تحقيقات وتقارير

قصة انقلابين في جوبا .. انقلاب سلفاكير و انقلاب مشار

اولاً استميح القارئ عذراً في اعادة نشر مقال كتبته في اخبار اليوم بتاريخ 24 سبتمبر 2013م اي قبل حوالي ال3 اشهر من احداث اليوم تحت عنوان ( عن انقلاب سلفاكير في جوبا نقول ) ..!!
مما يحمد لحكومتنا في دولة السودان دبلوماسيتها ( الذكية ) ، وتعاملها العاقل مع احداث الشقيقة مصر ، عندما ذكرت ان ما يحدث في مصر هو شأن داخلي ، لأن الخطأ في القرار السياسي تكلفته باهظة للغاية ، اما ما في النفوس فيبقى بداخلها قيد ترتيبات وتكتيكات تحقق بها مكاسبها …

فلا يضير بعد ذلك ان تكون قد ( قطعتو في مصارينها ) !!! والان تمثل ضربة سلفاكير المفاجئة بل انقلابه الخطير جداً علي حلفاء الامس وعلى حرسه القديم ( مجموعة باقان ) بكل تأكيد منعطفاً خطير للغاية … من الخطأ بمكان للسياسي الحصيف ان لا يحلله بدقة متناهية … فهو بلا شك حدث له ما بعده ، والاحتمال الاكبر انه سيجر الكثير والكثير وهذا يعني ان مآلات هذا الانقلاب الخطير كل احتمالات نتائجه قائمة ومفتوحة علي مصراعيها ..!!!

ولذلك كنت اتمنى ان تكون ردة فعل حكومتنا والاعلام بصفة عامة واعلامها بصفة اخص ردة فعل شبيهة بردة فعل الحادثة تجاه احداث الشقيقة مصر … كنت اتوقع ان يكون ( التقطيع داخل المصارين ) يفوق كل ردة الفعل تجاه احداث الشقيقة مصر … نعم كنت اتوقع ضرورة تنبيه كل اجهزة الدولة الحساسة والاعلام الموالي لها بالتحديد ، ان يعتبر ان ما يحدث في دولة جنوب السودان هو شأن داخلي يخصهم ، مع التأكيد علي ان السودان يهمه جداً ان تكون علاقته مع دولة جنوب السودان الوليدة في ظل اي نظام هي علاقة استراتيجية تقوم علي الجوار الآمن والتعاون المثمر والمنتج للدولتين والرفاهية لشعبيهما ..!!

ترى لماذا اقول كل ذلك ..!!؟ ببساطة شديدة تضاريس السياسة المتقلبة في دولة الجنوب وهشاشتها تنبئ بأن كل الاحتمالات واردة في دولة الجنوب … نعم اما ان يتمكن سلفاكير ميارديت من امتلاك ذمام امره وامنه وبسط سيطرته الكاملة علي مجريات الاحداث ، واما ان تقلب له ( مجموعة باقان اموم ) ( ظهر المجن ) … و(تريه النجوم في عز الظهر ) ..!!! لا اعتقد ان عاقلاً واحداً يمكن ان يصدق او يركن لحقيقة ان مجموعة ( باقان اموم ) يمكن ان يسلموا الراية بهذه السهولة … ربما القادم ( كارثي ) … ربما حتى سلفاكير لا يخطر علي باله … خاصة ان الكل يعلم ويدرك تمام العلم ان مجموعة ( باقان اموم ) لديها اعتقاد راسخ ويقيني بملكية دولة جنوب السودان لهم … نعم ( لأولاد قرنق ) …!!

اما الاخطر والادهى والامر ، ان لا ننسى مهما قال الناس وضحكوا علينا واعتبرونا ( سذج وبسطاء ) في التحليل والتفكير لكني مازلت مصراً ان ( نظرية المؤامرة ) ضد السودان وضد هويته العربية والاسلامية لن يهدأ لها بال علي الاطلاق وان في مهادنة سلفاكير دولة السودان فيه توجيه ضربة قاصمة الظهر ( لنظرية مؤامرة ) ( الصليبي والصهيوني ) و … ( لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم …) انه الصراع الازلي ( لهم ) ( ضدنا ) حتى نتبع ملتهم وحتى نركع ونسجد ونكبل ونقيد انفسنا بانفسنا ، ونحقق لهم مطلوباتهم وعلي رأسها الاعتراف والتعامل مع دولة بني صهيون … ( انتهى المقال ) .

الان نستطيع ان نقول بكارثية الوضع في جنوب السودان ، وفي نفس الوقت تستطيع الحكومة ، وبذكائها الدبلوماسي المطلوب في مثل هذه الحالات ، ان تتعامل بمبدأ ( الجهر في محل الجهر والسر في محل السر ) !!! الجهر لكل العالم ، ان هذا شأن داخلي ، نخص دولة الجنوب وحدها ، لأن المتربصين بها ، وبمواقفها ، لها بالمرصاد يتحينون منها خطأ هنا وخطأ هناك … كما وان براغماتية السياسة ، ودفاع الحكومة عن كيانها ودولتها السودان ، يحتم عليها ايضاً التعامل بمبدأ السر في محل السر ، كما تفعل امريكا ويوغندا وكينيا والصف طويل ( وان كانت تفعلها جهراً ) ولأننا الاكثر استهدافاً لابد من تفعيل حسنا الامني بأقصى طاقات ومواهب وقدرات استخباراتنا ولا استطيع ان اقول اكثر من ذلك سوى ( استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان ) .. وبهذا وحتى الان لم اجد مبرراً واحداً مقنعاً لحديث المشير البشير بعد ثورة الربيع العربي في ليبيا عندما قالها مباشرة انهم كانوا الداعمين الحقيقيين لنجاح ثورة ليبيا والقضاء علي نظام القذافي … نعم ليس في السياسة مثاليات وديننا نفسه يحضنا علي ان ( الحرب خدعة ) اذن هذه هي مواضع مبدأ ( السر في مواضع السر ) من سيصدقنا قادماً اننا لم ندعم طرف تجاه طرف ..!!

سلفاكير ضد مشار ولكن اين مجموعة ( باقان ) واين قطاع الشمال والجبهة الثورية !!!

يصعب تفكيك الوضع في جنوب السودان … الظاهر علي السطح ان المواجهة الان بين اثنين ( سلفاكير ومشار ) ، ولكن اين مجموعة اولاد قرنق ( مجموعة باقان ) ، واين قطاع الشمال ، والجبهة الثورية ، والتي بظني الخاص انها ضد الاثنين تماماً بعد مقتل د. جون قرنق ، ولكن ( مكره اخاك لا بطل ) اعتقد انهم اختاروا اخف الضررين وهو ( سلفاكير ) ، في خلافة الراحل جون قرنق ، ولكن مرحلياً ، لأن احساسهم وتخطيطهم العالي ان الامور يوماً ستكون تحت السيطرة اولاد ( قرنق ) ..!! ترى اين هم الان ( باقان ودينق الور ) والمجموعة !!؟ كل الاحتمالات مفتوحة وكل الصفقات ممكنة ان يضمهم سلفاكير بصفقة ويقوي جبهته بهم لحسم المعركة فيرضى عنهم ولكن بالتأكيد لن يعطوها له ( شيك علي بياض ) …!!

ثم اين قطاع الشمال بالتحديد ( عقار والحلو وعرمان ) الوضع بالنسبة لهم غاية في التعقيد فهم يمشون علي ارض كلها متفجرات والغام ولكن ايضاً اجراء الصفقات وارد ويمكن ان يعيدهم للحياة ولكن ترى لأيهما ينحاز قطاع الشمال بالتأكيد سينحازون لمن يدعم قضيتهم ..!!!

واخيراً استطيع القول ان ما يحدث الان في دولة جنوب السودان الوليدة هو ( الفاصلة الاخيرة ) لأن من سيكسب هذه الجولة الحاسمة سيجعل من دولة الجنوب دولة بوليسية اكثر من بوليسيتها الحادثة الان حتى يؤمن كرسي السلطة !!!

ياسر محجوب محمد بابكر: صحيفة اخبار اليوم