مأساة جوبا فى الملهى الإثيوبي !
إذ انه لو كان شعب الجنوب يستحق أن يمنح دولة قائمة بذاتها يديرها بما يحقق له الرفاه و المستقبل والغد المشرق، فإن قادة الحركة الشعبة -الذين يتصارعون الآن بالحراب والرصاص ويملؤون الأرجاء دماء وجثث- لا يستحقون بحال من الأحوال هذه الجائزة السياسية المخيفة .
لقد بدا واضحاً أولاً: إن قادة الحركة الشعبية لم يكن يجمعهم جامع وطني مؤرق يدفعهم إلى إقامة دولة متوازنة لا تعادي جيرانها ولا تعض اليد التي منحتهم هذا الامتياز الكبير. فقد رأينا -طوال أكثر من عامين- كيف عبث أولئك القادة بالعلاقة الإستراتيجية الهامة مع السودان وكنا نستغرب كيف تعقدت الخلافات بين جوبا والخرطوم كل ذاك القدر من التعقيد ولمصلحة من كان يجري ذلك؟
فحتى لو كان لمصلحة طرف خارجي، فإن المصالح نفسها تحتاج إلى (عقل) وتخطيط صحيح ومتوازن ولكن الذي ظل يحدث في كل الفترة السابقة أن قادة الدولة الجنوبية الوليدة كانوا يسعون إلى تمزيق وإضعاف السودان إلى أدنى حدد ممكن وبشتى السبل والأساليب وأمعنوا في دعم وإيواء المتمردين السودانيين وانغمسوا تماماً في تلك (الملهاة) لتنقلب في النهاية على وجوههم كمأساة ما بعدها مأساة.
ثانياً، لم ينشغل غلاة القادة الشديدي التعصب ضد الخرطوم ببناء بلادهم والارتقاء بها بل إن بعضهم غرق إلى أذنيه من عب المال واكتناز الأموال، واعتقدا أن هكذا تبنى الدول!
كان أمراً غريباً للغاية أن ذات هؤلاء القادة -وطوال فترة الست سنوات الانتقالية- ملئوا الأرجاء هنا في الخرطوم بالحديث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، بل إن بعضهم -مثل باقان أموم- لم يكن يكف عن وصف بلاده السودان في ذلك الحين بأنها دولة فاشلة!
كان الكثيرون يعتقدون أن قادة الحركة الشعبية يتمتعون بذكاء ودربة جيدة، ولكن ثبت الآن بلا أدنى شك أنهم لم يكونوا سوى مزايدين مفلسين حين رسا عليهم المزاد لم يستطيعوا سداد قيمته حتى ولو بشيك آجل!
وعلى ذلك فإن اختيار الإيقاد لملهى ليلي صاخب تجري في لياليه أكواب اللهو المترعة وأهازيج الأسى الصاخبة، ويموت وينزوي نهاراً مكاناً لعقد المفاوضات التي تطاولت دون أن تحرز تقدماً يذكر؛ هو في الحقيقة تعبير سياسي رصين عن عمق الأزمة، فهي مأساة في شكل ملهاة!
سودان سفاري
ع.ش
البيرة على مشار ولا سلفا ؟ وانتاج جنوب السودان ؟؟ ولا اديس ابابا ؟؟