منوعات

«العطبراوي».. أسطورة أغنيات وملاحم الاستقلال

[JUSTIFY]لم يذع صيت “العطبراوي” كفنان له نهجه المتفرد فقط إنما عرف كشخصية استثنائية وسط رعيله الأول من فنانين وعشيرة وأصدقاء، يشهد له تاريخه العريق بذلك، فالرجل رغم ضخامة حسه الفني ومكانته الاجتماعية التي تبوأها في مدينة الحديد والنار والتي لم يفارقها قيد أنملة طيلة حياته رغم الإغراءات والوساطات من شخصيات سياسية سيادية كالرئيس السابق “جعفر نميري”، إلا أنه كان بسيطاً ومتواضعاً حد امتهانه لـ(الجزارة) التي كانت محل فخر وإعزاز بالنسبة له.

و”العطبراوي” رغماً عن رقته وتواضعه وهو يجوب أركان (عطبرة) مستقلاً دراجته يركنها أينما حلّ به المقام، إلا أنه عرف بقوة الشخصية وقوة المفردات المغناة على تنوعها وشموليتها، سيما تلك التي تنافح الاستعمار البغيض والتي لا تخلو من وطنية تشبَّع بها حد إفراغها سماً كالحاً وهو ينفثها في وجه المستعمر من غير أن يرف له جفن، كيف لا وهو المجاهر بمفرداته دون تغليفها أو حتى تشفيرها بالرمزية كعادة رفقائه آنذاك.

حقيبته التاريخية مليئة بالأوراق المعطونة بحبر من ذهب تبرق بسيرة نضرة خلدها المناضل “حسن خليفة العطبراوي” فإلى قليل من كثيرها.

النشأة والميلاد ولد “حسن خليفة محمد الفضل” بمدينة (عطبرة) عام 1919م، والدته “زينب الشايقية” التي تنحدر من منطقة (تنقاسي) ووالده من منطقة (البركل) بمحافظة (مروي). نشأ بمدينة عطبرة، والتحق بخلوة الشيخ “حمزة محمد حامد” ليحفظ القرآن الكريم، ثم انضم بعد ذلك للمدرسة الشرقية بـ(عطبرة) إلا أنه ترك الدراسة واختار مهنة التمريض بمستشفى (عطبرة)، بعدها هاجر إلى (الإسكندرية) في 1940م وبدأ ثنائياً برفقة “محمد سعيد العقيد” ثم “يوسف أمين” وهو من أبناء مدينة (ود مدني)، وعند ظهور أسطوانات “سرور” و”كرومة” كان “العطبراوي” يحفظها ويتفاعل معها.

وفي منتصف الأربعينيات تعلم “العطبراوي” العزف على العود بـ(نادي النيل) بعطبرة، وغنى بعد ذلك بمصاحبة الموسيقى، وفي العام 1948م قدم المرحوم “متولي عيد” دعوة للفنان “العطبراوي” أن يغني في الإذاعة السودانية وسجل أغنيته الشهيرة (أنا سوداني).

وفي عام 1950م كون “العطبراوي” أول دار لتجمع الفنانين بـ(عطبرة)، وقد كانت مشتركة مع (فرقة النهضة) التي كان من أبرز أعضائها “الطيب حسن الطيب” و”مصطفى عبد العزيز” و”عبد الرحمن مصطفى”، وقد قام بدعم الدار بعض الخيرين من أبناء المدينة مثل “محمد عبد الماجد أبو رجيلة” و”أبو طالب عريف”، وكل هذه الأسماء ساهمت في الحركة الوطنية ضد المحتل.. وقد تمكنت هذه المجموعة من نقل أول حفل غنائي ليبث على الهواء مباشرة من الإذاعة السودانية كأول حدث ينتقل بالمايكروفون خارج الخرطوم في الخمسينيات، وكان عائد دخل الحفل لصالح اتحاد الفنانين بـ(عطبرة).

أول أغنية خاصة بالعطبراوي كانت أغنية (الشادن المحجور 1942م)… وله حوالى مائتا أغنية وأناشيد وطنية أشهرها (أناشيد لوطني العزيز 1945م غريب بلدك 1945م لن يفلح المستعمرون 1946م أنا سوداني 1946م لن أحيد 1950م)
وطنية معتقة ولم يقف سيل روائعه عند الأغاني الوطنية، إذ وقف متمترساً أيضاً بالعاطفة التي تجلت في أغنياته (ضاعت سنيني ما منظور ينسانا يا زاهي – ما تزورنا القلوب مرتاحة ــ عتاب ـ مالك ما اعتيادي)، ثم عرج توسنامي مفرداته نحو الرياضة، فغنى لمريخ عطبرة وكتب أروع قصيدة مغناة للهلال الذي ينتمي إليه كروياً. وعُرف عنه أنه شاعر كتب العديد من القصائد الفنية كما عُرفت عنه القومية والتي ظهرت جلية في كل أغنياته بجانب وطنيته المعتقة التي فاحت عبر تناوله قضايا الوطن كافة والمشاركة في كل المناسبات حاملاً للواء الوطنية، ويكفي أن أغنية (يا غريب يلا لبلدك) ظلت شعاراً للاستقلال.

قاد النضال في مدينة (عطبرة) ضد المستعمر، وشارك في ثورة النقابات، وغنى (يا غريب يلا لبلدك) أمام المفتش الانجليزي بـ(الدامر)، فكانت سبباً وراء محاكمته والحكم عليه بالسجن لسنوات، ولكن تحولت بعد تدخل أعيان (عطبرة) إلى عدة شهور قضاها بسجن (عطبرة) وخرج بعدها لمواصلة ركب الكفاح ضد المستعمر.

لم تخلُ مناسبة رسمية في مدينة (عطبرة) من وجود “العطبراوي”، ظل قاسماً مشتركاً لكل ما يفرح الوطن بل وتعدى الأمر (عطبرة) ليكون حضوراً في العديد من المناسبات الوطنية في جميع أنحاء السودان.

“العطبراوي” الأسطورة ولأن القرين إلى المقارن ينسب، فقد نمت عروة وثقى بين “العطبراوي” والقامة “عبد العزيز محمد داؤد” امتدت أمداً طويلاً وكان أن شكلا ثنائية غنائية في بداية حياتهما. لم يركن “العطبراوي” للمحلية فطفق يبحث عن كل ما هو جديد، يحب الاطلاع وكانت سلسلة الهلال تجبره على الغوص فيها بأعماقه، وكان يبحث عن كل ما هو جديد، إذ أنه قام بتلحين أغنيات من عيون الشعر العربي لشعراء عدة أمثال الأمير “عبد الله الفيصل” والشاعر السوري “عمر أبو ريشة” بل وجد قصيدة (أنا سوداني) منشورة في الصحف وهي للشاعر “عمر عبد الرحيم” وهو من (رفاعة).. فقام بتلحينها وغناها قبل أن يرى شاعرها.

الرحيل ظل الأستاذ “حسن خليفة العطبراوي” محباً لـ(عطبرة) التي أنجبته وأعطاها قلبه وكل نبض فيه ولم يستجب لإغراءات الهجرة، فأصبحت وسائل الإعلام تسعى إليه وهو في منزله في وسط المدينة، وظل “العطبراوي” مخلصاً لأصدقائه ومعجبيه ولأبناء (عطبرة) الذين حشدوا إمكانياتهم كافة وشيدوا المنزل الذي توفى فيه وذلك عرفاناً ووفاءً من أهل (عطبرة) له. وقد خرج جثمانه الطاهر من هذا المنزل بعد ليلة حزينة من ليالي (عطبرة)، وكان الدفن صباحاً بعد أن طوفوا به أرجاء (عطبرة) بعد أن خرجت كل المدينة لوداعه.

صحيفة المجهر السياسي
ت.إ[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. [SIZE=4]إخوتــــــــــــــي

    قارنوا بين حاله وحال من تشعبطوا في قطار الفن دون مؤهلات !!
    ملايين الجنيهات …شهرة على لاشيء….عنظزة وعدم موهبة

    لكنه حال الدنيا ترفع من لا قيمة له ، وتهبط بذوي المواهب[/SIZE]

  2. اين نحن من جيل العصر الذهبي في الغناء اين وصل بنا هؤلاء الجدد انصاف المغنيين الذين ليس لهم تاريخ فني وغنوا اغاني العمالقه وشوهوها منهم من انسحب ومنهم من ظل يترنح حتي هذا اليوم ومغنيات بلادي حدث ولاحرج كلمات هابطه وكريم وبدره بس رحم الله مني الخير وعائشه الفلاتيه واماني مراد وفاطمه الحاج والتحيه للمخضرمه ام بلينه السنوسني وحنان النيل وسميه حسن .