مستقبل علاقة السودان مع دولة جنوب السودان بعد الزيارات المتبادلة للرئيسين
عززت الزيارات المتبادلة بين الرئيسين المشير عمر البشير والفريق سلفاكير من الثقة بين البلدين حيث مهدت تلك الزيارات لبحث كثير من القضايا العالقة وكانت القمة الأخيرة التي انعقدت بجوبا قد فتحت مسارات جديدة للعلاقات ولعل ذلك كان مدخلاً للاتحاد الوطني للشباب في دورته الجديدة أن يولي المسألة اهتماماً خاصاً حيث نظم منبره الدوري بالتعاون مع صحيفة (آخر لحظة) والذي تناول مستقبل العلاقات بين الخرطوم وجوبا، تحدث فيه مدير إدارة دولة الجنوب بوزارة الخارجية السفير بدر الدين عبد اللّه ونائب سفير دولة الجنوب السفير كونك قالي ووزير الدولة بوزارة الموارد البشرية أحمد كرمنو،
حيث تطرق السفير بدر الدين عبد اللّه مدير إدارة الجنوب بوزارة الخارجية للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وقال إن هناك (9) اتفاقيات تم توقيعها في سبتمبر 2001 في أديس أبابا تمثل قاعدة انطلاق للعلاقات بين البلدين لأنها تغطي كافة أشكال العلاقات التعاونية والاقتصادية وتعود بالفائدة على مواطن البلدين، وأضاف قد تم توقيع اتفاقية دون وساطة منها في مجال التعليم العام والجامعي وتوقيع وزارتي الخارجية في البلدين على اتفاقية التعاون والتشاور السياسي بين البلدين، مشيراً إلى كبير الأثر الإيجابي في قرار إعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية من تأشيرة الدخول من الجانبين، ووقف بدر الدين هذه الاتفاقيات ستظل حبراً على ورق ما لم توجد آليات لتنفيذها، وأضاف لذلك هناك آلية لتنفيذها ومراقبتها وحل أية نزاعات في المستقبل، وقال إن رئيسي الدولتين في أعلى قمة هرم هذه الآلية وتم تكوين لجنة عليا ومشتركة يرأسها نائبا الرئيسين بالبلدين يعمل تحتها عدد من اللجان الوزارية تدعم عملها لجان فنية من أجل تنفيذ هذا الاتفاق.
وللتنسيق في تنفيذ الاتفاقيات قال بدر الدين إن هناك آلية تسمى آلية التنفيذ المشتركة تتكون برئاسة مشتركة من وزارتي الخارجيتين بالجانبين تضم كافة الوزراء المعنيين بتنفيذ كافة الاتفاقيات، وقال لتأسيس قاعدة جيدة لتنفيذها أصدر السيد رئيس الجمهورية قراراً بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ هذه الاتفاقيات يرأسها شخصياً وينوب عنه النائب الأول، وتكوين لجان فرعية تكونها وزارة الخارجية ترأس هذه اللجان الفرعية وترفع نتائجها لنائبي الرئيسين في البلدين.
ü آلية القمم من أهم الآليات
لتنفيذ هذه الاتفاقيات هكذا يقول بدر الدين وأضاف أن زيارة رئيس دولة الجنوب سلفاكير مليارديت للخرطوم سبتمر الماضي تشكل منعطفاً إيجابياً وتطوراً في العلاقات بين البلدين، وذكر أن نتائج تلك القمم عكست أهمية الزيارة في وضع العلاقات على الطريق الصحيح في تطبيع العلاقات بين البلدين ومن ثم الانتقال لمرحلة التعاون الإستراتيجي بين البلدين وكان أهم مخرجاتها استئناف ضخ البترول عبر الأراضي السودانية وتنفيذ بروتكول الاتفاقيات الأمنية والاتفاقيات على التبادل التجاري، وقدم السودان (3) اتفاقيات في هذا المجال وتم الاتفاق على تأسيس قنوات للتبادل التجاري والتعاون بين البنكين المركزيين في البلدين وفتح مشروع للبنوك في الدولتين، وتم الاتفاق على عقد مؤتمر مهم في 15 سبتمبر القادم للولايات الحدودية بين البلدين، وأضاف أن هناك (6) ولايات سودانية و(5) جنوبية في هذه المناطق الحدودية مأهولة بالسكان وبها حركة تبادل تجاري نشطة ستسهم في تنفيذ مشاريع تدعم الاستقرار في المناطق الحدودية ومن ثم بين البلدين.
ووصف بدر الدين الزيارات في مجملها بالمهمة سيما في الاتفاق على عملية بناء الثقة بين البلدين، مضيفاً إن كانت تستغرق وقتاً وتحتاج لترتيبات، وعزز بدر الدين عن برامج زيارات متوقعة خلال شهر نوفمبر القادم لمسؤولين جنوبيين للخرطوم بينها زيارة رئيس برلمان دولة الجنوب وزيارة رئيس مجلس الولايات بالمجلس التشريعي بجنوب السودان وزيارة وزير النقل الجنوبي في 5 نوفمبر للخرطوم، كما كشف عن مقترحات لتشكيل لجان في إطار بلورة العلاقات في المجالات الشعبية والثقافية والرياضية ستشهدها الفترة المقبلة.
وتحدث بدر الدين عن أملاك الشماليين في الجنوب والجنوبيين في الشمال، وقال إن هناك لجنة مشتركة سيتم تشكيلها من الجانبين لهذا الملف وتمثل السودان وزارة العدل في ذلك، وقال إن الضمانات الحقيقية لعلاقات مستقرة بين البلدين هي المصلحة المتوقعة والمشتركة بين البلدين.
واعتبر عدد من المشاركين أن المعارضة في البلدين خطر على استقرارهما لأنها تسعى لزعزعة الأمن لذا لابد من وضع إستراتيجيات ثابتة من قواعد العلاقة بين البلدين لا تتغير بتغيير الحكومات، فيما طالب تجار شماليون بإشراكهم في اللجان المشتركة بين البلدين الاقتصادية والتجارية.
من ناحيته أكد نائب سفير دولة جنوب السودان كاونك قالي أهمية العلاقات السودانية والجنوب سودانية، ووصف الزيارات المتبادلة بين رئيسي الدولتين بالإيجابية، وأرجع ذلك إلى أن مثل هذه الزيارات تعيد بناء الثقة بين الشعبين وتقوية العلاقات وتطبيعها بين البلدين وإخراجها من مربع الحروبات السياسية أو الإعلامية، وطالب قالي السودان وجنوب السودان بضرورة الالتفات لخطر التدخل الخارجي في العلاقة بين البلدين، وقال قالي إن السودان وجنوب السودان لن يتخليا عن بعضهما وإن الانفصال استفاد منه طرف ثالث وهو نفسه المستفيد من نزاع الشعبين على (أرض) بينما ينظر هذا الطرف إلى ما بداخل الأرض المتنازع عليها متهماً هذا الطرف الثالث بالتخطيط إلى ما أكبر من ذلك.
وأشارت سفارة الجنوب إلى أن هذه الزيارات تمثل أهمية اقتصادية حيث ترسل رسائل مطمئنة تشجع المستثمرين بالداخل والخارج على الاستثمار.
واتفق نائب السفير مع المتحدثين في أن الضمانات استمرار العلاقات والتنفيذ للطرفين، كما طالب قالي الحكومة السودانية بضرورة الاعتراف بالأخطاء التاريخية في حق الجنوب والتي قادت للانفصال وضياع كل فرص الوحدة الجاذبة بين الشعبين.
وقال ربما يعود السودان وجنوبه موحدين على يد الأجيال القادمة، مشيراً إلى أن الاتفاقيات ملك للشعبين وليس الحكومتين.
من جهته أكد وزير الدولة بوزارة الموارد البشرية أحمد كرمنو أن هنالك إرادة سياسية قوية بين البلدين للمضي قدماً نحو تنفيذ الاتفاقية والوصول إلى حلحلة كل القضايا العالقة، مبيناً أن العلاقة تسير الآن في الاتجاه الصحيح، مشيراً إلى أن الظروف السياسية أحدثت الانفصال ولكن ما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما، وأكد أن ما تقوم به الحكومة الآن قضية إستراتيجية وليست تكتيكية، وقطع بحرص الدولة على قيام مؤتمر الولايات الحدودية وقال هذا المؤتمر سيعمل على انصهار كبير بين الدولتين وسيعالج كثيراً من القضايا وستشهد المناطق الحدودية وجوداً مكثفاً للمؤسسات ذات صفة غير الصفة العسكرية والأمنية، وأضاف ستكون هنالك مؤسسات الضرائب والجمارك، وأوضح أن «172» سلعة غير البترول ستكون من السلع المتبادلة بين البلدين.
واعتبر الزيارات المتبادلة بين الرئيسين كانت اللبنة الرئيسية لتبادل الثقة، مشيراً إلى أن الاتصالات والتلاقي دون وساطة والدعوات المتبادلة للمسؤولين أسست لأرضية ممهدة وصالحة لاستمرار علاقة متينة، مثمناً البيان الختامي الذي وقع بين الرئيسين في عدم دعم الحركات المسلحة وإيوائها، ودعا الجهات ذات الصلة بأن تلعب كل ما يلي بوادر التلاقي بين الشعبين من رياضة وثقافة وغيره من أجل البحث عن ما يجمع وليس ما يفرق، مشدداً على ضرورة إعانة دولة الجنوب حتى تقوم دولة قوية، وقال يجب أن نعين الجنوب حتى لا نتيح فرصة للجهات التي تسعى إلى إفساد هذه العلاقة، كما دعا إلى ضروة تفعيل الدبلوماسية الشعبية مشيراً بأنها ديمومة العلاقة.
وأكد أن هنالك لجاناً مشتركة للبحث عن حقوق التجار الشماليين وأقر بأن قضية انفصال الجنوب لم تكن وليدة، وقال الإنقاذ كانت جريئة وصادقة في اتخاذ القرار بتحديد المصير وفيما يلي أبيي قال كرمنو إن الأجواء الإيجابية هي التي ولدت هذا الجو الإيجابي، مشيراً إلى أن قضية أبيي ستصل إلى بر الأمان بعد أن أكدت الحكومتان عدم القبول باستفتاء أحادي، وطالب الأحزاب المعارضة بدعم الخطين من أجل المضي قدماً وأبان أن الضمانات ليست أوراقاً تكتب، بل الالتزام الأخلاقي الأدبي.
وتحدث كرمنو عن عدد من المبادرات التي قادها رئيس الجمهورية مع حاملي السلاح والمعارضة حتى يكمل السودانيون بعضهم.