السودان ( حكومة ومعارضة ) !!!
من الخطأ بمكان ان نظن ، او نتجاهل خطورة هذا الجرح الكبير في جسد ( المؤتمر الوطني ) ، الحاكم الان في السودان … هذا جرح غائر ، بكل مافي الكلمة من ( الم وصديد ) !!!
نخدع انفسنا قبيلة التيار العريض الداعم لحزب ( الآمر الواقع ) في السودان ، ( حزب المؤتمر الوطني ) ، ان ظننا ان الارض لم تميد بنا ، وما زالت !! نخدع انفسنا لو قللنا ، من خطورة هذا الانقسام الجديد ، وكمية الاحباط التي ادخلنا فيها رجالات المؤتمر الوطني ، وضعفهم المشين في رأب صدعهم الجديد ، هل ياترى عدم اهل المؤتمر الوطني جماعات الحل والعقد ، اهل الحكمة والروّية … صدق النابغة الجعدي :
ولا خير في جهل اذا لم يكن له
حليم اذا ما اورد الامر اصدرا
علي كل … يبدو الامر اصبح واقعاً ، ومؤلماً ، ومريراً ، وانا استمع واشاهد المقنع جداً الاستاذ حسين خوجلي في ( ساعة مع حسين خوجلي ) بقناته الرائعة ( ام درمان ) ،وهو ( يفاجئني ) ويهنئ دكتور غازي صلاح الدين ، بميلاد حزبه الجديد ، تحت مسمى ( حزب الاصلاح والنهضة ) … ياللكارثة !!! حسين خوجلي علق علي هذه التسمية قائلاً ، انه لا يوجد عصف ذهني ، في اختيار الاسم !!! وانا اتفق معه ولكن من الزاوية الابعد والاعمق دلالة … لا يستطيع دكتور غازي ( واحد علي رأس اعظم سياسي عالمنا المعاصر ) ولا مجموعته ، ان يتبرأوا فجأة ، من مجموع تاريخي ، يناهز ال ( 25 ) عاماً ، قضوها داخل اسوار هذه الحزب … نعم رغم وجود مذكرة هنا وهناك ، تطالب بالاصلاح ومعالجة الكثير من الثقوب ، التي لا ينكرها الا مكابر ..!!
كما ولا يمكن لنا علي الاطلاق ، تجاوز الحقيقة الاهم ، انهم لم يخرجوا من الحزب بإرادتهم هم ، بل اعلنوها للملأ ، اننا لن نترك حزبنا ( المؤتمر الوطني ) ولكننا سنحاول ما استطعنا ، الاصلاح من داخل الحزب و ( ما انبل واعظم ) هذا الفهم ، والتجرد والنكران … ولكن وبعد ان حدث الموقف الصادم من قبل رجالات المؤتمر الوطني في ( التشبث باستفزاز ) قيادات من حجم دكتور غازي صلاح الدين كان لابد مما ليس منه بد … ولكن لو كنت مكان مجموعة دكتور غازي صلاح الدين لما اخترت لاسم هذا الحزب بديلاً لـ( حزب المؤتمر الوطني الاصلاحي ) …!!!
لماذ يا ترى …!!! نخشى ما تخشاه ، ان تستنسخ لنا مجموعة الاصلاحيين ، نفس ملامح وشبه تجربة ( حزب المؤتمر الشعبي ) الذين هم الان يمارسون ابشع انواع الفجور ، الخصومة ضد حزبهم الذي بنوه ، وشادوه ، ورعوه طفلاً ، حتى صار رجلاً يشار اليه بالبنان …!!! وكأني بهم يخونهم ذكاؤهم ، ان ظنوا مجرد الظن ان اي تغيير قادم ، سيفسح لهم مجالا ، ولو ( كوة ضوء ) صغيرة …!!!
القادم ليس علي استعداد لان يصدق مبادئهم الجديدة ( المدعاة ) …!!! في نظر القادم !!! وللاسف الشديد ، والمؤلم ، انه الان بدأت الاصوات النشاذ من داخل ( حركة الاصلاحيين ) تمارس قولاً وفعلاً ، كل ممارسات (حزب المؤتمر الشعبي ) ، زائداً لهم بالطبع ، احزاب المعارضة ، في نقد وسلق تجربة المؤتمر الوطني ، التي هي تجربتهم بنفس ( ملامح وشبه جيناتهم الوراثية ) … كأن الذي كان لم يشاركوا في صنعه ، طيلة ال ( 25) عاماً المتطاولة هذه ، من عمر النظام …!!
ولذلك كنا نأمل ، الاعتراف المباشر ، والتصريح الرسمي المباشر لتدشين حزبهم … انهم هم نفس ( حزب المؤتمر الوطني ) ولكن بمفاهيم اصلاحية جديدة … عدا دكتور غازي صلاح الدين ، وقلة اخرى حتى الان اختارت عباراتها بدقة ، فالبقية كلها ، وقعت في المحظور … واكرر لو جاء تغيير قادم ترى اين سيوضع ( حزب الاصلاح والنهضة ) الجديد …!!!
لماذا نهدم الصرح الشامخ ، الذي بنيناه رغم تنكر احباب الامس لهم ..!! اننا نبحث عن الانا ( المفيدة ) ، والانا ( المهمة ) نحتاج لحزب بمفهوم ومواصفات جديدة ، غير متناسخة بالموروث الكرية المضاد ، دوماً من المعارضة لحزبها المنسلخة عنه ، او لاحزاب الحكومة القائمة …!!!
( حاشية ) قرأت مقالاً رائعاً للاستاذ سامي حامد طيب الاسماء في صحيفة اخبار اليوم .. اقتطف منه هذا الجزء يقول ( بات الانشقاق الذي حدث بخروج غازي بل قل باخراجه من المؤتمر الوطني قمين بالتمثل بما حدث ابان الاتحاد السوفيتي … لقد خاف اهل المؤتمر الوطني ( المتخصصون ) بشق الصفوف واثارة الفتن داخل الاحزاب … خافوا بعدما وجدوا بجلودهم ما فعلوه ( بالقرض ) … نعم لقد انشق المؤتمر الوطني وتبددت الولاءات وغازي لم يتحدث بعد وغازي لم يبح قط وغازي لم يطرح رؤيته المتجددة حول الدولة الاسلامية ولم يقل برأيه الجديد حول الدستور الاسلامي … اذن اول مراحل ( بروسترويكا ) غازي لم تخرج للعلن وستكون مخرجاتها وبالاً علي المؤتمر الوطني بأكثر مما فعل ( جور باتشوف ) بالاتحاد السوفيتي والشيوعية ) … انتهى كلام سامي حامد .
رسالة اخيرة لـ ( اصلاحي المؤتمر الوطني ) نريد حزباً يفاجئ الجميع بتميزه وتفرده ، وعدم تنصله من مسئولية ال ( 25 ) عاماً … نعم نريد حزباً يشبه دكتور غازي صلاح الدين ( هذه ليست طائفية جديدة لاننا نرفضها ) ولكنه إيمان عميق بنزاهة ، وبراءة ونقاء واستناره ، دكتور غازي …!!!
اذن يا ترى ، اين سيكون موقعنا ، وموقف كثيرين مثلنا… للاسف الشديد سنكون موزعين ، هنا وهناك … سنكون مع المؤتمر الوطني لانه الاجدر حتى الان بكثير من سوءاته وكثير من انجازاته وتضحياته … نعم لانه الاجدر امنياً ، وعسكرياً ، علي حفظ تراب الوطن ، من مؤامرات ومؤتمرات ، تحاك في الخفاء … اما خطواته الداخلية ، وبالذات في مجال محاربة الفساد ، فهي غير مقنعة علي الاطلاق ، نريد هزّة حقيقة في اطلاق يد كل الجهات القانونية ، وسلطة الصحافة التي اصبحت ( الاولى ) وليس الرابعة في ملاحقة الفساد ، حتى يشعر المواطن ( المغلوب ) و ( المكسور ) ، ان هنالك قدوة حقيقية … يمكن لها ان تضحي من اجلها !!!
وفي ضفة النهر الاخرى ، سنقف مع جماعة ( الاصلاح ) ، او الحزب الذي غيرت اسمه علي هواها من ( حزب الاصلاح والنهضة ) الذي اختاروه اسماً لاسم في تسميته شجاعه تغاير كل تجارب الاحزاب المتناسلة والمنشقة من احزابها ، نعم ( حزب المؤتمر الوطني الاصلاحي ) ..!!
نعم سنكون موزعي الهوى والعشق ، الى ان يأتي الله بالامر المفعول، الذي نتمناه امراً خيراً لكل السودان..!!
سادساً حزب الامر الواقع !!!
( حزب المؤتمر الوطني ) !!!
اكون ضمنياً ، قد اظهرت وابنت قراءتي ، للمشهد الحادث ، داخل اروقة حزب المؤتمر الوطني .. البوابة الامينة جداً والركيزة الضخمة وصمام امان السودان ، في زمان الدسائس ، والمؤامرات ، وازدواج المعايير ، والكيل بمكيالين ، لقد ابلى في هذه الثغرة بلاء لا تخطئه الا عين حاقد ومتربص .. تخيل لو قدر للسودان الان ان يشهد تغييراً للنظام الحاكم وجاء البديل ، وقضايا جنوب كردفان ، والنيل الازرق ، وكردفان ودارفور ، ( محلك سر ) لم تبارح مكانها … تخيل جيداً الاستهداف ، الذي سيكون مصوباً ، نحو اهم قطاعين في تأمين السودان ، ( الجيش والامن ) !!! محاولة اعادة بنائه الذي حتماً سيؤدي لاختراقات لا يعلم كوارثها ومصائبها الا الله …!!! كل ذلك لينفذوا من خلالها ، لضرب هويتنا العربية ، والاسلامية ..!!
ولكن المؤتمر الوطني كما ذكرت ، يحتاج للكثير والكثير من الانتباه وعدم المكابرة .. نعم الازمات المالية والاقتصادية اصبحت شأناً عالمياً ولكن تظل قضية الفساد ، تمثل هاجساً ، رغم قناعاتنا التامة ، ان بعضهم يتاجر بها لضرب حزب الحكومة في مقتل ، ولكن هذا لا ينفي ان تفعيل قوانين محاربة الفساد تظل ( سلحفاوية ) جداً ..
كما وان من الاخطاء القاتلة اننا نفرط في اعداد مقدرة ، من معارضي النظام ، الذين كانوا بالداخل رغم سوءات ، وبشاعات الكثير منهم والتي لا تحتاج لذكر اسماء ، ثم بعد ذلك نبدأ الكرة من جديد ، لمحاولة اعادتهم للداخل بأبهظ الاثمان …
ولماذا نذهب بعيداً حتى الجزع الاصيل ، الذي استأصلوه بإرادتهم ، من المؤتمر الوطني ( الاصلاحيون ) غداً او بعد غد ، سنسعى من اجل عودتهم ، لاحضان الحزب … ترى كم ستكون التكلفة …!!!
واخيراً حزب الكنبة !!!
عبقرية الدولة المصرية في ( نجر ) و ( صك ) العبارات والمصطلحات ، هي التي صكت هذه العبارة ، ( حزب الكنبة ) اي الجمهور ، او الشعب غير المنتمي ..تذكرني دائماً ( بنجر وصك ) ، المفكر والمنظر ، السيد الصادق المهدي ، للكثير من ادبياته السياسية المتناهية في العمق ، والدلالة ، والبلاغة ، حتى سارت بذكرها الركبان ، والرهبان ، رغم تحفظي الشديد علي السيد الصادق ( السياسي ) ..!!
ننكر ونكابر ، وننافق ، ان لم نقل ان ( حزب الكنبه ) في السودان يعاني الامرين ، في معاشه اليومي … معاناة ليست بعدها معاناة .. ولكنني لن امسك العصا من وسطها ، لو خيروني بين اثنين فعلاً لا ثالث لها ( الامن ) ام ( الجوع ) لن اتلعثم ولن اتردد في اختيار ( الامن ) … سأربط علي بطني ، وسآكل الكسرة بالماء ، من اجل الامن ولكن ليس علي ( بياض ) للحكومة .. نعم ، لابد ان ارى القدوة امامي .. نعم الكثير من التهم ظالمة ومجحفه ولكن بالمقابل الكثير من التهم حقيقية مائه بالمائه .. لابد ان نتجرد لكي يحبنا شعبنا ويشدّ من ( عضضنا ) …!!!
بنظرة واحدة فقط لما يدور حولنا في سوريا وفي العراق وفي ليبيا وفي مصر وبصورة اقل في تونس ولبنان ، يجعلنا لا نتردد علي الاطلاق ان نعلنها وبالصوت الداوي ضاعفوا قدر استطاعة ميزانية دولة السودان في الصرف علي ( الدفاع والامن ) لم يعد في هذا العالم ، بصيص امل ( لثوابت اخلاقية وانسانية ) وانما الثوابت هي حكم ( القوى علي الضعيف ) نحن نريد ان نستخدم قوتنا في رفاهية شعبنا ، ومن بعد ذلك ، دعم الشعوب المستضعفة واقالة عثرتها ..!!
صحيفة اخبار اليوم[/JUSTIFY]