[ALIGN=CENTER]موظفون غيرُ قابلين للتداول [/ALIGN]
في زمن استهوت فيه لعبة الأسهم السواد الأعظم من الناس حتى أصبحت حديث المجالس الوحيد الذي لا يُمل من الترديد ، فلأجلها حزموا الحقائب وتحملوا كل المتاعب ، وجعلت منهم المغامر والمقامر وهناك المستفيد من الخسائر وهو الهامور ، ولا أدري حقيقة لماذا سُمي بالهامور فأنا لم أسمع سوءاً عن هذا النوع من الأسماك ، كما أن الهامور البحري ليس بتلك البشاعة أو الوحشية التي يتميز بها المنتحل لشخصيته ألا وهو الهامور البشري ، بل إنه يتميز بأسنانه الطفولية التي لا تَهِشُّ ولا تَنِشُّ ، كما أن منظره كما أراه يدل على الغباوة أو الدلاخة حسب وصفنا الشعبي ، ولكن لله في خلقه شؤون ، أعود فأقول بأن لعبة الأسهم لم تعد قاصرة على صالات البنوك بل وصلت إلى مختلف الإدارات في مختلف القطاعات ، وبدأ بعض المديرين في الاستفادة من خبراتهم المتراكمة في التداول المباشر وغير المباشر في تحويل إداراتهم إلى (صالات) وموظفيهم إلى (أسهم) ، بحيث يبدأ التداول في سوق الإدارة مع بداية الدوام الرسمي ، وإذا كان التقسيم في سوق الأسهم يتم على أساس القطاعات وإلى أسهم استثمار وأسهم مضاربة ، فإن هوامير الإدارة هؤلاء لديهم تقسيماتهم الخاصة التي تجعلهم يتحكمون في السوق ويعبثون فيه صعودا ونزولا كما يحلو لهم دون خوف أو حياء ، فتجدهم يحلقون بأسعار الموظفين صغار النفوس وصغار الهمم وصغار المبادئ ، فريق التطبيل والتزمير في الفضاء ، أما أولئك الموظفون الشامخون بقوة إيمانهم ، المنيعون بمبادئهم وقيمهم ، الأعزاء بحبهم لوطنهم فيهبطون بأسعارهم إلى القاع ويجعلونهم في الحضيض ، لأنهم غير قابلين للتداول وخارج المساومة ، فكان لا بد من جعلهم عبرة لكل من تُسوِّل له نفسه أن يكون مرآة تكشف فسادهم وطغيانهم ، وليدفع الوطن الفاتورة الباهظة لكل ذلك من خيرة شبابه ورجاله المخلصين ، ولكن هيهات هيهات لهؤلاء المتاجرين بالوطن أن ينجحوا إلى ما لا نهاية ، فإذا كانت الهيئة المشرفة على السوق قد ضَعُف بصرها وفَقَدت سمعها وتهالكت صحتها ولم تعد تَقوَى سوى على الشخير المزعج ، فالوطن غني بأبنائه الشرفاء الأوفياء الذين امتلك مشاعرهم وأفئدتهم ، فاستعذبوا في سبيل رفعته كل شيء مهما بلغت قسوته وألمه ، وعليه فلا بد للحقيقة أن تشرق ، ولا بد لهذه السوق أن تتعرض لهزة تصحيحية قوية تفوق انهيار سوق (المناخ) والاثنين الأسود لسوق (وول ستريت) حتى يعود له توازنه واتزانه ، وتظهر كفاءته الحقيقية ، وصدق الله عزوجل إذ يقول {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} .
أحمد بن محمد اليماني
كاتب سعودي
Alyamani905@yahoo.com