رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : مقاطعة «الترابي» بعد محاولة سرقة الانقلابيين

[JUSTIFY]منذ الآن وبعد التشكيل الوزاري الجديد مباشرة أعلن حزب المؤتمر الشعبي إنه سيقاطع الانتخابات القادمة التي تعتبر الثانية بعد نقطة التحول السياسي في البلاد التي شكلتها اتفاقية نيفاشا. ومعلوم أن الانتخابات الفائتة كان قد رشح فيها عنه الشيخ عبد الله دينق نيال الوزير المقال مؤخراً من حكومة جوبا، ولم يكن ترشحه لاحتمال فوزه وحكمه للبلاد لمدة عام إذا انفصل الجنوب أو أربعة أعوم إذا فرضت الحركة الشعبية على الجنوبيين الوحدة التي لم تكن تهم سكان الجنوب وهم الأغلبية بين كل الشعب الجنوبي، وإنما كان ترشحه كتعبير سياسي محرج للمؤتمر الوطني ويعني أن حزب الترابي يهتم بالوحدة مع الجنوبيين، وإنه لا يتسنى له أن يفضل الانفصال على «وحدة قرنق» كما يفضله عليها «نافع» حسب تصريح له سابق. لكن لماذا استعجال إعلان مقاطعة الانتخابات التي ستنطلق إجراءاتها بعد قرابة العام ونصف العام «سنة وأربعة أشهر»؟! ولماذا لا يفكر الحزب منذ الآن في الاجتهاد التنظيمي لكي ـ على الأقل ـ يفتح مجالاً للحديث عن احتماله كسب الفوز من خلال قراءة الواقع؟! ثم هل يحق لمن يقاطع الانتخابات قبل بدءها بهذه المدة الطويلة أن يتهمها بالتزوير بعد إعلان نتائجها إذا كانت لصالح حزب المؤتمر الوطني الحاكم؟! وإذا كان في اعتقاد المؤتمر الشعبي أن حزب المؤتمر الوطني سواء فاز بالرئاسة أو لم يفز لن يتخلّى عن السلطة، فإن مقاطعة الانتخابات التي تكون تحت أعين الرقابة الدولية، لا تعني الرد المناسب والحكيم، وإنما الحكمة في أن يخوض الانتخابات ويسجل الملاحظات ويدخل ببعض قياداته البرلمان مثل الدكتور إسماعيل حسين ليشكل معارضة برلمانية تستدر عطف الجماهير وتستميلهم لحزبه. لكن إعلان مقاطعة الانتخابات في هذا التوقيت وبهذه الطريقة فهي ليست منتوجات دنماركية. والمقاطعة أيضاً تمثل راحة بال للحزب الحاكم بحسب منطق حزب الترابي الذي أعلن به المقاطعة. وإذا كان حزب الترابي قد قدم في الانتخابات الفائتة مرشحاً من أبناء الجنوب رغم إرهاصات الانفصال القوية قبل إجراء استفتاء تقرير المصير، فمن الأفضل أن يقدم هذه المرّة مرشحاً من جهة أخرى من إقليم لم يأتِ منه حاكم للسودان. الخليفة عبد الله جاء من إقليم دارفور، والأزهري جاء من إقليم كردفان والبقية من الإقليم الشمالي.

لكن السؤال هنا إذا كان زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي حاول من قبل المفاصلة أن يقنع إخوته بأن الحكم ينبغي أن ينتقل من العسكر الذين لعبوا دور إنجاز المرحلة الأولى مرحلة العسكرتاريا إلى قيادة الحركة الإسلامية المدنية لتنفيذ المشروع السياسي. فلماذا لا ينافس هو في الانتخابات بعد المفاصلة؟! هل يتخوف من مصير عباس مدني ونجم الدين أربكان وإسماعيل هنية ونواز شريف ومحمد مرسي؟! عليه ألا يتخوف لينضم في قائمة هؤلاء الحكام المنتخبين الذين كتب التاريخ الديمقراطي أحرفهم من نور. لكن هل سيفوز أم سيكون مصيره مثله عام 1968م في دائرة المسيد وعام 1986م في دائرة الصحافة وجبرة وقد سقط فيهما؟!

هل كان الترابي يريد محاولة سرقة «الانقلاب» الذي وقع في 1989م، كما قيل إنه حاول سرقة انقلاب 25 مايو 1969م حينما قال نائب نميري اللواء «م» عمر محمد الطيب رئيس أمن مايو إن الترابي بعد المصالحة وتطبيق الشريعة قال انتهى دور الحاكم المجاهد الذي هو نميري وجاء دور الحاكم العالم الذي هو الترابي نفسه؟! سمعنا عن سرقة الثورات في الجزائر وفي مصر، وها نحن هنا نسمع عن محاولة سرقة الانقلابات. ذلك لأن اليأس من تحقيق الفوز في الانتخابات يقود لمحاولة سرقة الانقلاب. لكن من في هذه الدنيا قام بانقلاب تحت الظلام مغامراً ليأتي ويقدمه في طبق من ذهب لآخر حتى ولو كان زعيماً مبجلاً؟! إن تسليم الحكم يمكن أن يكون لحزب فائز لكن لا يمكن أن يكون منحة إلا في ظروف خاصة جداً وقد تكون غامضة جداً. وهذه الظروف الخاصة والغامضة لا يعرفها السودان.

كانت تقف أمام الترابي وحزبه فرصة سياسية ذهبية منذ المفاصلة لكنه تعامل مع الأمور وكأن الدنيا ستنتهي بنهاية عمره. فلم يشهد الرسول صلى الله عليه وسلم فتح الشام والعراق وفارس ومصر وشمال السودان الذي كان في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان المطلوب من الترابي وضع نظرية سياسية منذ عام 1989م لا تعتمد حرق المراحل لصالح المشروع السياسي الإسلامي، «لكنهم كانوا يستعجلون».. وكأنه مشروع شخصي ثمرته أن يحكم الترابي السودان ويلوح بيده منذ اللحظة الأولى ولسان حاله يقول لخصومه «ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. الترابي لن يترشح لانه تجاوز الثمانين وليس لانه يخشى من ذكرتهم ، ثم ان الانتخابات التي تحت حكم المؤتمر الوطني تحتلف عن انتخابات تسبق استفتاء ومراقية ضمن اتفاقية نيافاشا ، اضف الى ان التزوير الذي حصل في الانتخابات الاولى لا يشجع احدا على صرف امواله في انتخابات ينافس فيها حزب مزور كالمؤتمر الوطني ، على الكاتب ان يعلم ان للمؤتمر الشعبي قواعد في الجنوب وفي كل ولايات السودان لا يتأثر بموت الترابي ولا حياته .