تحقيقات وتقارير

التفاوض بين فرقاء الجنوب.. مخاوف من فشل يعود إلى تدويل !!

[JUSTIFY]وفقاً لما رشح من مقر مفاوضات أطراف النزاع بدولة جنوب السودان المنعقدة حالياً بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فإن الطرفين لم يتقدما في تحقيق نتائج على الأرض، حيث لم يتفقا سلفاً على “أجندة التفاوض”.

وأشارت الأخبار إلى وجود مشاورات جانبية مع الوساطة الأفريقية التي يقودها الجنرال الكيني “لازاراس سيمبويو”.

وبينما انطلقت في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين المتقاتلين، بين وفد الحكومة الجنوبية وممثلي النائب السابق للرئيس “سلفاكير ميارديت” الدكتور “رياك مشار”، تضاربت الأنباء حول الوضع على الأرض، كما أكدت بعض الأنباء تقدم قوات من يوصفون بالمتمردين إلى أطراف العاصمة “جوبا”.

“جوبا في عين العاصفة”: وبينما أعلن الأمين العام للهيئة الحكومية لتنمية دول شرق إفريقيا (الإيقاد) “محبوب معلم” لوكالات أنباء أن الوساطة بين طرفي النزاع في جنوب السودان تسير بطريقة إيجابية وودية، مشدداً على هدف (إيقاد) الرئيسي وهو حل الأزمات بطريقة سلمية، أكد مصدر عسكري استمرار القتال بين جيش جنوب السودان وأنصار نائب الرئيس السابق “رياك مشار” في مناطق بولايتي “الوحدة” و”جونقلي”، بينما قال المتحدث باسم “الجيش الشعبي لتحرير السودان” “فيليب أقوير” أن المتمردين سيطردون من “بور” في أي وقت، غير أن المتحدث باسم المتمردين “موزيس رواي لات” قال إن القوات الحكومية هي التي تتقهقر وإن رفاقه يتقدمون وهم “قريبون” بالفعل من “جوبا”.
جهود الوسطاء تذهب سُدىً: وكان الوسطاء الأفارقة أقروا بتعذر البداية الرسمية للمفاوضات، وقالوا إن الأمر يحتاج للمزيد من الوقت، وهناك حاجة للمزيد من الجهد لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. ويرى مراقبون أن سيطرة قوات رياك “مشار” على المناطق الغنية بالنفط، شريان حياة الاقتصاد لجنوب السودان، ورقة سيكون لها ثقل حاسم في المفاوضات بين طرفي النزاع التي تجرى (الخميس) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتمثل سيطرة الدكتور” مشار” على عاصمتي ولايتي “الوحدة” و”جونقلي” الغنيتين بالنفط موقفاً أقوى من موقف حكومة الرئيس “سلفاكير” ويلقي بالعبء بكامله عليها لتقديم تنازلات جوهرية”.

واختار مشار “ريبيكا نياندنق”، أرملة الزعيم الجنوبي الراحل “جون قرنق” لتقود وفد المتمردين في المفاوضات، في خطوة لها دلالات رمزية لكونها من قبائل الدينكا، مما قد يساعد “مشار” في دفع الاتهامات الموجهة إليه بأن النزاع عرقي في الأساس وأن قواته مشكلة كلها من قبيلة النوير التي ينتمي إليها والمنافس التاريخي للدينكا.
“شرعية” “سلفاكير” تتقدم على “تمرد” “مشار” ويرى الخبير العسكري اللواء”م” د. “محمد عباس الأمين” أن الخلاف عميق بين طرفي النزاع الجنوبي بسبب اختلاف الأهداف والمبادئ والوسائل، فهم فكرياً لا يلتقون بسبب الفارق الفكري والثقافي بين طرفي النزاع، ويتقدم الرئيس “سلفاكير” بشكل أكبر بسبب أنه قائد “الجيش الشعبي”، تزيده قوة وضعيته كقائد ميداني ورئيس للجمهورية المنتخب، وبالتالي فإنه في إطار التفاوض فهو يمثل “الشرعية”، وقوة القانون والحائز على الأكثرية في الانتخابات، وبالتالي فإن الموقف الإستراتيجي يميل لمصلحته. ويضيف اللواء “العباس” في حديثه للصحيفة تعليقاً على تعثر مفاوضات “أديس أبابا”: من الصعب أن تتحدث عن الهدوء في ظل تشدد المواقف، مرجحاً أن تؤول الأوضاع إلى صراع اثني في خاتمة المطاف، ما يجعل الباب مفتوحا على طريق واحد هو التدخل الدولي لوضع حد، إلا أن التدخل سيكون لمصلحة “الشرعية” التي عبر عنها الرئيس الأوغندي “يوري موسفيني” بكل جرأة ما لم يكن يعبر عن موقف هذه الدول الداعم للرئيس “سلفا” مع أنها تحبذ “رياك مشار”، ويصف مشاركة “ربيكا قرنق” و”مبيور” ضمن ممثلي وفد “مشار” بأنه لأسباب تتعلق بظروف مقتل الراحل “قرنق”.

في انتظار القرار الأممي: ويتفق أستاذ العلوم السياسية البروفسير “حسن الساعوري” مع ما قاله اللواء “العباس”، بأن الكفة تميل لمصلحة الرئيس “سلفاكير” على الرغم من تقدم “الجيش الأبيض” الذي يكاد يصل العاصمة “جوبا” ويدلل على ذلك بتعثر مفاوضات “أديس” بين الطرفين. ويقول إن الاتحاد الأفريقي لن يرضى بذلك، بمعنى أن الوسيط الإقليمي ضد حركة “مشار” ويتفق معهم في هذا الموقف “الإيقاد” وجيران الجنوب، يضاف لهم الجيش اليوغندي وقوات الأمم المتحدة ، لذلك حتى وإن تقدمت قوات “مشار”، فإنها لن تصل إلى “جوبا” ففي هذه الحالة ستتدخل الجيوش الأفريقية، كما أن الولايات المتحدة ستتدخل ليس عسكرياً بل عبر فرض قرارات من مجلس الأمن الدولي ما يفضي في خاتمة الأمر إلى فرض الوصاية الدولية.

الطريق إلى الوصاية الدولية: وتبقى الأولوية الآن هي وقف إطلاق النار وإيقاف التصفيات العرقية، ويتبع الطرفان وفقاً لـ”الساعوري” مبدأ “القاعدة الصفرية” في مفاوضات “أديس أبابا” وهي أن تكسب “كل شيء”،هذا المنهج يتبعه الآن “الرئيس “سلفا” والدكتور”مشار”، عوضاً عن الدخول في مفاوضات تتبع طريقة “خد وهات”، وبالنتيجة فإن فشل مفاوضات الطرفين تعني- والحديث ما زال لـ”الساعوري”- صدور قرار أممي بالتدخل في دولة جنوب السودان عبر التدخل العسكري المباشر على الطرفين مع احتفاظ الرئيس “سلفاكير” بسلطته، بمعنى أن الجيوش الأممية ستؤمن وضع الرئيس، فيما سيلجأ المتمردون إلى “حرب العصابات”.

مستقبل النفط : أهم شيء غير الجانب العسكري هو أمر الشركات البترولية العاملة في الجنوب، ويرى الباحث في الشؤون النفطية “السر سيد أحمد السيد” أن هذه الشركات طلبت إجلاء عامليها لأسباب أمنية، ويفترض أن يكون ذلك قد اكتمل بالفعل، وواضح أن الأوضاع الأمنية في تدهور مستمر الأمر الذي يؤثر على وجود العمالة الفنية للشركات الأجنبية، وذلك قد يؤدي لنتيجتين، إما أن يتوقف الإنتاج بالمرة، أو تخفيض الإنتاج بشكل كبير. ومعلوم أن بالجنوب ثلاثة حقول منتجة “ثارجاس” الذي ينتج (18) ألف برميل يومياً، وهذا توقف إنتاجه منذ وقت، والثاني في “ولاية الوحدة” وينتج (30) ألف برميل يومياً، أما منطقة الإنتاج الرئيسية فهي في أعالي النيل حيث كانت تنتج (200) ألف برميل يومياً. ويرى “السيد” أن المنطقة الأخيرة ستتأثر بالأحداث ويمتد تأثيرها إلى السودان الشمالي من وعدة نواح أهمها رسوم العبور، فبحسب اتفاقية سبتمبر للعام (2012) “الترتيبات المالية الانتقالية” بموجب اتفاقية أديس أبابا” فهذه نصت على أن تدفع وحكومة الجنوب تدفع للسودان (3) مليارات و(300) مليون دولار، بحيث تدفع على ثلاث سنوات، ونصف هذه المبالغ تأتي عن طريق النفط الذي يمر عبر الأراضي السودانية، وبخلاف رسوم العبور فإذا ما توقف إنتاج النفط، فإن الأموال الواردة للخزينة السودانية ستقل، وتبقى متعلقة بمجمل الأوضاع، فالسودان تحمل الديون التي تقدر بأكثر من (40) مليار دولار، تدفع للسودان، وإذا لم يعف المجتمع الدولي هذه الأموال أو يساهم في دفعها، فإن حكومة الجنوب ستتحمل جزءاً من هذه الأموال، فحكومة الجنوب كانت تلقي تعاطف المجتمع الدولي، إلا أن هذا الواقع في طريقه إلى التغيير، حيث لن تحصل الحكومة الجنوبية على إعفاء بسبب مسائل حقوق الإنسان والعنف.

صحيفة المجهر السياسي
ت.إ[/JUSTIFY]