تحقيقات وتقارير

الأمة والوطني ماراثون الصراع وغموض الأجندة

[JUSTIFY]الحوار من حيث المبدأ وكوسيلة حضارية لحل الخلافات والنزاعات لا خلاف عليه، بيد أن فجوة الثقة بين الحكومة والمعارضة تتطلب إجراءات عملية لتأكيد مصداقية الحكومة في الحوار، وأن الإجراءات المطلوبة لهذه الثقة تتمثل في تهيئة الحوار وإتاحة الحريات والدعوة بصورة واضحة لمؤتمر قومي دستوري يشارك فيه الجميع من أجل حوار حقيقي في القضايا الوطنية للوصول إلى حلول لقضايا البلاد. هذا أفضل مدخل يمكن الإشارة إليه لوصف الحالة الراهنة ومتطلباتها من خلال الدور الذي يتبناه الحزب الحاكم هذه الأيام في اتصاله بالأحزاب السياسية والقوى الأخرى وإمكانية التزاوج بينه وما يقوم به حزب الأمة من مبادرات يمكن أن تصب في نفس الاتجاه.. ولكننا نذكر هنا إنه وفي خطاب الرئيس البشير لدى افتتاح الدورة البرلمانية السابعة، فقد أعلن إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين تمهيداً للجو لإجراء الحوار مع المعارضة المدنية والمسلحة بمن فيهم جماعة «الفجر الجديد» لكن المعارضة شككت في جدية الخطوة وأجمع قادة أطيافها على أن الأمر مجرد مناورة لتخفيف الاحتقان والضغوط على النظام السياسيين. ووصف حزب الأمة القومي دعوة المؤتمر الوطني للحوار مع المعارضة المدنية والمسلحة بالتناقض والارتباك والاضطراب وقطع الحزب في تعميم صحفي تلقته «الإنتباهة» بأن تناقض خطاب وقادة المؤتمر الوطني أحوج إلى إعمال الحوار بين مكوناته القيادية لبلورة رؤية شاملة وخطاب متماسك حول أهداف الحوار وغاياته النهائية المنشودة، واستبعد أن يصبح الحصول على العفو هدفاً تنشده المعارضة بشقيها المدني والمسلح أو أن يشكل العفو أرضية صالحة يتأسس عليها حوار مفيد يخاطب كل جوانب الأزمة التي تعاني منها البلاد. وجدد الحزب قناعته بأن استمرار الوطني في تجزئة مطالب المعارضة وانتهاج المنابر المتعددة والمتقاطعة يسد الأفق أمام الحلول الشاملة والعادلة ويكرس لاستمرار الانقسام والاحتراب والنزيف، وأكد السفير نجيب الخير عبد الوهاب أمين العلاقات الخارجية أن تناقض خطاب الوطني سوف يربك الساحة السياسية ويسبب المزيد من الحيرة للمراقبين ويضعف مصداقية الوطني ويصور الحراك ودعوات التغيير داخله بالخطوات المفضية في نهاية المطاف إلى المربع الأول.

القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي قال: لـ «الإنتباهة» إن إعلان الوطني استعداده للحوار الجاد للتفاهم حول الآليات التي تنظمه لن يستثني أحداً بما في ذلك القوى السياسية التي تحمل السلاح، وأن حزبه ملتزم بتهيئة المناخ للقوى السياسية كلها دون عزل، وقال: «نريده حواراً للجميع، فالسودان وطن يسع الجميع بثقافته وتنوعه وتاريخه ومستقبله»، وبالفعل قامت الحكومة بممارسة الحوار والدليل على ذلك الآن الأحزاب المشاركة بالحكومة بما فيها الأمة والديمقراطي، إضافة إلى اتفاقيات السلام الشامل الذي أفضى إلى انفصال الجنوب والاتفاقيات الموقعة مع حركات دارفور بالدوحة وأنصار السنة والإخوان المسلمين، أكبر دليل على جدية الحكومة في الحوار، ونلحظ عفو الحكومة عن موقعي الفجر الجديد بـ «كمبالا» وتحالفهم مع الجبهة الثورية حيث نعلم ما هى الجبهة الثورية وليس كوعد عرقوب «والبينة على من أدعى واليمين على من أنكر»، مشيراً إلى أن الواقع يدحض كل هذه الإدعاءات، وهذا هو ديدن المعارضة وليس حزب الأمة فحسب، دائماً يسيء الظن بالوطني وبكل مبادراته الجادة لحلحلة أزمات البلاد، ونحن في مرحلة نحتاج فيها إلى معارضة واعية ورشيدة لتفهم ما يحدق بالوطن.

وفي ذات السياق قال المحلل السياسي د. عبد الجليل محمود لـ «الإنتباهة» هذه ليست هي المرة الأولى التي يطلق فيها الوطني مبدأ الحوار بينه وأحزاب المعارضة، فقد سبق أن طرح عدة مبادرات كانت تجد الرفض من بعض المعارضين حتى قبل أن يطَّلعوا على بنود تلك المبادرات. إن الأحزاب الصغيرة مثل أحزاب الشعبي والشيوعي وغيرهما وحركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والتي لا تملك سنداً شعبياً واضحاً في الشارع السوداني هي التي تُثير كل هذا الضجيج وهي التي تعرقل كل خطوة تقوم بها الحكومة من أجل الحوار، لأن هؤلاء جميعاً يدركون بأن الحوار سيُفضي لاتفاق وأن الاتفاق سيُفضي لانتخابات تُحدد أوزان كل حزب ،وهذا ما لا تريده تلك الأحزاب والجماعات لأنها تعلم بأنه ليس لديها ثِقل جماهيري يؤهلها لخوض تلك الانتخابات وهي تحاول بذلك أن يكون الوضع على ما هو عليه الآن أو القيام بانتفاضة تُسقط لهم الحكومة ليُشكل هؤلاء مع الأحزاب الكبيرة حكومة جديدة دون أن يعرف أحد أوزانهم الحقيقية في الساحة السياسية، ولكن مسألة الانتفاضة غير مطروحة الآن، لأن الشعب السوداني يرى ما يدور من حوله ولا يريد تكرار تجربة هؤلاء، لأن العاقل من اتعظ بمصيبة غيره.

صحيفة الإنتباهة
فتحية موسى السيد[/JUSTIFY]