تحقيقات وتقارير
حــماس في الخـرطــوم
وجاء مشعل الى الخرطوم، وسط تساؤلات عديدة، بشأن اهداف الزيارة ودلالتها، خاصة وان البلاد، صنفت خلال الحرب الأخيرة على غزة ضمن دول محور« الممانعة» التي حضرت قمة عربية في الدوحة الشهر الماضي، وذلك في مواجهة دول محور «الاعتدال» التي رفضت المشاركة في قمة الدوحة بقيادة السعودية ومصر، وأكتفت بالقمة العربية الرسمية في الكويت.
كما تزامنت زيارة وفد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» مع مشاركة قيادات من الحركة في محادثات بالقاهرة مع المسؤولين المصريين بشأن مساعي التهدئة ، أطلعوهم خلالها على التوضيحات الإسرائيلية إزاء بعض مقترحات الحركة.
وسيجري الوفد الذي زار القاهرة أمس في دمشق مباحثات مع مسؤولي الحركة قبل عودته مرة أخرى إلى القاهرة، لإعلان رأي الحركة النهائي إزاء اتفاق التهدئة مع إسرائيل.
وقال مشعل، في مؤتمر صحفي عقده أمس بإحدى قاعات مركز الزبير محمد صالح للمؤتمرات، ان زيارته للسودان، تهدف في الاساس الى تقديم الشكر للسودانيين وحكومة الرئيس عمر البشير، لمواقفهما الاخيرة من الحرب التي شنتها اسرائيل علي غزة، والاستمرار في مساندة القضية الفلسطينية في معركتها السياسية القادمة بعد انتهاء المعركة العسكرية في غزة.
وفي رده على أسئلة الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي، نفى مشعل، تراجع علاقة «حماس» مع الحكومة السودانية، على خلفية إغلاق المكتب الاعلامي للحركة في الخرطوم، واعتبر علاقة الطرفين جوهرية وليست شكلية، معربا عن سعادته البالغة بالدعم السياسي والاعلامي والمالي الذي تقدمه الخرطوم من اجل القضية الفلسطينية، ووصف الرئيس البشير بـ«الشجاعة» ، مشيرا الى اللقاء الذي أجراه البشير بقيادات الحركة في دمشق ابان الحرب الاسرائيلية على غزة.
وقال ،ان حركته تحتفي بالعلاقة مع الخرطوم، وتكتفي بالدعم الاعلامي والسياسي والمالي الذي يقدمه السودان، بينما العبء العسكري للمقاومة تقوم به حركته، وقال ان الحركة تحترم خصوصية كل دولة تتعامل معها.
واعتبر مشعل ما جرى في غزة، يعزز القناعة بضرورة انفتاح العالم نحو حماس، وان تجاوز الحركة في أي تسوية بالمنطقة غير ممكن.
وقال ، ان هنالك دولا في الغرب ظلت على اتصال بالحركة بصورة رسمية واخرى بصورة غير رسمية، واخرى بصورة سرية، مشيرا الى ان الضغوط الامريكية في عهد الرئيس بوش، وبعض الجهات في الساحة الفلسطينية حاولت عزل حماس، وانتزاع شرعيتها، رغم ان شرعية الحركة حظيت بها من نتائج الانتخابات.
وأكد مشعل، رفض الحركة التوصل الى اتفاق تهدئة مع إسرائيل، الا بعد فك الحصار عن غزة، ووقف كافة الاعتداءات الاسرائيلية، معتبرا أن «الحصار» هو بمثابة إعلان حرب، ووصف الاوضاع في غزة بانها حالة «وقف اطلاق نار» وليست تهدئة، وقال ان حركته ليست ضد إطلاق الصواريخ على اسرائيل اذا جاءت في سياق الدفاع عن النفس من الاعتداءات الاسرائيلية، واشترط لاطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير لدى «حماس»، قبول الطرف الاخر بمعايير ملف تبادل الاسرى، التي تتصل بعددهم ونوعيتهم.
ودعا مشعل الى وقف عملية التنسيق الامني، معتبرا انها تخدم «العدو الاسرائيلي» وباتت أمرا منبوذا حتى لدى البعض في حركة فتح. كما ربط إجراء حوار فلسطيني فلسطيني، بالعودة الى وثيقة الوفاق الوطني الموقعة بين حركة فتح وحماس والفصائل الفلسطينية في القاهرة عام 2006م.
وحول الموقف المصري إزاء الحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل على غزة، قال مشعل « لا نريد ان نحاسب احدا» و«لن نقطع شعرة مع أحد»، ورحب بأي وساطة تقوم بها مصر في هذا الصدد.
ودعا مشعل، الى عدم تسييس قضية اعمار ما دمرته الحرب، وأعتبره امرا انسانيا عاجلا، وطالب بعدم الزج بقضية الاعمار في الخلافات السياسية.
ورأى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن قضية الخلافات الفلسطينية، انتجتها التدخلات الامريكية والاسرائيلية، والصمت العربي إزاء هذا التدخل، فضلا عدم حماسة بعض الاطراف الفلسطينية في اجراء مصالحة وطنية فلسطينية.
وأكد أن حركته لا ترغب في استبعاد حركة فتح، ولكنها لا تقبل بأن تكون هي المرجعية الوحيدة في القضية الفلسطينية، والاكتفاء بالسلطة الفلسطينية، موضحا ان «وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني» تنص على أحقية قوى المقاومة في أن تكون لديها مرجعيتها، وأن لا تحتكر المؤسسات الوطنية، ورأى أن بدء حوار وطني بين الفصائل يستلزم تهيئة المناخ اولا باطلاق سراح المعتقلين في الضفة.
وتدعو بعض بنود وثيقة الوفاق الوطني الى الاسراع في إنجاز ما تم الاتفاق عليه في القاهرة عام 2005 في ما يتعلق بتطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وانضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي اليها بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وبما يتلاءم مع المتغيرات على الساحة الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية، ولتكريس حقيقة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبما يعزز قدرة منظمة التحرير في القيام والنهوض بمسؤولياتها في قيادة شعبنا في الوطن والمنافي ، وفي تعبئته والدفاع عن حقوقه الوطنية والسياسية والانسانية في مختلف الدوائر والمحافل والمجالات الدولية والاقليمية، وان المصلحة الوطنية تقتضي تشكيل مجلس وطني جديد قبل نهاية العام 2006 بما يضمن تمثيل جميع القوى والفصائل والاحزاب الوطنية والإسلامية، وتجمعات شعبنا في كل مكان وكافة القطاعات والمؤسسات والفعاليات والشخصيات على أساس نسبي في التمثيل والحضور والفاعلية النضالية والسياسية والاجتماعية والجماهيرية، والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية اطاراً جبهوياً عريضا وإئتلافا وطنيا شاملا ، واطاراً وطنياً جامعاً للفلسطينيين في الوطن والمنافي، ومرجعية سياسية عليا.
وتنص الوثيقة على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتمسك بخيار المقاومة بمختلف الوسائل وتركيز المقاومة في الأراضي المحتلة عام 67 إلى جانب العمل السياسي والتفاوضي والدبلوماسي والاستمرار في المقاومة الشعبية الجماهيرية ضد الاحتلال بمختلف اشكاله ووجوده وسياساته، والاهتمام بتوسيع مشاركة مختلف الفئات والجهات والقطاعات وجماهير شعبنا في هذه المقاومة الشعبية.
واعتبر مشعل أن الخلافات السياسية العربية، تسببت في الانقسام الفلسطيني وليس العكس، وشدد مشعل، على أن حماس لا تعمل ضمن أي محور ضد آخر في المنطقة.
وكان مشعل أجرى – خلال زيارته الخرطوم- لقاءً بالرئيس عمر البشير، واكد البشير خلال اللقاء دعم السودان للقضية الفلسطينية وصولا بها لغاياتها فى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وشدد على حرص السودان على تحقيق المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية ودعم جهود اعمار غزة.
وعبر مشعل فى تصريحات صحفية عقب اللقاء، عن تقديره للسودان قيادة وحكوما وشعبا لمواقفهم المتميزة اثناء العدوان الصهيونى على غزة وما بعد وقوف الحرب، وقال ان ذلك يعكس موقف السودان الاصيل تجاه فلسطين وشعبها، داعيا السودان بكل فعالياته للوقوف باستمرار مع القضية الفلسطينية وان يواصل دعمه لها فى معركة كسر الحصار وفتح المعابر والاعمار حتى يتحقق النصر بشكل كامل والتخلص من الاحتلال الاسرائيلى واستعادة القدس وانجاز العودة وكافة حقوق الشعب الفلسطيني.
واضاف مشعل ، نحن باسم حماس وشعبنا والمقاومة الفلسطينية وباسم غزة وكل فلسطين نقدم شكرنا لرئيس السودان وشعبه وجميع فعالياته الحزبية والشعبية لتضامنهم ودعمهم لقضية فلسطين والمقاومة ولادانتهم العدوان الصهيونى على غزة.
كما التقى الوفد الذي يقوده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مع علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، الذي أشاد بدوره بتضحيات اهل غزة، مؤكدا ان السودان سيضطلع بمسؤولياته تجاه جمع الصف الوطنى الفلسطيني واعادة ما دمره العدوان الاسرائيلى الغاشم على غزة مؤخرا.
خالد سعد :الصحافة
[/ALIGN]