تحقيقات وتقارير

جوبا .. الحرب تسرق بهجة العام الجديد

[JUSTIFY]وسط مطعم متواضع يجلس عدد من الشباب أمام أجهزة الكمبيوتر المحمول. كل واحد منهم يقلب صفحته في موقع فيسبوك، أو يبحث عن آخر مستجدات القتال الجاري في ولاية (جونغلي) بين القوات الحكومية، وميليشيات موالية لرياك مشار، نائب رئيس جنوب السودان السابق.

ويشكل معتنقو الديانة المسيحية الفئة الغالبة ضمن الطوائف الدينية في جنوب السودان. وهذا واحد من أبرز الأسباب التي ساقها قادة الانفصال حين أعلنوا تمردهم على قرار سلطات الخرطوم تعميم تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية على عموم السودان في ثمانينيات القرن الماضي.

تجلس (سيلفا) بجانب (سام) و(جورج) مداعبة إياهما. تنظر إلى (سام) معاتبة “إن لم تهتم بي فإنني مستعدة للوقوع في غرام جورج”، يضحك الجمع، لكنهم يعودون الى شاشات الكمبيوتر.

السبب الأول لتجمع هؤلاء الشباب في هذا المطعم القريب من القصر الجمهوري في العاصمة جوبا، هو توفر خدمة إنترنت “سريعة” فيه. في الواقع الإنترنت في المطعم بطيء للغاية بالمقاييس الدولية، لكن كما يقول المثل الإنجليزي القديم، فإن الأعور سلطان في مملكة العمي.

سألنا (سام) عن الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة فيفاجأ في البداية ثم يقول” بالله عليك، ألم تر أننا نتجرع الخيبة تلو الأخرى؟ حتى أعياد الميلاد لم نُقِم لها أي قداس ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر، لأن الحكومة تفرض حظرا للتجوال ليلا”.

ويشهد جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر اشتباكات بين القوات الحكومية برئاسة سلفا كير المنحدر من قبائل الدينكا، وغريمه الأساسي، رياك مشار، نائب الرئيس السابق، المنحدر من قبائل النوير.

لا شيء في شوارع جوبا يوحي بأن المسيحيين يقيمون أي إجراءات خاصة برأس السنة الميلادية. لا أشجار (النويل) ولا إنارة ملونة. في الواقع شبكة الكهرباء شبه منعدمة. ميسورو الحال من القوم هنا يمتلكون مولدات تعمل بالنفط، والفقراء يكتفون بالشمع أو ما يشبهه، مما اعتمد عليه أجداد أجدادهم لإنارة أكواخهم.

ينظر (سام) إلى ساعته اليدوية. العقارب تشير إلى اقتراب موعد فرض حظر التجول. الطرقات تفرغ من الراجلين والراكبين. وتيأس (سيلفا) من المحيطين بها، فتنصرف نحو مدخل المطعم حيث يحتسي بعض الزبائن كؤوس الخمر. ثم تنظر خلفها مودعة “سنة سعيدة” وتغلق الباب خلفها.

عبد الرحيم الفارسي – جوبا – سكاي نيوز عربية[/JUSTIFY]