د. هاشم حسين بابكر : مأساة السودان !
لذلك تجد النظام في حالة قلق، رغم أنه على سدة الحكم ربع قرن من الزمان، فالنظام يواجه واقعاً جديداً، يعجز عن أن يتعامل معه!!
فالسودان يطلب التغيير، والتغيير الذي سيجريه النظام لا يفي بالمتطلبات حتى وإن تخلى عن السلطة، وهذا أمر مستبعد، فالتغيير المطلوب هو إرساء دعائم نظام سياسي ذي توجهات اقتصادية تستطيع استعادة وحدة البلاد وتحقيق الأهداف التي يطمح فيها الشعب!!
فالذي لا يبحث عنه النظام الحاكم هو كيفية الخروج من الواقع السياسي، بل يريد أن يرفد النظام بما يسميه بشباب المؤتمر الوطني، وهذه في حد ذاتها مأساة. فالمؤتمر الوطني رغم أنه حزب النظام إلا أنه حزب ضعيف، وضعفه ناتج عن أنه حزب تمت صناعته وهو يلتزم بأهواء ورغبات صانعيه، وضعف المؤتمر الوطني نابع من ضعف المعارضة، وهذا أمر منطقي فما دامت المعارضة لا تمثل تهديداً سياسياً للنظام الحاكم، فإن النظام وحزبه سيركنان إلى حالة استرخاء دائماً ما تكون نتيجتها الفساد وعدم الإحساس بالمسؤولية!
ولو نظرنا إلى كيف يُدار نظام الحكم لوجدنا نوعاً غريبًا من الثنائية، المؤتمر الوطني «وهو كلاشيه سياسي عديم التأثير» والحركة الإسلامية التي، لا يؤثر عليها المؤتمر الوطني لكن تأثير الحركة الإسلامية على المؤتمر الوطني واضح، فالذي يلحظه المراقب من الوهلة الأولى أن أعضاء الحركة الإسلامية هم من يقودون أمانات المؤتمر الوطني!! وهم بدورهم يُدارون من وراء حجاب!!
ليس بالضرورة أن يكون العضو بالمؤتمر الوطني عضوًا في الحركة الإسلامية ولكن من الضرورة بمكان أن يكون العضو في الحركة الإسلامية عضوًا بالمؤتمر الوطني، هذا بالرغم من أن ما يسمى بالحركة الإسلامية ليس له وجود قانوني، فهي حركة مبهمة المعنى، فهي مفهوم يعكس الحراك الإسلامي في ظواهره المختلفة من سنة وشيعة وصوفية وأهل سنة، وحتى الإسلام السياسي يمكن أن يندرج تحت مفهوم الحركة الإسلامية الواسع الذي أراد البعض حصره عليهم فقط كما أنه ليس في سجلات مسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية ما يفيد أن ما يسمى بالحركة الإسلامية لها سجل يقنن وجودها!!.
دور الحركة الإسلامية في نظام الحكم أصبح دوراً باهتاً دون تأثير، ضعف المؤتمر الوطني، وإضعاف الحركة الإسلامية جعل الأمر في يد رئيس الجمهورية الذي أصبح بقاؤه في الحكم ضماناً لبقاء كل من المؤتمر الوطني وما يسمى بالحركة الإسلامية، فإذا رفض رئيس الجمهورية عدم ترشيح نفسه لولاية أخرى، فعلى كل من المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أن يختفيا من المشهد السياسي بمحض إرادتهما، فالاثنان لا يقويان على البقاء إلا بوجود الرئيس رئيساً!!
منذ ربع قرن من الزمان، لم يسعَ لا المؤتمر الوطني ولا الحركة الإسلامية لإعداد جيل يتولى إدارة البلاد، وهذا واقع لا يستطيع نظام الحكم إيجاد كيفية للتعامل معه!!
أي نظام حكم هذا الذي يُربكه غياب شخص واحد عنه؟!، أقول لأهل الحركة الإسلامية الذين يحكمون «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم».. قائد الإسلام الأول قال «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدًا.. كتاب الله وسنتي»
إن الذي يحكم هو المنهج، هي المؤسسية، وليس الملك أو الرئيس أو الأمير، بل إن دولة الإسلام أخذت أبعادها الحقيقية بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث انتشر الإسلام في كل العالم، وهزم المسلمون أمريكا واتحاد سوڤيت ذلك العصر ودانت لهم الدنيا كل هذا تم خلال اثني عشر عامًا حكم فيها الفاروق عمر عليه رضوان الله وسلامه!!
السؤال المطلوب الإجابة عنه هو ليس من يحكم السودان ولكن كيف يُحكم السودان هذا ما يتوجب علينا التفكير فيه!!
صحيفة الإنتباهة
ع.ش