فكري ابو القاسم : المراجع العام …الضمير المقموع!!
لا فائدة سوى تطمين الفاسدين، نعم زادت معدلات (التجاوز) بمعدلات كبيرة مثل: تجاوزات بديوان الضرائب بلغت بزيادة (102% -104% على التوالي) وعن رسوم جديدة مخفية (خارج الحساب) بلغت ما يزيد عن 66 مليوناً، وهناك أيضاً في وزارة التجارة يزيد عن ثلاثة ملايين!
ترك إستفهاماً ضخماً بحجم المبلغ الضائع عن (310) مليوناً من أموال النفط. المالية نفسها أخذت حقها (من المال السائب) برسوم غير قانونية .
عقودات الذهب أصابها السوس؛ وتعجب عزيزي من كشوفات الأجور المضللة مع حوافز واستحقاقات غير قانونية، وأبحث عن نصيب الدستوريين في البحر الأحمر، وجنوب دارفور ستجد للمراجع كلاماً !كما كان له كلام عن الشيكات المرتدة في إدارة الجمارك والتي هي في زيادة مطردة سنوياً !وأعلن هذا (الطاهر) عن تجاوزات، وتلاعب في رسوم التخلص من الفائض (بدون سند قانوني) ولولا أن الضحك لايجوز في (بيت البكا) كنت سأسأل عن معنى (التخلص من الفائض)، وكنت سأسأل عن – كيف لاتراجع دولة ذات سيادة حسابات مصنع كنانة ؟!
تشير التقارير بوضوح تام أن الخصخصة أصبحت وبالاًَ مزدوجاًَ:مائدة للمأكلة وخراباً للأصول وأعتبر المراجع(أن عدم إظهار عائد الإستخصاص يوضح أن الأداء الفعلي لايعكس الصورة العادلة والحقيقية) وبعد تثبيت سوء النية طالبهم بضرورة (إظهار صافي العائد ضمن بند الإيرادات بالحسابات). الحسابات الختامية أبرزت خللاً في أرصدة الخزائن والعهد.. وقد بلغت هذه «التجاوزات» نسبة مهولة (91%) في وزارات مثل: الداخلية والخارجية والدفاع.
في صرخات المراجع العام ما زاله مسلسل الرسوم غير القانونية مستمر .
رغم التحذيرات المتتالية في الدورات السابقة من قبل المراجع العام لم يستجب لهذه النداءات إلا عدد قليل من الوحدات، سبع وحدات فقط من سبع عشرة وحدة، وثلاثة في الولايات من ست وحدات!!
هذه «التجاوزات والمخالفات» مارسها حتى شيوخ الزكاة . عندما ذكرنا هذه «التجاوزات» هددوها في الدورة السابقة بالمحاكمة تحت بند الاتهام بإشانة السمعة.
هذه المرة لم يترك لهم المراجع مساحة للهروب إلى التأويلات والاختباء خلف مصطلحات مثل «التجاوزات» التي لا تعني سوى الاختلاسات.
وصفهم بالضعف الفني في عملية التعاقد وترك الباب موارباً ما يمكن أن يفهم منه أنه تلاعب خلف الصفقة.
ذكر بالاسم (صفقة المشكاة) !! نطالب الأمين العام الجديد الذي نعرف طهارته ومهنيته الأستاذ محمد عبد الرازق أن ينفذ مطالب المراجع العام.. وهي: محاسبة الجهات المتورطة في هذه الصفقة واسترداد مبلغ الشرط الجزائي، والتحقيق في قضية أخرى هي- «الإخفاق في تحقيق أهداف مشروع الدعم الاجتماعي» وأسباب «الإنحراف بالتصرفات المالية».
هذا السرد مجرد نقطة من بحر الفساد العريض في (سودان المشروع الاسلامي)، تقارير بلغت الستمائة تقرير.
ربما بعد جهد جهيد وفي النفس شيء نستطيع أن نجد بالكاد عذرًا لتجاوزات وزارة الخارجية التي بلغت 93% ونقول ربما كانوا ضحايا سياسات غير واقعية في ترشيد الصرف. والمصيبة الكبرى حتى هذه الأرقام المذكورة لا تستطيع أن تلاحق (الفساد العميق) للصفقات كالرشاوي والعمولات التي تدفع للموظفين من قبل التجار أصحاب العقودات الحكومية والمؤسسات……….لا نملك هنا سوي أن نتفلسف أمام هذه الثعابين السامة.. والله يكون في عون المراجع القانوني..
ليس في مأمن من سمومهم. لا نملك سوى(الفلسفة) وليس ذلك من باب قطع دابر الفساد بل من باب «إذا أردت أن تملك شيئاً مستحيلاً فتأمله!!» هذه الأرقام مؤشر إلى انهيار صريح للدولة والمؤسسية، ومن يريد أن يقرأ المؤشر الحقيقي لمعدل التدهور فليقرأ معي هذا الفرق:-
عام (2011م) كانت الرسوم غير القانونية هي في حدود (5،1) مليون.. الزيادة في هذا العام (2012) بلغت (12,1) مليون دولار.
هنا نستطيع بوضوح أن نتصور كيف تخطو الدولة السودانية نحو الهاوية!!!! أخشى أن نصل مرحلة لا علاج بعدها، إلا بالدم والحروب الأهلية وما هي ببعيدة.. ونرى الآن بوضوح الأكاذيب في شعارات مثل «الشعب المتدين».. ولا أدري كيف يبقي متديناَ وهؤلاء المفسدون جزء أصيل من النسيج الأجتماعي.
دائرة المشاركة اتسعت في الفساد فالشعب السوداني أغلبه أصبح مفسدًا كلَ في موقعه ومن لا يفعل ذلك مشارك بالسكوت.. كيف يكون المتدين ساكتاًَ عن الحق و شيطان أخرساًَ؟!! ألا يكفي هذا لمطالبة (القصر) أن يغير جلده بالرحيل..ربما لو رحلوا ستسقط هذه (الحصانات) التي جلبت الوبال على المجتمع. السبب الأول للفساد هو «الحصانات».
ولكن في خضم هذه الظلمات لا بد من بصيص أمل.. إذا كان لا بد من تفاؤل فهو بقاؤه هذا المراجع (الطاهر). بقاءه بيننا إرهاص لإ مكانية الإصلاح.
لا أعرف شئياًَ عنه إلا أنني أرى في هذا (الأغبش) طهارة يمكن أن تبقى نواة لسودان جديد معافى، هذا (السودان) لن نحضر زمانه كجيل!! ولكن الذي نتمناه هو أن نحضر ذهاب (هذا الكابوس). هذا المراجع الذي نخشى عليه من المفسدين اصحاب السلطة والمال هو (الدرويش) الذي ستقوم «الطريقة» باسمة.
وهو الآن بين الفاسدين المحصنين بالقانون كاليتيم في موائد اللئام. ولكن صوته حتماًَ لن يذهب هدرًا فالضمير المخنوق لا بد أن يفرض نفسه يوماًَ والحقيقة لا تموت!! أما المفسدون في جميع المواقع يرددون كلاماً واحداً هو «الداير حقو يمشي القانون» وهم يعلمون قبل غيرهم أن القانون (حمار)!! الذين ينهبون المال العام لا يفعلون ذلك إلا بالقانون..
فكيف نحتكم الى القانون وهو الخصم والحكم.؟؟؟ أي مفسد يستطيع أن (يشطب) كل هذه الأرقام إذا وصلت المحاكم لأنه يستطيع أن يشتري كل المقاعد ويمدد رجليه! والنماذج بيننا في منتهى الوضوح..
والسبب ليس لأن القاضي مع الفساد بل لأن (القانون) نفسه جزءًا من الفساد.. بل القانون أسرع في حماية (سمعة) المفسد أكثر من حمايته للحق العام.
عندما تشطب المحاكم قضايا المفسدين تبدأ الصرخات ولكن هؤلاء ينسون أن (المشكلة) في فهمهم وليست في المحاكم. والحل ليس في أمن اقتصادي ولا في لجان يكونها القصر، بل في شعب يقود ثورة أو ثائر يحكم بفصل الخطاب.. هناك بين قانون «الحكمة» وقانون «فصل الخطاب»!! اللهم هيأ أخف الحلول!!
صحيفة آخر لحظة
فكري أبو القاسم
ت.إ[/JUSTIFY]