حين تتوسط واشنطن لنفسها !
كان هذا المشهد هو المشهد السريالي الغريب الذي حاولت إدارة الرئيس أوباما عرضه على المسرح الدبلوماسي السوداني، حين وجد مبعوثها الخاص (دونالد بوث) صعوبة فى الوصول إلي الخرطوم، وجرى تكليف القائم بالأعمال الأمريكي ( جون ستافورد) للتوسط من أجله.
الخارجية السودانية استغربت للموقف بأكمله، فإذا كانت واشنطن تسعى لإصلاح علاقاتها مع السودان وفقاً للقضايا المختلف عليها بين البلدين، فإن هذا لا يضيرها فى شيء أن تفصح صراحة عن طبيعة مهمة المبعوث الخاص القادم. وفى العادة يعرف كل المهتمين بالعلاقات الدولية وخبراء الدبلوماسية أن اتصالات مسبقة تجري بين أي دولتين يتم فيها تناول الشأن المراد طرحه ومناقشته قبل أن تطأ أقدام المبعوث القادم أرض الدولة المضيفة، غير أن واشنطن فيما يبدو تعتقد أنها -كدولة عظمى- لا تحتاج لمثل هذا النقاش المسبق بين الجانبين إذ من حقها أن تأتي وقتما تشاء وتلتقي من تشاء وتقول ما تشاء.
والأمر المؤسف أن هذا النهج الأمريكي وإن سبق وأن سمحت به الخرطوم فى فترات سابقة بحكم سعي الخرطوم للعمل بقلب مفتوح وآذان منتبهة على طريق إصلاح علاقات بالبلدين، إلا أن هذا النهج فى الواقع لم يؤد مطلقاً الى إحراز أي تقدم فى مسار علاقات الدولتين.
ولهذا فإن واشنطن حين (تتضايق) هذه المرة لمجرد طلب الخرطوم منها أن (تفصح) عن أجندة مبعوثيها، وأن تكون هذه الأجندة متعلقة بالقضايا المطروحة بين الدولتين وان يتم -مسبقاً- الاتفاق حول طبيعتها ومن من المسئولين تتم مناقشة هذه القضايا معه فهي إنما تتمسك بشيء لا تملكه، إذ ليس معنى القبول السابق للخرطوم للمبعوثين الأمريكيين منح الحق لواشنطن لممارسة هذه الغطرسة البغيضة.
ومع أن من الغريب حقاً أن القضايا المطروحة بين الدولتين من الممكن -وبسهولة ويسر- أن يتولى معالجتها القائم بالأعمال الأمريكي فى الخرطوم بدلاً عن جولاته (السياحية) حول المسارح والمعارض والتقاء الطرق الصوفية، فإن الأكثر غرابة أن تطلب واشنطن من (صاحب الاختصاص الأصيل) ونعني به القائم بالأعمال أن يتحول من قائم بالأعمال الى (مجرد وسيط دبلوماسي) يقف أمام مسئولي الخارجية السودانية طالباً -بإلحاح- السماح لزميله المبعوث الخاص بالحضور الى الخرطوم ومقابلة من يشاء من المسئولين السودانيين!
إن تأكيد الخارجية السودانية على ضرورة أن تعرض واشنطن -مقدماً- أجندتها وتوافق عليها الخرطوم ثم يجري تحديد مواعيد -إذا كان ذلك ضرورياً- للمبعوث الخاص ليقابل بعض المسئولين السودانيين، هو دون شك حق من صميم حقوق الخرطوم ومن شأنه أن (يضع) واشنطن فى مكانها الصحيح ضمن سلم أولويات السياسة الخارجية السودانية، بعد أن قدم السودان طوال عقود وأعطى ولم يستبق شيئاً!
سودان سفاري
ع.ش
لو كانت الخارجية السودانية تتعامل هكذا من زمان مع كل الدول بندية لكانت الأمور غير الأمور الحالية ، ومعليش برضه ،قالوا أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لاتأتي أبداً. ولكن تبّقى أمر واحد نرجو أن تنتبه له الدبلوماسية السودانية ألا وهو : أن يتم التعامل مع السفير الأمريكي بالخرطوم كما تتعامل واشنطن مع السفير السوداني عندها إذ تُحدد له مسافة دائرة قطرها 25 ميل فقط ، وهنا سفيرها في الخرطوم يبرطع على كيفه مرة ولاية نهر النيل ومرة ولاية سنار ، في لخبطة دبلوماسية جديدة تتبناها واشنطن(الدبلوماسية الشعبية)، بلا شعبية بلا …..!!! أوقفوا تحركاته وحددوا له حدود لا يتخطاها كما بلده تتعامل مع سفيرنا عندهم.