رأي ومقالات

زيارة الرئيس البشير للجنوب.. ضربة معلم

[JUSTIFY]زيارة الرئيس لجمهورية الجنوب حدثت في وقتها تماماً وتعتبر ضربة معلم.. فالسياسة الدولية لا ثبات لها، وأي باب تأتي منه المصالح وجب أن يفتح على مصراعيه، وإن أتت منه المفاسد يجب أن يغلق بالضبة والمفتاح، أما إن كان مفتوحاً للمصالح والمفاسد كليهما فيجب أن يغلق، فالقاعدة الذهبية هي درء المفاسد أولى من جلب المصالح.

معروف أن الغرب الذي يدار بالريموت كنترول، ومن مصدر واحد لم يكن ليدع الجنوب هكذا يعيش في سلام ووئام، وبين دولته كسائر الدول وذلك لأسباب مختلفة:

– أهمها أن فناء أبناء جنوب السودان أمر عقائدي في التوراة، وأن قتل الجنوبيين بأية وسيلة عبادة يتقربون بها إلى الله حسب معتقدهم، فالإنسان لا يسوى عندهم شيئاً إلا إذا كان في قتله مصلحة.

– المسألة الأخرى أن البريطانيين الذين زرعوا لغيرهم بذرة الانفصال كانوا ينفذون رغبات دفينة لليهود إذ أن السودان ومصر وشعوبهما التي تنعم بالعيش في وادي النيل، إنما يعيشون مؤقتاً إلى حين قيام دولة إسرائيل الكبرى، والتي هي من النيل إلى الفرات، ولذلك ينبغي أن تكون الدولتان ضعيفتين مبعثرتي الجهود حتى إذا أمست إسرائيل جاهزة لاتبلاعهما فعلت.

لا يدرك الجنوبيون أنهم يسمنون لذبحهم، فدعم مشار وتسليطه على غريمه سلفاكير أمر مرتب لا جدال في ذلك، فلو كان مشار هو الحاكم لخططوا لسلفا ما يفعله مشار الآن.

سلفاكير أحس أن الغرب لم يتخل عنه فقط، بل يريد أن يكافيء مشار على جرائم ارتكبها وعلى محاولته الانقلابية الفاشلة، ولذا لم يتوفر لديه طوق نجاة سوى حكومة السودان وتمثل دون أن يدري ببيت المتنبيء الذي أصبح مثلاً:ومن نكد الدنيا على المرء أن يجد

عدواً له ما من صداقته بدُّ

تمنى سلفا في قرارة نفسه أن يقذفه البشير بطوق النجاة، فسقوط الولايات ومقدم المنظمات، والتي هي اذرع طويلة لليهود أرعب في واقع الأمر سلفا الذي لم تمكنه الخلافات والمؤامرات وسرقات المال العام من تأسيس الدولة الوليدة.

البشير أدرى الناس بالجنوب وبمشاكل الجنوب وبأخلاق الجنوبيين، فلم يتردد لا في إلغاء طوق النجاة لسلفا، بل ذهب إليه ليطمئنه ويعيد إليه الثقة في نفسه وأنه ما انفك هو رجل الدولة الأول وقائد ورئيس دولة جنوب السودان الوليدة.نقلت وسائل الإعلام ووسائطه عن قمة الرئيسين أقل مما حدث بالفعل، ولذا كانت زيارة البشير ضربة معلم كما قلنا وفي وقتها تماماً.

ليست لسلفا مشكلة مع النازحين الذين فروا إلى السودان، الذي كان لهم حضناً دفيئاً إبان الحرب الشرسة والطويلة فهم كما قال البشير في وطنهم لا يسألهم أحد عن هويتهم ولا ممتلكاتهم ويتجولون ويعملون كأنهم سودانيون تماماً.

بخبرة المعلم وتجربة المجرب قال البشير «لا نريد معسكرات لاجئين جنوبيين في السودان»، وما لم يقله كفانا تجربة المعسكرات المملة في دار فور، وكفانا ما كان تبثه المنظمات وما كانت تفعله في أبناء الوطن.

الشيء المفاجيء الذي وجب أن يفرض نفسه ويُستنبط منه ما دار خلسة في القمة، أن إمداد البترول زاد من 000.160 برميل إلى 000.200 برميل في اليوم، وتكلفة الحرب بالنسبة لحكومة جنوب السودان الشرعية ستغطى بـ 000.40برميل في اليوم.كان مشار يحلم بالسيطرة على آبار البترول، وصرح بملء فيه أن يودع العائد لدى الأمم المتحدة حتى ينقطع عن سلفا الأمداد والحق كما يبدو لي أن الفكرة غربية نابعة من محاولة حصار سلفاكير حتى تسقط حكومته لصالح مشار، ثم إذا نجح مشار يستعدي عليه سلفا ويحترق الجنوب تنفيذاً لأوامر إلهية مزعومة.نفى السودان ما تردد في وسائل الإعلام عن إنشاء قوات مشتركة لحماية آبار البترول، ويحق للسودان أن ينفي ذلك، فتجربة القوات المشتركة في الفترة الانتقالية لم تكن موفقة، ذلك لأن أمر الجنوبيين لم يكن بأيديهم وأن القادة العسكريين الجنوبيين لا ضمان لهم.يقول العالمون بهم إنهم مع الغالب، فلو شعروا أن حركة مشار سحابة صيف فسينفضوا عنه، وإن كانت سحابة الصيف في الجنوب ليست خُلّباً.

السودان وللمصلحة المؤكدة، وجب عليه حماية آبار البترول، وليتفرغ سلفا لإطفاء النيرات التي اشتعلت، في بلده كاشتعال النار في الهشيم.دعوه يترك أمر بتروله للسودان، فهنا يضمن تدفقه واستمرارية عائده بزيادة 25% عما كان ينتجه.. ومن ناحية أخرى تستمر مصلحة السودان الناجمة من اتفاقية نقل البترول.ربما كانت قدم المهندس مكاوي وزير النفط قدم خير على نفط الجنوب ونتمنى أن تكون كذلك على نفط السودان.. ليس من الحكمة أن يفرط السودان في بترول الجنوب، فهو شريان الحياة لأبناء الجنوب، وهو سبب مباشر لتدويل مسألة الجنوب التي بدأ الغرب في تدويلها وإن كان البشير بضربة معلم بعثر أوراقهم وجعلهم يبحثون عن وسيلة أخرى.أما وسطاء الإيقاد.. فالسودان يعرفهم معرفة وثيقة فهم أولاً غير مستعجلين وربما وجد البعض منهم أن إطالة مدة الحرب التي يترتب عليها إطالة مدة الوساطة، تحقق لهم مصالح شخصية ثم إنهم لا يخرجون من الإطار الذي يوحي به الغرب.. وهذا الموضوع فهمه سلفاكير تماماً وأحسن عملا عندما تطلع إلى البشير ليقذف له طوق النجاة.

أما الناحية الأخرى التي تجبر السودان للوقوف مع حكومة الجنوب الشرعية هي أن خروج الأمر من يد سلفاكير وإعادة الروح لمجموعة مشار وباقان، وما أدراك من تشكل من ناحية أخرى ملاذاً آمناً لما يسمى بالجبهة الثورية، ويحقق لها التشوين والأمداد والراحة والاطمئنان.عندما بدأت حكومة الجنوب تطبق الاتفاقية الأمنية مع حكومة الشمال وبالذات موضوع دعم الفصائل المسلحة والمعارضة لكلا البلدين سحقت القوات المسلحة السودانية مسلحي ما يسمى بالجبهة الثورية وأعادت المناطق المحتلة الواحدة تلو الأخرى بسهولة ويسر، ولم يبق أمام المشردين الهاربين غير السرقة والنهب المسلح.أن يؤكد البشير لسلفا وفي العلن أن السودان لن يدعم أي فصيل مسلح ضد الحكومة الشرعية في جوبا أنما كان لسان حاله يقول:إياك أعني فاسمعي يا جارة السودان يجب أن يقف بالطريقة التي يراها مناسبة مع الحكومة الشرعية وأن يدعمها حتى النهاية.

صحيفة آخر لحظة
حسن احمد صالح
ت.إ[/JUSTIFY]