رأي ومقالات

حسن ادروب : وزير الزراعة وبريق ذلك الشعار

[JUSTIFY]أراد المهندس/ إبراهيم محمود حامد وزير الزراعة من خلال مخاطبته لمؤتمر وزراء الزراعة الولائيين والذي جرت فعالياته بالخرطوم أمس الأول تأكيد أهمية تغيير السِّياسات الزراعية بما يحقق الطفرة المنشودة في هذا المجال، وقال إن استمرار السياسات القديمة هو الذي يعيق إحداث نهضة زراعية شاملة، وهذا استهلال طيب ينبئ أن هناك رؤية وإصلاحًا مؤسسيًا يريد عبره الوزير بداية عهد جديد للزراعة بسياسات وأفكار تنقل هذا القطاع الحيوي الهام من الهوة السحيقة التي وقع فيها طوال السنوات الماضية، ولكن يبرز هنا سؤال مهم وهو : هل يستطيع السيد الوزير إنجاز الإصلاح المؤسسي في ظل وجود عقبات مثل الحرس القديم من أهل هذه الوزارة العتيقة وبعضهم صاحب إسهام غير معلَن في قضايا هزت الرأي العام مثل قضية التقاوي الفاسدة فهل يُعقل أن يكون هؤلاء هم جنود معركة الإصلاح المؤسسي أم أن الوزير يريد إحداث هزة وغربلة في الوزارة بحيث تسهم هذه الهزة في تغيير في الشخوص يواكب التغيير الذي يجري الإعداد له في محور الإصلاح المؤسسي بما يمكِّن من وضع سياسات وقوانين تُعنى بقطاع المنتجين الزراعيين ودعم وتأهيل الجمعيات والتعاونيات الزراعية وإحياء نشاط المهنيين ذوي الصلة بالنشاط والإنتاج الزراعي.

ليس من الصعب وضع سياسات زراعية تأخذ في الاعتبار الآمال العراض التي يضعها الناس على كاهل هذا النشاط الحيوي الهام بما يحقق الأمن الغذائي ويسهم في الناتج القومي وذلك بتصدير المحاصيل النقدية، ليس من العسير ابتدار مثل هذه السياسات على الورق والسعي لإجازتها من قبل الجهازين التشريعي والتنفيذي ولكن الأمر الصعب هو أن تضع هذه السياسات كإصلاح مؤسسي على طاولة التنفيذ دون أن توفر لها العنصر البشري الذي يأخذها بحقها المستحق من الجدية والالتزام، ونود بهذه الإشارة التدليل على أن التشريع مرحلة وأن التنفيذ مرحلة أخرى ولكنها مرحلة مهمة جداً لأنها تعطيك الناتج المنشود من فعل التشريع والقول، هكذا لن يستقيم الإصلاح المؤسسي في ظل وجود إدارات على رأس بعض المشروعات الزراعية المروية ظلت ولسنوات تنظر في موطئ أقدامها فقط بلا اكتراث لأهمية التطوير والتحديث، وقد ظل الهم الأكبر لدى تلك الإدارات المكاسب والامتيازات التي يوفرها لهم المقعد الإداري، وبسبب من هذا تفشي الإهمال في معظم المشروعات الزراعية، فالإعداد للموسم الزراعي يبدأ بسلحفائية في شق الترع أو تعلية الجسور وإزالة (المسكيت) أو تحديد وتجهيز المساحات الصالحة للزراعة، يجري كل هذا الإهمال وفي كل ولاية من ولايات السودان وزير زراعة ولائي ومدير عام ومديرو إدارات متخصصة وجيش جرار من المفتشين الزراعيين وكوادرهم المساعدة وكلما انقضى موسم زراعي بدأ الموسم الذي يليه وهو يواجه نفس المشكلات القديمة.

أما في قطاع الزراعة المطرية بكل من القضارف وسنار والنِّيل الأزرق فهناك مشكلات موسمية مثل قضايا الإعسار التي بسببها تم الزَّج بالكثير من المزارعين في غياهب السّجون ولكن (الآفة) التي لا يعلمها السيد الوزير هي الجهات التي تدفع هؤلاء المزارعين السذج إلى لعبة تمويل غير مضمونة العواقب بحيث يكسب المرابي ويخسر المزارع، وفي السّجون حكايات تُحكى في هذا المجال عن أناس أثروا ثراء فاحشًا نتيجة للمضاربات التي تمت لتمويل بعض الأنشطة الزراعية وفي نهاية المطاف نأى المجرمون بعيداً عن فعلتهم وحل بغير جارمها العقاب.

إذن وزير الزراعة الاتحادي أمام مسؤوليات جسام نسأل اللَّه أن يعينه عليها بما يحقق الإصلاح المؤسسي المنشود ولكنا نرجوه قبل تنفيذ سياسات هذا الإصلاح أن ينثر كنانته الزراعية ليختار منها ذوي العزم والإرادة الخلاقة حتى تؤتي سياسات الإصلاح المؤسسي أكلها ووقتها نرفع شعار «نأكل مما نزرع واللَّه ولي التوفيق».

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]