رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : القنوات الولائية واستثنائية قناة الخرطوم

[JUSTIFY]{ إذا لم تكن فكرة إنشاء قناة فضائية في كل ولاية سودانية مثل «كسلا» و«البحر الأحمر» اقتفاءً لأثر ولاية الخرطوم التي تحتضن عاصمة البلاد وتستقبل أبناء الوطن من كل أرجائه، فيمكن أن يكون إنشاؤها مجاراة لعالم اليوم الذي تعددت فيه الفضائيات لدرجة إطلاق قنوات في بعض الدول لأتفه وأسفه الأمور، ومثل قنوات ولايات السودان بالطبع تبقى بقدر كبير من الأدب والحشمة والجدية وهي تخدم مشاهديها ببث الأخبار والبرامج الاجتماعية والثقافية، وهذا ما يجعلها الأولى بالإنشاء.

إلى هنا يمكن أن نتفق لكن إذا كان السؤال هو: هل مشروعات إنشاء القنوات الولائية شبه مثالية بمعنى استصعاب استمرارها بما بدأت به من إمكانات شحيحة في أغلبها من ميزانية الولايات؟! إن فكرة إنشاء قناة ولائية تنطلق من حين إلى آخر من عاصمة ولائية لا بأس بها إذا كان هذا يعني مزيداً من الاهتمام الإعلامي بكل ما يخص كل ولاية بصورة أكبر مما تكون في التلفزيون القومي باعتباره يغطي كل شؤون الولايات، وإذا كان يعني أيضاً فتح وظائف جديدة لاستيعاب مجموعة من جيش العاطلين من الخريجين في كليات الإعلام «قسم الإذاعة والتلفزيون». وغيرهم من أصحاب التخصصات الأخرى التي لا يستغنى عنها في المؤسسات باختلافها. لكن العبرة بما يسمح بالاستمرار والتنبؤ به يكون من خلال الدراسة الجيِّدة.

ولا يكفي إنشاء القنوات الولائية أسوة بقناة ولاية الخرطوم مثلاً أو مجاراة لعالم الفضائيات الذي يشهد في صباح كل يوم جديد بثاً تجريبياً لعدة قنوات في العالم. وإنما لا بد من الاستفادة من الفلسفة الإدارية مثل التي اعتمدتها قناة الخرطوم تحت إدارة الكاتب الصحفي الأستاذ عابد سيد أحمد الذي رسم عنواناً مشرقاً لقبيلة الصحفيين «بتاعين الجرائد» في إدارة الوسائط الإعلامية الأخرى. فالنجاح الذي اكتسبته قناة الخرطوم والذي ينبغي لكل القنوات الولائية سواء المولودة أو حديثة الولادة أو التي ما زالت في رحم الفكرة أن تتبع طريقه.

إن بداية هذا الطريق هي استيعاب فكرة التوفيق بين تجاوز شح ميزانية الولاية في بلد نصف أطفالها يعانون من سوء التغذية كما تقول الأخبار وبين تقديم العمل الرائع الساحر الذي قدمته مثلاً قناة الخرطوم أيام عيد الأضحية العام الهجري الماضي.

قناة الخرطوم تتمتع باصطاف من العاملين المقتدرين التابعين للخدمة المدنية العامة معززين بالمتعاونين يمتطون جميعهم سفينة العبور وسط أمواج بحر «الاختبارات» إلى مرسى الإبداع وسحر الأسطورة. لكن إذا كانت قناة «الولائية الاستثنائية» تضم أكثر من مائة يتبعون للخدمة المدنية حقوقهم ثابتة من وزارة المالية سواء بقوا أو انتقلوا إلى مؤسسات حكومية أخرى.

فهل تستعين قنوات الولايات كذلك برجال ونساء الخدمة العامة حتى تجتاز قدراً كبيراً من التحديات؟! أم أنها ستكون قنوات تعليمية وتدريبية تستوعب خريجي قسم الإذاعة والتلفزيون لكليات الإعلام وتمنحهم شهادات التدريب والدورات والخبرة لترفد بهم «الثورة الإعلامية» بعد ثورة التعليم، إذا يمكن أن نسمع قريباً بهذا الاسم. نعم هي ثورة إعلامية فضائية فبعد ولاية الخرطوم انطلقت من ولايتي كسلا والبحر الأحمر، وقريباً من القضارف ونهر النيل. وربما حذت قريباً ود مدني حذو قناة الخرطوم، فتنتقل من البث الأرضي إلى الفضائي، على أية حال ولو بشكل غير معلن تبقى هي ثورة الإعلام الفضائي، لكن أين الأموال لهذه الثورة؟! فقناة الخرطوم تبقى استثنائية كما أشرنا آنفاً فهي قناة العاصمة ومجاورة للمؤسسات الاتحادية، وقنوات الولايات ستضطر ربما لنقل إستديوهاتها إلى الخرطوم، فالظروف التي حركت ملايين المواطنين من الولايات إلى العاصمة هكذا ستفعل بقنواتها.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]