تحقيقات وتقارير

جنوب السودان .. إضاعة الحلم وتبديده على مائدة المصالح الشخصية

[JUSTIFY]ما حدث في الجنوب مقلق ومثير لمخاوف شتى لكن ما لم يحدث بعد هو الذي يبعث على القلق والمخاوف بشكل أكثر.

وهذه اللعبة، بغض النظر عن من خطط لها ونفذها، سوف تنقلب إلى ما يسمي بـ”باندورا بوكس”، أي صندوق العجائب الذي يمكن أن تخرج منه مصائب وكوارث أكثر لا يملك أحد القدرة على السيطرة عليها.

الثابت من الوقائع أن اشتباكات وقعت في معسكرات الحرس الجمهوري، وان انشقاقات حدثت بين وحدات الجيش الشعبي في مدينة جوبا، نتجت عنها معارك عنيفة أخذت طابعاً قبلياً بين الدينكا والنوير.

لكن المرحلة الأخطر كانت هي معالجة الرئيس سلفاكير للقضية، والذي يبدو أنه، أستمع لنصائح أقرب مستشاريه واعتبرها فرصة للتخلص من المعارضة السياسية، فجمعهم بربطة المعلم وحملهم مسؤولية ما حدث، وسماه انقلاباً عسكرياً.
ربما استمع كير لنصائح تيلار رينق في هذا الأمر، كما يقول خصومه، وقد يكون هذا غير مؤكد، لكن المؤكد أنه أدخل نفسه وبلده في ورطة كبيرة يصعب الخروج منها.

جمع سلفا بين أكبر خصومه، مشار وباقان وديق ألور وربيكا قرنق، وأضاف لهم مجاك أقوت وقير شوانق وآخرين كثر، رغم أن أسباب معارضتهم له تختلف باختلاف مواقفهم، وجعل منهم، رغماً عنهم، جبهة معارضة موحدة.
ويملك بعض هؤلاء المتهمين بمحاولة الانقلاب أنصاراً ومؤيدين وسط العسكريين، ويشكل بالتالي مركز ثقل عسكري كبير وخطير، لكن يملك البعض الآخر أيضاً – نفوذاً سياسياً كبيراً، ولهم مؤيدون وسط قواعد الحركة، فوفر سلفاكير لهم التأييد العسكري والسياسي للجبهة الجديدة.

تحفظت كثير من الجهات، ومنها الأمم المتحدة والحكومات الغربية الكبرى، على قبول فكرة الانقلاب العسكري، وصارت تستخدم عبارات محايدة تتحدث عن الاشتباكات والانشقاقات، وتحذر من الحرب الأهلية، إلا الجامعة العربية، فقد تسرعت منذ اليوم الأول لإدانة الانقلاب العسكري، ووصفه بأنه محاولة لعرقلة تحسين العلاقات مع السودان.
وربما تكون هناك أطراف داخل الحكومة السودانية تري نفس الرأي، وربما تتخذ نفس المواقف التي سيدفع السودان ثمنها في المستقبل.

لم يحسب سلفاكير غير حساب السيطرة على مدينة جوبا مقر الحكم والرئاسة، وها هي المدن الخارجية تتساقط واحدة تلو الأخرى، في محفظات عديدة، وقد تتطور الأمور لحرب أهلية شاملة ينتج عنها وجود أكثر من دولة داخل جنوب السودان.
هذه الدولة الوليدة ما تزال في مرحلة التكوين والتخلف، ومهددات بقائها واستمرارها كثيرة ومتعددة، الفقر والتخلف وسيادة الروح القبلية وغياب المؤسسات الحديثة، وهي أحوج ما تكون لقيادات ذات بصيرة نافذة وحكمة تتجاوز موقع القيادات ونفوذها لتفكر في مصير الدولة والشعب.

جنوب السودان أمام لحظة تاريخية فارقة وامتحان لقدرة قياداته، إما أن يتجاوزوا، كنخبة مسئولة، البعد القبلي والشخصي، ويديروا خلافاتهم بطريقة سياسية متحضرة، وإما أن يقودوا البلد لمستنقع الصراع القبلي الآسن، والذي لن يخرج منه أحد نظيفاً، وسيكون حكمهم في يد التاريخ أنهم أضاعوا الحلم وبددوه على مائدة المصالح الشخصية.

صحيفة الخرطوم
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. الحذر ثم الحذر ثم الحذر

    …إن لم يستقر الحال فى جوبا فلن يستقر الحال فى الخرطوم :
    – تصريحات أمريكا بدعم سلفاكير مخيفه لأن امريكا تعمل دائما بعكس ما تصرح أنظر دعم مرسي ثم إقالته من الحكم وأنظر عداء إيران ثم رفع الحظر عنها وأنظر ملاطفة المسؤلين الامريكان للحكومه السودانيه وضغط الحكومه الامريكيه لها .بإختصار امريكا تعمل لمشار .
    – عسكريا ستبطل إتفاقيات التعاون المشترك ويعود دعم الجبهه الثوريه .
    – إقتصايا سيكون هنالك حوالى 10 مليار دولار عجز فى الميزانيه الجديده لعام 2014 التى أجيزت قبل أيام ولم يبدأ العمل بها حتى الآن وهي عباره عن 3 مليارات دولار إيرادات نفطيه و7 مليارات دولار تبادل تجاري مشترك بين الشمال والجنوب .