وجلست مستمتعا بنسيم المساء .. الشارع خال تماما إلا من كلبة جيراننا ( كارينا ) ترقد تحت شجرتنا وتنظر لي ، فتجاهلتها وأخرجت تلفوني وأتصلت بخطيبتي سوسن :
– ألو .. مساء الخير
– خير يجي من وين يا احمد ؟ إذا كنت يا دوب خلصت نضافة وقبيل زارتني ميسون صحبتي وقعدت تتفشخر على بالهدايا الرسلها ليها خطيبها من الإمارات بمناسبة العيد ..
هذه هي خطيبتي سوسن بلا زيادة أو نقصان يا سادة…
قلت لها بصبر وأنا أنظر للكلبة التي أخذت تقترب مني :
– عادي يا ستي ، حركات البنات دي أصلها ما بتخلص ، وبعدين دي غلطتك إنتي البوديك شنو تصاحبي واحدة خطيبها شغال في الإمارات ؟ عايزة تجيبي لنفسك نفسيات ؟
وقفت الكلبة أمامي وراحت تدور حول نفسها ، كأنها ترقص ثم جلست وراحت تنظر لي وتستمع بإستمتاع ( لا أدري لماذا ذكرتني بمنظر أخي ) .. قالت سوسن بغيظ شديد :
– وأنا لما صاحبتها كنت بعلم الغيب يعني عشان أعرف حيخطبها منو ؟ .. أسمع أنا لازم أرد ليها الزيارة دي
كانت الكلبة قد بدأت تغمز لي بعينيها ، فنظرت لها مندهشا ، وأنا أرد لسوسن :
– طيب رديها ليها المشكلة وين ؟ بيتهم بعيد ولا إنتي ما عارفة البيت ؟
طنطنت قائلة :
– بطل إستهبال يا أحمد .. أنا قصدي لازم أزورها وأغيظها بهدايا خطيبي بتاعة العيد
أطلقت الكلبة نبحة رومانسية وهي تنظر لي ، وانا أرد :
– وإنتي طبعا عندك خطيب في الإمارات ؟
– لا عندي خطيب ما شغال بي ولا قاعد يجيب لي هدايا حتى في العيد
راحت الكلبة تدور حولي وتهز ذيلها بمنتهى الحب ، في حين قلت أنا :
– سوسن .. مليون مرة قلت ليك أنا قاعد أخت قرش فوق قرش عشان السنة الجاية أكمل موضوعنا ده ، فما في داعي نعيد الكلام ده تاني
– لكن أمي قالت…
قلت لها بخشونة :
– أنا طلبتك من أبوك ما من أمك
كانت الكلبة قد بدأت تلتصق بي ، ومدت لسانها لتلعق بنطلوني ، فقفزت من الكرسي وأنا أقول :
– الكلبة دي مشكلتها شنو ؟
غلطة عمري هي إن الهاتف كان على أذني … سمعت شهقة عالية من سوسن وهي تبكي وتردد :
– أنا كلبة ؟ يا حيوان يا عواليق .. يا .. يا .. اهي أهي اهي وأنا لو أهي أهي شوف ليك … أهي أهي تاني و….
وتيت تيت تيت قطع الخط…
وقفت مذهولا من سوء الفهم الرهيب الذي حدث ، وحاولت الإتصال مرة أخرى ولكني سمعت صوت فتاة الكومبيوتر ترد :
– عفوا هذا المشترك ترك لك دبلة الخطوبة .. إستلم دبلتك بعد سماع الصافرة .. تيييت
ونزلت الدبلة في يدي.. وراحت الكلبة تدور حولي وتلحس البنطلون وأنا أردد ببلاهة :
– رسلت لي الدبلة .. رسلت لي الدبلة هاهاهاهاهاهاهاهاه
ونزلت على ركبتي ومسحت على رأس الكلبة وانا أقول :
– كارينا أنا بحبك .. هل تتزوجينني ؟
نظرت لي بعدم فهم فتذكرت أنها هندية فقلت لها بالهندية :
– كارينا .. أي لوف يو .. موجي شادي كاروقي ؟
أطلقت نبحة خجولة وخفضت رأسها كأنها تقول :
– خليني أفكر
د.حامد موسى بشير