إفريقيا الوسطى.. الخطر يتعاظم على حدود السودان
لكن التصعيد المستمر للأوضاع الأمنية في دولة إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان، يتجلى بتدخل واحتلال القوات الفرنسية للمرة الثانية في القارة الإفريقية عقب تدخلهم في ساحل العاج ضد الرئيس لوران غباغبو ثم ليبيا ضد معمر القذافي وأخيرًا في مالي خلال الأعوام الماضية، إن الخطاب الفرنسي الرسمي هو الاحتلال باسم «الدعم الإنساني» وحماية المدنيين في إفريقيا الوسطى من القتل، لكن «الكتاب الأبيض» للدفاع والأمن القومي الذي أصدرته وزارة الدفاع الفرنسية في شهر أبريل «2013»، حول القواعد العسكرية الفرنسية الموجودة في جيبوتي وتشاد وساحل العاج والسنغال والغابون وإفريقيا الوسطى إلى مراكز تجارة و تعاون للدول الفرنكوفونية، لذا فإن الهدف من وراء الوجود العسكري هو تمكين الاقتصاد الفرنسي من أسواق جديدة للخروج من أزمته بخلق «200» ألف موطن وظيفة وتضمن له مساحة قارة أمام الزحف الصيني، بجانب ضمان التصدي لمكافحة الإرهاب في مناطق النفوذ الفرنكوفوني، وبحسب صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية الصادرة أمس فإن الرئيس فرانسوا أولاند يعتزم العودة إلى بانغي خلال الأسابيع المقبلة، رغم أنه في زيارته الأسبوع الماضي اضطر أن يبقى محاصرًا لأسباب أمنية في منطقة مطار مبوكو ولم يتمكن من دخول العاصمة بانغي.
وعلقت صحيفة لوفيجارو الفرنسية على التدخل الفرنسي في إفريقيا الوسطى قائلة إن عملية «سنجاريس» صارت في وضع لا يؤهلها للنجاح فقد أسيء تحديدها منذ البداية كما تم فيها الاعتماد على شركاء أفارقة وأمميين عاجزين تقريبًا، وأن تدخل فرنسا زاد العنف في إفريقيا الوسطى، رغم أن الهدف من العملية السماح بعودة الهدوء لاستئناف عملية سياسية تؤدي إلى إجراء انتخابات، لهذا فإن الاحتلال الفرنسي غير المعلن لإفريقيا الوسطى أدى إلى اندلاع أعمال العنف بين الأقلية المسلمة والأغلبية غير المسلمة وأدى إلى بدء مرحلة من الانتقام يصعب حاليًا إيقافه، ومن ثم فإن فرنسا تتحمل المسؤولية الكاملة إزاء الفوضى الجارية في إفريقيا الوسطى خاصة أنها تلعب على الوترين معًا الأول مع الرئيس الانتقالي ميشال دجوتوديا والثاني مع وزير الدفاع السابق الذي يقود النزاع الحالي ضد الحكومة بقيادة فرانسيس نجل الرئيس السابق فرانسوا بوزيزيه، وبحسب مصادر «الإنتباهة» فإن نجل فرانسيس بوزيزيه دخل العاصمة بقواته لكن تراجع خارجها حاليًا حيث يبعد «30» كليو مترًا فقط خارج العاصمة، ويشير المصدر إلى أن التدخل الإقليمي في إفريقيا الوسطى بواسطة أوغندا والنيجر وعدة دول أخرى سيجعل من إفريقيا الوسطى ساحة للحرب بالوكالة بين عدة جهات إقليمية أخرى مما يؤثر تلقائيًا على الأمن القومي السوداني رغم وجود القوة العسكرية المشتركة بين السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى.
ومن الجانب الآخر فإن الاحتلال الفرنسي يبدو أنه يسعى لتكرار سيناريو المعارضة التشادية عندما دخلت العاصمة إنجمينا من قبل وساعدت فرنسا إدريس ديبي على العودة بعد أن قدم تنازلات لهم، لذا فإن الاحتلال الفرنسي يحاول أن يضغط على الرئيس الرئيس الانتقالي ميشال دجوتوديا عبر نجل الرئيس السابق فرانسيس فرانسوا بوزيزيه حتى يقدم الرئيس ميشال تنازلات لفرنسا تمكِّنها من السيطرة على مفاصل البلاد، وحتى أمس قام الرئيس ميشال بإعلان أنه على استعداد للحوار مع مجموعة الرئيس السابق المسلحة مما يعني أنه رضخ لضغط الاحتلال الفرنسي الذي سوف يستبيح ثروات إفريقيا الوسطى من يورانيوم وغيره.
صحيفة الإنتباهة
المثنى عبدالقادر
ع.ش