دولة الجنوب وغياب الدور السوداني
مخاوف كثيرة تلك التي انتابت أهل السودان خاصة والمجتمع الدولي عامة عند إعلان دولة جنوب السودان دولة مستقله .. وظلت هذه المخاوف تلازم كل المراقبين للاوضاع في دولة جنوب السودان برغم مضي اكثر من عامين مما يشبه الاستقرار الذي شهدته هذه الدولة الوليده .. وتظل مشاعر الخوف تسيطر و تنتاب اهل السودان خاصة لمعرفتهم بطبيعة تكوين المجتمعات القبلية في دولة جنوب السودان وطبيعة الصراع القبلي الذي يلقي بظلاله حتماً على السلطة الحاكمة وأن حاولت عبثاً أن تتمثل بغير ذلك، اذن نحن ومع مجريات الأحداث التي بدت على المشهد السياسي اليوم تسيطر علينا وقائع تمثل مشهداً خطراً يمضي في تكوينه كل ما هو خفي حاولت كل القيادات الجنوبيه اخفاءه وهي تحتفل بإعلان استقلال دولة جنوب السودان عن السودان الكبير .
تتأكد تماماً الصورة القاتمة
وبالعودة لمجريات الأحداث اليوم تتأكد لكل مراقب للأوضاع في دولة جنوب السودان وبمجرد استدعاء الذاكرة والبحث في طبيعة الصراعات السياسيه والقبليه بين القيادات الجنوبيه ..تتأكد تماماً الصورة القاتمة التي يمكن ان تجعل من جنوب السودان مسرحاً لأحداث خطرة في شكلها وتنوعها مما يجعل طبيعة اللأجواء مهيأة لحرب اهليه تمتد آثارها الكارثيه لتقضي علي كل الآمال والاحلام الجنوبيه في قيام دولة جنوب السودان.
سيمضي هذا الصراع إن لم تنطفيء ناره سريعاً
الشاهد أن هذا الصراع سيمضي إن لم تنطفيء ناره سريعاً لتكون أخطر إفرازاته ضياع القبائل الصغيرة التي لن يكون أمامها أي خيار غير خوض أتون الحرب القبلية إلى جانب إحدى القبائل الكبيرة (الدينكا) أو (النوير) أو (الشلك) .
وللسودان النصيب الأكبر
وسيمضي هذا الصراع لتتحمل كل الدول المجاورة لدولة جنوب السودان ..وللسودان النصيب الأكبر لافرازات هذه الحرب والتي ستتمثل في لجوء مئات الألوف من اللاجئين من أبناء شعب الجنوب حيث يمثل السودان الملجأ الافضل بالنسبة لكل جنوبي باعتبار معرفته وقدرته علي التعايش والاندماج في وطن كان يمثل له بالامس القريب وطناً كبيراً.
ألجمته تصريحات القادة الجنوبيين المقتتلين من كل الأطراف
وبالرغم مما ذهب اليه خيال بعض المراقبين ومع بدايات الأزمه الجنوبيه من ان السودان قد يكون ضالعاً فيما يحدث ..الا ان خيالهم الجامح هذا قد ألجمته تصريحات القادة الجنوبيين المقتتلين من كل الأطراف ..حيث بدا واضحاً ألا مصلحة للسودان في أن يؤجج أو يغذي أو يدعو لاي نوع من انواع الصراعات التي تشهدها دولة جنوب السودان الان او التي ستشهدها في المستقبل .
ما يهم السودان ويسعى إليه
ويبقى العكس تماماً هو الصحيح إذ أن ما يهم السودان ويسعى إليه هو أن تظل دولة جنوب السودان في حالة استقرار دائم لينعكس ذلك علي حركة الحياة بين البلدين وهي حركه متميزة لا يمكن الاستهانه بها ولها عدة اوجه تتمثل في حركة الانسان من الجانبين عبر حدود تقارب الالفين كيلو ..لتتبعها حركة تجاريه ضخمة ..وتنسيق دبلوماسي وسياسي في قضايا اقليميه تتأثر بها دولتا جنوب السودان والسودان معاً كقضايا المياه وبعض الصراعات في الدول المجاورة لهما
الدولة الوحيدة المؤهلة لتلعب دوراً أساسياً و جوهرياً
ولقد تعجبت كل العجب لغياب الدور السوداني دبلوماسياً أو سياسياً في مشكلة جنوب السودان وذلك أن السودان يعتبر الدولة الوحيدة المؤهلة لتلعب دوراً أساسياً و جوهريتاً في التوفيق بين القيادات الجنوبيه المتنازعة اليوم وذلك لما يتميز به من علاقات تاريخية وسياسية وشخصية مع كافة الأطراف .
تجد حرجاً في ذلك أو تخشى أن تجر إلى موضع لا ترغب فيه
الشاهد أنه إذا كانت الحكومة السودانية تجد حرجا في ذلك أو تخشى أن تجر إلى موضع لا ترغب فيه فكان بالإمكان أن تلعب هذا الدور القوى السياسيه الموجوده الآن على الساحه باعتبارها صاحبة علاقات تاريخية مع الإخوة الجنوبيين تتجاوز الكثير من الخطوط ..وبذا نؤكد حقيقة الدور السوداني في حاضر ومستقبل دولة الجنوب.
حتى يتدارك أهل الجنوب السوداني
لكن وبنظرة فاحصة إلى طبيعة الأوضاع والصراع والاقتتال الدائر الآن في دولة جنوب السودان يجعلنا نؤكد أن حالة الوئام التي كانت تبدو على مظهر القيادات في دولة جنوب السودان لن تعود إلى ما كانت عليه وإن كنا نأمل في ذلك حتى يتدارك أهل الجنوب السوداني هول المصائب التي ستقضي على كل الأحلام التي عاشوها بالأمس ….. ولنا عودة.
قراءة : الفاتح محمود عوض: صحيفة أخبار اليوم
[/JUSTIFY]