عالمية
بنغازي.. حين يمتزج الفرح برائحة الموت
فالفرحة التي غمرتهم فرحتان: فرحة بذكرى المولد النبوي الشريف، والأخرى برجوع طفله رضوان (7 أعوام) سالماً إلى والديه بعد دفع فدية قيمتها 250 ألف دينار ليبي (195 ألف دولار).
فقد أطلق الشاعر المزوغي حين زارته الجزيرة نت في بيته بمدينة بنغازي دعوة للتسامح والغفران والصفح عن خاطفي ابنه رضوان بهذه المناسبة العظيمة من أجل أن تعم المحبة ليبيا.
عائلة المزوغي ومئات العائلات البنغازية لم تتأخر في الاحتفال بليلة مولد الهدى، فخرجت إلى الأسواق والشوارع في زمهرير البرد وتحت زخات المطر، وهي تتحدى السيارات المفخخة والاغتيالات والموت في شوارعها على مدار اليوم.
سوف نبقى هنا
تجولت الجزيرة نت في شوارع عشرين والصابري والحدائق والفويهات وسوق الأطفال، وشاهدت جموعاً غفيرة من مختلف الشرائح والأعمار تشعل القناديل وتطلق الألعاب النارية في السماء، وقد تناسوا أحزانهم وظروفهم المعيشية الصعبة وأنشدوا “سوف نبقى هنا” للمنشد عادل المشيطي.
بنغازي -ثانية أكبر المدن الليبية- في هذه الليلة تشبه إلى حد كبير العاصمة اللبنانية بيروت في ثمانينيات القرن الماضي، في توقها إلى الحياة والحرية.
مراد الهوني -وهو أب لأطفال- يقول إن إصرارهم كعائلة على الخروج من منزلهم للاحتفال بالمولد النبوي جاء من رغبة في التغيير إلى الأفضل، مؤكدا أن قدرتهم على التعامل مع أحداث العنف تطورت بعد الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة مؤخراً وكان آخرها اختطاف الطفل رضوان.
ويؤكد الهوني -وهو مهندس معماري- أن الخطر طال الأطفال والنساء في غياب الدولة، وأنه لم يعد أمامهم سوى تحدي الأزمة لدفع الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها في حفظ الأمن والنظام.
من رحم الألم
في أحد الأسواق، قابلت الجزيرة نت المهندس سراج الأحيول يتجول برفقة عائلته، وسألته عن المخاوف التي تنتابه في مثل هذه الأوقات، فقال إنه “من رحم الألم يولد الأمل في غد أفضل”.
أما الموظف في قطاع الصحة علاء الكزة فقال هو أيضا إنه نزل إلى الشارع لشراء القناديل لأطفاله، مضيفاً أنه يتحدى بذلك الصعاب في سبيل هذه اللحظة التي يشاهدها في مختلف أرجاء بنغازي.
ويدعم هذه الآراء أستاذ اللغة العربية بجامعة بنغازي شعبان العبيدي الذي يقول إن “الناس لم تعد تخشى الموت”، موضحاً أن المجتمع بحاجة إلى لحظة فرح يقتنصها بأي ثمن رغبة منهم في الحياة الآمنة.
ويصف الصحفي عيسى عبد القيوم المشاهد الاحتفالية بأنها تعكس روح المقاومة لدى سكان بنغازي، لكنه يخشى أن تتحول أعمال العنف إلى جزء من الحياة العادية للسكان كما حدث مع اللبنانيين إبان الحرب الأهلية.
وأضاف أن بنغازي تُظهر يوماً بعد يوم روح المقاومة الصلبة التي تتحدى العنف والقتل والاختطاف.
وعلى النقيض من احتفالات هؤلاء المواطنين، لم تبتهج أميمة باوي -وهي محامية ليبية- بالمناسبة، وقالت إنها لم تشتر قناديل لأطفالها أو تحتفل بالذكرى لأن بنغازي ما تزال “جريحة”.
أما المعلمة نادية محمد فقالت إن بنغازي اعتادت على الأحزان، واختلط عند أهلها الفرح بالحزن، مضيفة أنها قابلت وهي في طريقها إلى السوق شقيقة شخص قُتل برصاص مجهول قبل عدة أيام تشتري القناديل والشموع.
خالد المهير-بنغازي:الجزيرة.نت
[/JUSTIFY]