الجزيرة.. التشريعي والحكومة.. مغازلة خشنة
فالأعضاء التشريعيون أقصى ما يمكن أن يفعلوه أنهم طالبوا بمحاسبة المخالفين دون أن يسموهم بأن تُتخذ ضدهم إجراءات قانونية فورية وذهبوا في ذات المنحى بالدعوة للحد من ظاهرة التجنيب .. وهي ذات الظاهرة التي أرهقت اقتصاد الدولة السودانية في حالة أشبه بمستعمرات أو إمبراطوريات صغيرة داخل دولة واحدة فاختل الميزان الاقتصادي والتنموي والخدمي بالجزيرة لأن ظاهرة التجنيب تُعتبر من أخطر أنواع الفساد المفضوح ومع هذه الظاهرة ضعفت إدارات الرقابة وآليات المراجعة الداخلية ويمتد الخطر الذي عناه تقرير المراجع العام أمام نواب تشريعي الجزيرة في مداولاتهم أمس الأول إلى الدعوة بلطف بأن تخفف حكومة البروف الزبير بشير طه هجمتها على المال العام عبر مطلوبات الصرف الحكومي.
كان ينبغي لهؤلاء النواب أن يُعلوا من شأن الممارسة البرلمانية ويردون ذاك الوفاء القديم لشعبهم الذي حملهم على أكتافه إلى قاعات المجلس وبراحاته لكن يبدو أنهم انشغلوا كثيرًا بحصد المتاع وامتيازات (المقعد) فسقط رهان القواعد وطال انتظارهم.
كل تقارير المال العام في الدنيا تُستخدم فيها أعلى درجات الشفافية والنزاهة تبرئة للذمم وإخلاصًا واستجابة لقيمة التمثيل النيابي والتزاماته.. كثير من الحقائق غابت عن تقارير المراجع العام بالجزيرة هل لدواع فنية أم (تغييب) متعمد لم يشر التقرير إلى أي بلاغات فتحت في حق المتلاعبين بأموال الجزيرة ولم يوضح كذلك التقرير كيف وقعت الجريمة ولماذا وأين وقعت؟ من الواجب للمجلس التشريعي أن يتجاوز حدود التوصية بالمعالجات أو التسويات المالية إلى مرحلة فتح البلاغات في النيابات الخاصة بالمال العام على أن يكون الفصل فوريًا لأن التراخي في مثل هذه القضايا يُدخل الولاية بكاملها في حالة اهتزاز داخلي تتعطل معها معائش الناس وخدماتهم.
ليس بمقدور تشريعي الجزيرة أن يأتي بأفضل من هذا التقرير (المحسن) لأن الصوت الذي يتحدث برؤية النصف الثاني من الكوب لم يكن ضمن مكونات هذاالمجلس وبالتالي فإن قبطان السفينة يقودون سفينتهم إلى وجهة واحدة وعبر سكة واحدة.
قضايا كثيرة كان ينبغي لهؤلاء النواب أن يجعلوها من أجندتهم الحاضرة والحاسمة في دورتهم الحالية ولكن المجلس يبدو أنه استكان واستراح بهذا الطريق الأحادي لأن الصوت الآخر لم يكن ضمن مكونات المجلس، كان من الأوجب تفعيل مسؤولية المجلس في شأن الأراضي وفسادها والتعليم وتعقيداته والأسواق وجنونها وانفلاتاتها والخدمات وعذاباتها والمسرح السياسي واحتقاناته، وكان يجب أيضًا أن تتسع قاعدة الرقابة إلى أدنى حلقات الحكم المحلي في المحليات ومجالسها ولجانها الشعبية فهناك ركام خرب من الفساد والإفساد
وقبل أن يشهر (القصر) كرته الأحمر في وجه هذه البرلمانات الولائية يجب أن تركب هذه الولايات وبالأخص الجزيرة موجة الإصلاح التشريعي والرقابي.
صحيفة الإنتباهة
عبد الفتاح
ع.ِش