رأي ومقالات

فضل الله رابح : الخبر الفاجعة

[JUSTIFY]أوردت صحيفة الخرطوم الغراء عدد الثلاثاء 24 ديسمبر 2013 خبراً اقل ما يوصف به أنه فاجعة حدث فى ولاية تساهم بنسبة 30% من من جملة الصادر القومي للمواد غير البترولية.. نص الخبر المنسوب الى الأستاذة حنان بدوي مديرة المتابعة والتقويم بإدارة الاستثمار بولاية شمال كردفان كشفت فيه ان 80% من المصانع العاملة بالولاية منها 60 مصنعًا للزيوت من جملة 100 مصنع قد توقفت عن العمل بسبب التمويل مشيرةً إلى أن نظام التمويل بالصكوك عبر النظام التشغيلى لا يصلح كوسيلة تمويل رأسمالي يضاف الى ان السقوف الممنوحة للولايات لا تمكن من التمويل الرأسمالي وذلك لمركزية التمويل نفسه.. نكتفي بهذا الجزء من الخبر الحزين جداً وهو شلل وانهيار كامل لقطاع الصناعة فى ولاية غنية بالموارد وتملك خمسة أحواض جوفية من المياه بمخزون استراتيجي يبلغ مائة مليار متر مكعب، كما ان شمال كردفان تملك من الاراضي الخصبة للإنتاج مساحة مليون فدان وتنتشر على وديانها ثروة حيوانية كثيفة، الإحصائيات الرسمية تقول تمتلك 25 مليون رأس من الضأن بجانب كميات من الإبل والماشية والماعز، أليس من المحزن ان يصدر هذا الحديث وينطبق على ولاية قادرة على أن تنهض كما ان مديرة التقويم مشكورة على التصريح الشجاع الذي يكشف جزءًا يسيرًا جداً من وجه الحقيقة الكالح، كما ان الخبر ربما مفضوح لأنه تحدث عن سبب واحد من جملة عشرات بل مئات الأسباب أدت الى هذه المعضلة، ومن بين هذه الأسباب الجبايات الحكومية المرهقة جداً لأصحاب المصانع والقيمة المضافة التى تتراوح ما بين ثمانية الى عشرة جنيهات لباقة الزيت الواحدة سعة 36 رطلاً والدمغة الضريبية والرسوم العالية جداً لدخول الكهرباء للمصانع بعد ارتفاع تكاليف اسعار الوقود «الفيرنس» حيث بلغ سعر طن الفيرنس اربعة آلاف جنيه، الحكومة ليست لديها رؤية تشجيعية تجعل اصحاب المصانع يتحمسون للتطوير لأننا اذا أخذنا التمويل مثلاً نجد ان البنوك تضع ارباحًا عالية جداً تتراوح ما بين 1،5% الى 2% من جملة مبلغ التمويل الى جانب مهلة اعادة المبلغ المقرر له تسعة شهور فيها اربعة شهور فترة سماح، في حين ان الطبيعي تكون فترة التسعة اشهر فترة سماح ثم تكون فترة تحصيل المبلغ المقترض عامين على الأقل حتى يكون صاحب المصنع قد خرج من الموسم وبدأ فى الموسم الجديد وأخذ مهلة كافية تمكنه من اعادة المبلغ دون تعثر، واعتقد هذه الحقيقة المرة التي أضعفت استجابة المستثمرين مع دعوات التمويل وان وجدت لأنني حسب علمي ان بنك التنمية الصناعية قد أسس له فرعًا فى مدينة الابيض بل خصص محفظة للزيوت والحبوب الزيتية لأجل نهضة وتطوير قطاع الصناعة لكن وفق معلوماتي ان الاستجابة ضعيفة من المستفيدين ونظرتهم بأن تظل المصانع مغلقة افضل لهم من السجون وسوء تعامل البنوك معهم فى حالة الإعسار.

قضية الصناعة فى شمال كردفان بل فى كثير من ولايات السودان تحتاج الى رؤية محكمة من الحكومة لإزالة التشوهات الكبيرة وظاهرة التطبيق غير السليم للقوانين واللوائح الحكومية وتخبط السياسات بهذا الشكل المخل، كما ان مولانا احمد هارون وهو ينشط فى مشروع نهضة الولاية والذي خصص فيه للاستثمار مساحة مقدرة للاستفادة من الميز النسبية لولاية شمال كردفان ومنتجاتها الاقتصادية عليه ان يُقبل على تشريع ولوائح إدارية مشجعة، وأحسب ان بداية حكومة مولانا فى موضوع الاستثمار مبشرة بعد ان اصطحب معه معظم مديري البنوك معه الى عروس الرمال وأجلسهم مع التجار والمستثمرين واستمعوا لهم بروية حول مشكلات ومعوقات الاستثمار وعلى رأسها موضوع التمويل الذي يشتكون منه، فالمطلوب من الحكومة رؤية صادقة وشفافية تزيح هذه المخاوف وتكشف الحقائق التى تعيق عملية الاستثمار حتى يعمل الجميع على ازالة هذه القيود لانطلاق الصناعة فى ولاية يعول عليها كثيرًا لانها تنتج الخام وبها أيادٍ وعمالة ماهرة فى كل شيء كما ان شمال كردفان تصلح فيها صناعة الجلود ومطاحن الدقيق والصناعات التحويلية الأخرى لأن كل السودان يعرف حقيقة ان امهر الميكانيكية يوجدون فى المنطقة الصناعية الابيض ودونكم «اولاد ابو ستة» الذين اشتهروا بصناعة صناديق السيارات والشاحنات.. فمولانا احمد هارون ما بين الذين ينظرون اليه بإعجاب لنشاطه وقوة تأثيره الذين علقوا عليه آمالهم والمشككين فى قدرته على الفعل المحسوس القائلين انه ليس البديل الذي يرفع عنهم ظلم السنين عليه هو شخصياً أن بفك الشفرة واحسب انه بدأ محاولات جادة فى الطرق على جبل الإحباط عليه بوضع رؤية جدية تعيد تجار الأبيض الذين هجروها وذهب نفعهم وخيرهم بعيداً حيث ملأوا الدنيا انتاجاً فى كل دول العالم ومدن السودان المختلفة، تلزم مولانا رؤية تدفعهم بالعودة الى مدينتهم الكبيرة والمساهمة فى رفع الصناعة المتعثرة هناك بجانب تنمية بقية الحرف المتنوعة كتعبير وبيان بالعمل يجسد شعار كردفان الغرة ام خيراً جوة وبرة، وشعار النفيير والتغيير الذي اتخذه اهل الولاية هذه الايام نبراسًا لهم يضيء طريق النهضة الذي رفعوه، وإلا فسوف تكون كل الخطط والمشروعات التى اعتمدتها آلية نهضة شمال كردفان احرفاً باردة وحبراً جامداً على الورق لا يحرك ساكناً ولا يغير واقعاً اليماً متوارثاً برغم ان هذه المشروعات قد خطتها ايادي اناس كانت تسبقهم جديتهم وارادتهم فى الفعل لكنهم احبطوا عندما اصطداموا بصخرة الواقع المرير المقعد، وبذلك تكون كردفان قد فوتت على نفسها فرصة كبيرة كانت علقت عليها آمالها العراض وقتها ستكون الحسرة اكبر والإشفاق اعظم وسيتزايد بسبب فقدان الثقة فى اي مسؤول آخر جديد قادم الى حكم الولاية القلقة على حالها.. اليك مولانا ورفاقك وانتم ترفعون شعار النهضة الشاملة ان تعملوا على تغيير ذلك الواقع وإنني قد استمعت لك اكثر من مرة وانت تبث أشواق التغيير ونفض مؤسسات الخدمة المدنية المتكلسة الجالسة عن العطاء!!

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]