رأي ومقالات

احمد يعقوب : (أن الخرطوم لو دخلت جحر ضبٍ خربٍ لدخلته جوبا معها)


وأزمة الوقود المفتعلة تطلُّ بعنف لتضرب بعرض الحائط بالاقتصاد اللقيط الذي ليس له أب شرعي.
ولا أحد فينا يعرف أي شئ عن هذا الاقتصاد، أهو رأسمالى أم اشتراكي أم هو اسلامي، أم خليط ما بينهما، والجملة الأخيرة هي ما يسير عليه اقتصاد الخرطوم المنهار وجوبا تتبعه، وأظن (أن الخرطوم لو دخلت جحر ضبٍ خربٍ لدخلته جوبا معها).
والحديث يقودنا سراعاً إلى مصطلح اقتصاد الريع العشائري، الذي يمكن أن ينطبق على جوبا بإمتياز. فالمنظور السلوكي والآثار المترتبة على هذه النوعية من الاقتصاديات المجهولة واللقيطة لديها آثارها الكارثية والخطيرة جداً حتى على مستوي الطبقات الاجتماعي.
والآثار السلوكية التي يخلفها اقتصاد الريع العشائري، في مجملها، لها آثار سيئة على البنية الاجتماعية للشعب، والهيكل الاقتصادي لدولة مازال المسؤليين فيها ينادونها بالوليدة (وأظنهم يعلقون فشلهم في إدارتها على هذه الكلمة).
ثم ماذا تكون عليه الدولة، وكيف تدار، وما مفهوم العلاقة بين السلطة والمواطن، في ظل هذا الاقتصاد المسؤول تماماً عن نمو طبقات تنفق ببذخ شديد، وتستهلك طاقة الدولة، وعن اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء.
ولمزيد من التعريف عن اقتصاد الريع العشائري، نحدّث ونقول، أنه اعتماد الدولة على مصدر دخل واحد، وهذا المصدر غالباً مايكون مصدراً طبيعياً ليس بحاجة إلى آليات إنتاج معقدة، سواء كانت فكرية أو مادية، كمياه الأمطار والنفط، بحيث تستحوذ السلطة الحاكمة على هذا المصدر وتحتكر مشروعيته.
ونخشي أن ينطبق تعريف كارل ماكس في كتابه (رأس المال) حيث قال (في الاقتصاد الريعي تقوى علاقات القرابة والعصبية، أما في التشكيلات الاجتماعية الرأسمالية، فتسيطر علاقات الإنتاج).
لقد أصبتُ بالغثيان وأفرغتُ ما في معدتي، رغم خلوّها من الطعام، عندما علمتُ أن بإمكان الحكومة أن تفتح جبهة قتال اقتصادية أخرى اذا وفقط اتجهت إلى الزراعة.
البترول، الدولار، البترول هو السلسلة الفقرية التي يمشي عليها اقتصاد جنوب السودان، وعليه تعتمد الميزانية، وما يحدث الآن أن أنبوب البركات إذا توقف عن ضخ بركاته، فهل من حل آخر؟
البطاطس، الطماطم نجلبها بالدولار من الجارة يوغندا بالدولار؟ ينهار اقتصاد جنوب السودان ليرتفع اقتصاد دولة أخرى وينمو نموا مذهلا خلال أعوام فقط.
ماهو البديل لمواجهة شح الأموال السائلة، ماهو البديل الآخر للبترول.
ويحدث أن مئات التركترات والآلات الزراعية التي تم جلبها تقبع هناك بعيدا، ولا أحد يستخدمها، ولا أحد يديرها، تصبح هذه التركترات مثل الأجهزة الكمالية في البيت (تلفزيون، حاسوب.. الخ).
والأرض، هذه الأرض عذراء، أرض بكر، كلما جاء فلاحيها لنزع غشاء البكارة عنها رفض مالكها الطلب وتكاسل آخرون.
أمة ترفض أن تزرع، ويتحدث الناس بكثرة عن الأمن الغذائي في جنوب السودان، والمجاعة والفقر والمرض.
أن تأكل مما تزرع، هذا يعني أنك تملك قرارك، أن لا تخضع لأحد، وهذا يعني أن لا أحد يبتزك، ومايحدث الآن هو العكس.
مئات الفدانات، بل الآلاف الصالحة للزراعة، ولكن لا أحد يلقي حجرا في بركة الزراعة الساكنة ليحركها من هذا الجمود.ا
المياه، نيل يجري، وآبار جوفية، مياه أمطار لا تنقطع إلا في شهور قليلة من العام، شمس لافحة وحارقة (وهذه للمساعدة في عملية التمثيل الضوئي) وأيدي عاملة ورخيصة ومتوفرة، ولكن لا تدري لماذا لا أحد يزرع أرضا؟
نريد زراعة اكتفائية لسد النقص في الاحتياجات الأساسية من الأغذية الاستهلاكية. ماذا تفعلون بهذه الأرض العذراء، يجب فض غشاء بكارتها وغرسها حتى تثمر لنحصدها بفخر وزهو، وهذا لن يحصل.
الكل يريد مكتب أنيق وعربة من نوع (ميث افول) وبذلات وكرفتات، وأحدهم يقول أن هذه هي الآفة التي يجب أن تقتص من جذورها. ماذا تنتظر من أناس كهؤلاء غير المزيد من الانهيار الاقتصادي، وهذا إن وجد اقتصاد من الأساس، لعدة أسباب، من ضمنها أن المصدر الوحيد للدخل هو البترول، وهو منزوع العواطف والدسم (أي من يستفيد منه هم أولي القربى)، ولا أحد آخر ولا الدولة.
إلى أين يسير هذا الاقتصاد، إلى أين تتجه الاستراتيجيات الحكومية لمعالجة هذه الأزمة التي أصبحت مثل العادة السرية، والتي يعترف الكل بأنها مضرة للصحة العقلية والنفسية والجسدية، بينما الكل يمارسها بتلذذ.
أحدهم وجّه سؤالا مباشراً إلى الآخر، قائلاً اذا لم تستطيعوا أن تديروا هذه الدولة فترجّلوا ودعوا آخرين يعتلونها، وبينما كنت أحلّل الموقف، أرهفت السمع مجدداً ليرد الآخر موعدنا معكم الانتخابات القادمة، والجملة استفزتني كثيراً، لينصلح حال الدولة هذه هل علينا أن ننتظر سنين عدداً؟؟؟.
جوبا : احمد يعقوب– صحيفة المصير


تعليق واحد

  1. ونحدث عن جنوب السودان 0000لن يتغير شئ لان المشكلة تكمن في الانسان الذي كان عالة على السودان وتدثر بثوب التهميش واستدر عطف الامم لينال استقلاله فتنكشف سوءته 000 لقد كنا محقين يوم قلنا انهم عالة علينا يقف احدهم بشارع الجمهورية ليعرض حذاء !!والارض بكر تنادي والسواعد الفتية تقف طوابير بالسوق العربي يعرضون نظارات شمسية !!!وهاهم بارضهم ونفطهم وحركتهم يواجهون نفس المصير ان لم يكن الاسوا!!!وشغلهم الشاغل تدمير السودان ولو ينفقوا ملئ الارض ذهبا في سبيل ذلك لفعلوا 0000!!!