التشكيل الحكومي .. هل يُغير أوزان مراكز القوة ؟!
بيد أن المتوقع أن تحدث تلك الحكومة تغييراً داخل المؤتمر الوطني حيث أعلن الحزب الحاكم عن تعديلات داخل مؤسساته قد تتزامن مع التشكيل ما يفسر أن تحولات ستحدث، وهذا يعني التأثير على مراكز النفوذ والقوة داخل الحكومة وإن شئنا المجموعة المتنفذة.
فأول التيارات هو التيار العسكري الذي يمثل وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ورئاسة الجمهورية بكري حسن صالح عماد أركانه وهما الأقرب للرئيس البشير، فالمؤسسة العسكرية باتت اللاعب الرئيس في المسرح السياسي سيما وأن رئيس الجمهورية من أبنائها وبالتالي من العسير إحداث تقليص في هذا التيار حتي ولو تم الإعلان عن حكومة «رشيقة» وإن كانت بوزن الريشة – وهذا مستبعد بل المتوقع حال طالت التغييرات الولاة أن يتم الدفع بولاة عسكريين وبدأت الخطوة بواليي جنوب دارفور اللواء آدم جار النبي وسبقه والي شرق دارفور اللواء أحمد فضل الله، بل أن المؤسسة العسكرية في ظل التحولات في دول الجوار قد تسعى لزيادة عناصرها ونفوذها في الحكومة غير متناسين أن إتفاق «نافع/عقار» الشهير الذي تم بمعزل عن الجيش تم إجهاضه في مهده.
التيار الآخر الذي عمد ومنذ زمن على التغلغل في الحكومة هو جهاز الأمن والمخابرات خاصة إبان عهد مديره المهندس صلاح قوش ومما يدعم تقدم هذا التيار أن الرجل المتنفذ في المؤتمر الوطني – د. نافع علي نافع – كان مديراً للمؤسسة الأمنية في التسعينات والآن بعض من قويت شوكتهم في الحكومة أمثال الوزير بمجلس الوزراء محمد مختار ينحدر من ذات المدرسة، ومن مؤشرات تقدم ذلك التيار هو التمدد في حكومات الولايات فعلي سبيل المثال راج وبقوة ترشيح وزير التخطيط بحكومة جنوب دارفور اللواء عيسى آدم ليكون والياً في نيالا في المرحلة المقبلة وكان مديراً لإحدى الإدارات المهمة في جهاز الأمن والمخابرات قبل فترة وجيزة.
ولذلك التياران «العسكري والأمني» و يري سياسيون تقليل نفوذهم على نسق د.الترابي « دحرجة العسكريين» فإن تمددها لن يتوقف خاصة في ظل الأوضاع الراهنة وتربص الجبهة الثورية وحركات دارفور، وهذان التياران سيعملان وبكل قوة على الإمساك بمقاليد الأمور والسيطرة على وزارات مهمة تعول عليها الحكومة في الفترة المقبلة مثل المعادن مثلاً – وزيرها الحالي كمال عبد اللطيف خريج المؤسسة الأمنية وزامل د. نافع في جهاز الأمن – كما وأن هذين التيارين لديهما أنصار من السياسيين أضحت قلوبهم مؤلفة بحكم وجودهم في الحزب والحكومة لفترات طويلة، من خلال صلتهم بالرئيس على الأقل مثل الوزير أسامة عبد الله وبالتالي يعني ذلك محاصرة السياسيين وبالقطع على رأسهم النائب الأول علي عثمان – ليس في شخصه بالطبع – وإنما في المجموعات التي ترى في طه إمكانية أن تُطرح أسماؤهم في الحكومة، ولذلك نلاحظ أن الشخصيات التي أفل نجمها من هذا التيار بل حتى تحاصرها قضايا تحوم حولها الفساد أمثال وزير الأوقاف الأسبق أزهري التجاني، ومن الأسماء أيضاً الوالي والوزير الأسبق الشريف بدر، ولذلك تجد مجموعات السياسيين من هذا التيار نفسها في المؤسسات والهيئات الكبيرة والتي المدير فيها بدرجة وزير وإن كان تيار الأمن والجيش زاحمهم مثل وجود رجل الأمن السابق مدير سلطة الطيران المدني محمد عبد العزيز.
وحتى محاولات الإسلاميين التقدم نحو كراسي الوزارة تبدو عصية من خلال الصلة القوية للأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن بالرئيس، كما وأن الجيش بات فاعلاً حتى داخل الحوش الإسلامي بتسمية الفريق أول بكري حسن صالح نائباً للأمين العام للحركة الإسلامية وبالتالي بات الجيش والأمن في «الحاءات الثلاث» – الحكومة، الحزب والحركة الإسلامية.
هذا الوجود الكبير قد يكون واحداً من أسباب خروج غازي صلاح الدين «تيار الإصلاح» خاصة وأن غازي حسبما جاء في كتاب «الترابي صراع الهوية والهوى» كان من أنصار إضعاف القبضة العسكرية وكان من المتحمسين لتسمية الترابي نائبا للرئيس خلفاً للشهيد الزبير محمد صالح.
ولذلك فإن أي محاولات للساسة لخلق وجود كبير لهم يبدو عصياً خاصة وأن قيادات بالوطني تركت أمر التشكيل للرئيس البشير وفوضته وحتى محاولات إحداث التغيير التي كانت ستتم عنوة جاءت هذه المرة بواسطة العسكريين أنفسهم «مجموعة ود إبراهيم» وقريباً منهم مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش والذي تمت تبرئته لاحقاً.
صحيفة آخر لحظة
تقرير : أسامة عبد الماجد:
ت.إ[/JUSTIFY]