تحقيقات وتقارير

تغيير الولاة .. من نصدق ..؟!

[JUSTIFY]حالة التحدي التي دخلت فيها الحكومة مع الرأي العام بشأن إعلانها المسبق بإجراء تغيير شامل وجذري في مؤسساتها وأجهزتها كانت الحكومة على قدر التحدي ولكن خاب ظن كثيرين عندما تلكأت بشأن حسم ملف الولاة الذي كان يتوقع أن يحدث فيه تغييرات، بل إن الرئيس البشير شخصياً أشار لتغييرات ستطال الولاة عند لقائه بنواب حزبه بقاعة الشهيد الزبير، لكن فيما يبدو أن ملف الولاة الذي يعد من الملفات المهمة والحيوية يوحي بشكل بائن بأن هناك خلافات حادة فيما بين قيادات الحزب الحاكم لجهة تضارب التصريحات بشأنه، فقبل أيام قلائل لا يستبعد نائب رئيس الوطني إبراهيم غندور حدوث تغيير وسط «بعض» الولاة بإشارته للجنة تقييم لأداء الولاة سبق لآخر لحظة وقد انفردت بتفاصيل عملها، لكن الجديد الآن فيما يلي المسألة المثارة هو استبعاد نائب رئيس الوطني مساعد الرئيس السابق د. نافع علي نافع، أن يلجأحزبه لتغيير الولاة في الوقت الراهن في حديثه للغراء «الإنتباهة»اول أمس.

***

لكن حديث نافع يستوجب التوقف عند حالة الرجل الراهنة، حيث بات خارج دائرة الفعل السياسي على الأقل ظاهرياً من خلال تنحيه عن أهم موقعين في الحزب والحكومة لكن تناوله لأهم القضايا وأكثرها حساسية – تغيير الولاة – يفتح باب التأويلات حول وجود الرجل داخل دائرة صنع القرار الضيقة وهي حالة ستحدث نوعاً من الارتباك إن لم يكن الإحراج لخليفته إبراهيم غندور، بل ربما للحزب ومؤسساته سيما وأن غندور سيدشن نشاطه السياسي في نهر النيل.

لكن لنأتي للأمر الأكثر أهمية هل بالفعل لا يحتاج الولاة لتغيير وهم جديرون بالبقاء في مناصبهم؟!

لا يختلف اثنان أن هناك معضلة قانونية عند تغيير الولاة كونهم منتخبين وإن كان هناك من وسيلة منطقية جداً وهي تقديم الولاة لاستقالاتهم طوعاً أو مكرهين – سيان – مثلما تم إعمال المسألة مع والي القضارف السابق كرم الله عباس، لكن تأكيد نافع بعدم الحاجة لتغيير الولاة تحمل عدة مؤشرات:

الأول: أن بعض الولاة سيقبضون على الأوضاع أكثر مما هو حادث بيد من حديد إن لم يكن سيتجبرون ويطغون ودونكم التصريح الحارق لوالي النيل الأبيض يوسف الشنبلي الذي عاد لولايته من الخرطوم وحذر من يتحدثون عن ذهابه وقال إن انتظارهم سيطول.

الثاني: إن كثيرين خاصة من هم في الولايات، لن يجدوا أن التغيير على مستوى المركز لبى طموحاتهم كونه لم يصل ولاياتهم وفي هذا وقع سيء على الأوضاع هناك.

الثالث: ما هو الغرض من تشكيل لجنة أشار إليها غندور الهدف منها مراجعة أداء الولاة طالما ليست هناك نية لإعمال الجرح والتعديل وسطهم؟.. أم أن اللجنة أصدرت تقريراً أكدت فيه أن الولاة جديرون بالبقاء؟.. وهذا يجعلك تنظر لأوضاع عدد من الولاة.

الرابع: عدم الاتجاه لتغيير الولاة سيفتح باب التفلت في أوساط المؤتمر الوطني بالولايات التي كانت تنتظر من المركز أن يريحهم من الولاة.. بل إن التفلت بدأ بالفعل في كسلا من خلال خروج قيادات تنتمي للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وإعلانها صراحة العمل على الإطاحة بوالي الولاية.

الخامس: إن بعض ولايات دارفور يقول واقع الحال فيها إن بعض ولاتها ليسوا جديرين بالاستمرار في المنصب من خلال ما جرى من أحداث في ولاياتهم أدت لإضعاف هيبة الدولة بشكل صريح مثل حرق مقر حكومة ولاية جنوب دارفور وإخراج الوالي من مكتبه بواسطة قوة خاصة – والتي تعد الحالة الأولى من نوعها –

السادس: إن «شلليات» بعينها في بعض الولايات مقربة من الوالي ستقوى شوكتها بعد الإعلان عن عدم تغيير الولاة وستستمر في الهيمنة على مقاليد الأمور في تلك الولايات وهي معروفة في عدد من الولايات وأبرز علاماتها هو وجود قيادات في تلك «الشلليات» في حكومات الولايات لسنوات طويلة.

السابع: وهو ما أشار إليه الأستاذ الصادق الرزيقي مؤخراً في زاويته الراتبة مؤخراً، حيث كتب: «لقد سبَّب بقاء عدد من الولاة في مواقعهم لفترات طويلة، بغض النظر عن كيفية اختيارهم سواء كانوا منتخبين أو معينين، الكثير من المعضلات والمشكلات لا تنتهي و(تحل) إلا بذهابهم وتغيير التركيبة الحاكمة في ولاياتهم وتقليم أظافر مراكز القوى التي انتقلت بفكرتها ومفاهيمها إلى هناك وصارت أبشع مما هي عليه في الخرطوم».

الثامن: وبحسب المصدر السابق «لقد تجمدت الحيوية السياسية في ولايات السودان المختلفة التي عُرفت بنشاطها ومبادراتها وكانت ترفد المجرى العام للسياسة بإشراقات كثيرة تظهر في البرلمانات والأحزاب ومكونات العمل العام.. وأطبق الولاة راحات أياديهم على كل زهرة متفتحة وعصروها عصراً، ونفَّروا كثيراً من المواهب والقدرات وقمعوا العديد من الأصوات، فلم يعد هناك إلا الذبول السياسي والتنفيذي». ومهما يكن من أمر فإن الوطني مقبل على حملة ضخمة لبناء الحزب بدأت بطواف وفود لبعض الولايات، وبالقطع ستجابه تلك الوفود بوابل من الأسئلة من قيادات لن يجدي معها «البندول» لكن طالما قواعد اللعبة تغيرت في الآونة الأخيرة خاصة عقب التعديلات الأخيرة، حيث باتت كل مقاليد الأمور بيد الرئيس البشير ربما سيكون له رأي آخر في مقبل الأيام له ما بعده.

تقرير :أسامة عبد الماجد:

صحيفة اخر لحظة[/JUSTIFY]