رأي ومقالات

أحمد يوسف التاي : رسالة د. غندور للمتشككين

[JUSTIFY]«والآن جلوسي بالقرب من د. نافع في اللقاء رسالة للمتشككين الذين يروجون لمعارك وخلافات أدت للتغيير الذي شهدته قيادة المؤتمر الوطني.»… هذا ما قاله البروفيسور غندور وهو يبدو في إحدى اللقطات المنشورة بعدد من الصحف جنبًا إلى جنب مع د. نافع… ولكن في الواقع أن هذا الحديث يزيد الشك يقينًا، فمن قال إن هناك خلافًا ما بين غندور ونافع، وهل وقوف البروف بالقرب من د. نافع هو دليل قاطع على عدم وجود خلافات؟ وهل هذه فعلاً رسالة دامغة للمتشككين الذين يروجون لهذه الخلافات؟ وما الذي يدفع مساعد الرئيس لنفي الخلافات بتقديم هذه الحجة الضعيفة؟ فليس صعبًا أن يصنع أي سياسي مثل هذا الموقف ليبرهن به على عدم وجود خلافات إذا ارتأى أن الترويج لها سيعقد هذه الخلافات خاصة إذا كانت هناك مساع لاحتوائها.

إن وقوف البروف غندور بالقرب من د. نافع ليس دليلاً على سلامة جسم المؤتمر الوطني من جرثومة الخلافات الفتاكة، فوالله ما أراه أقام حجة تقنع أحدًا بل عزز الشك في نفوس المتشككين.. والآن نذكر البروف غندور بوقفة الدكتور حسن الترابي جنبًا إلى جنب مع الرئيس البشير قُبيل المفاصلة وهما يقفان على إحدى المنصات والترابي يمسك بيد البشير ويرفعان أيديهما إلى أعلى أنه ليست هناك خلافات، وقال الترابي وقتها إن الحديث عن وجود خلافات بيننا أحلام الواهمين ورجاءات المرجفين وإننا جسم واحد، وما إلى ذلك من الحديث الذي يخالف الواقع الذي كنا «نكتبه»، وإذا كانوا قد قالوا بالأمس إن هذه الوقفة رسالة للمتشككين والمروجين للخلافات، فإنهم اليوم يقولون ذات الكلام يضاهون به قول الذين سبقوا، وراح يومذاك «ببغاوات» الحكومة يدلقون أحبارًا لتثبيت تلك الرسائل الكاذبة في الأذهان، ويقولون إن «جهيزة » قطعت قول كل خطيب، وما هي إلا أيام معدودات فإذا بجهيزة نفسها «تُقطع» أوصالها وتخرج مذمومة مخذولة، وتنفجر الخلافات المكبوتة، ولم تجدِ الوقفات المصطنعة، والأحاديث التي تخالف الواقع.

وخلاصة القول الذي نريده هو أن مثل هذه «الوقفات» التي تكون مصطنعة في بعض الأحيان ليست دليلاً على عدم وجود خصومة أوخلاف، كما أن الابتسامات «الصفراء» التي يتبادلها السياسيون ليست دليلاً على الصداقة والحميمية بينهم، فكم من سياسي يلقى غريمة بابتسامة عريضة في سرادقات العزاء والمناسبات السعيدة، ولمّا يخلو إلى نفسه يعضُّ عليه الأنامل من الغيظ ..
وأخيرًا أقول إن الشعب السوداني ليس مشغولاً بخصوماتكم وخلافاتكم وعدمها بقدر ما إنه مهموم بتوفير خبز العيش الحاف لعياله في زمن انفلتت فيه الأسعار من عقالها وبلغت الضائقة المعيشية منتهاها، والشعب السوداني ليس بحاجة إلى مسؤول يقف أمامه ليُثبت له عدم وجود خلافات ولكنه بحاجة ماسة إلى من يتخذ قرارات شجاعة لكبح جموح الغلاء وفوضى السوق، ولجم عتاة المفسدين، والطفيليين الذين أمعنوا ولا يزالون في امتصاص دماء المسحوقين الغلابى.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]