ايام زمان
أعتقد أن الدارسة في هذه الأيام صارت من عدة نواح أسهل من ذي أمس.. أسهل من ناحية الجهد المبذول فيها.. لا من ناحية تكاليفها المالية.. معاي.. فبدعة الترحيل التي انتشرت اليوم.. لم نكن حتى نتصورها في يوم من الأيام.. مدراء مدارسنا لم يكونوا يحلموا يوماً بسيارة تحملهم من وإلى المدرسة.. ولا حتى المفتش لا يملكها.. ونحن منا من درس بدايات سنينه الأولى في القرى.. التي كان الطالب الذي يأتي المدرسة بحمار.. هذا يعتبر من علية التلاميذ.. ويمكن مقارنته بالذي يأتي بسيارة آخر موديل هذه الأيام.. مع العلم أن هذه الأحداث كانت في بدايات التسعينيات وليس قبل الاستعمار كما يتصور البعض.. فنحن في تلك الأيام كنا نقطع مسافات طويلة حقاً للوصول إلى المدرسة.. ونصل إليها غُبش الوجوه.. وكان أكثرنا رقياً وتنعماً هو الذي يمسح وجهه ببقية زيت الزلابية أو الطعمية.. وإذ كان لغباشتنا سببٌ آخر.. هو أننا كنا نتمسح بتراب (بيت النمل) إذ سرت إشاعة أنه يخفف من ألم السياط.. ولكن اكتشفنا كذب هذه الإشاعة.. لاحقاً.!
(2)
والغريب في الأمر كنا أكثر ذكاء ومعرفة بأمور الحياة مقارنة مع جيل اليوم.. على الرغم من توفر التقنيات الحديثة التي لم تكن متاحة لنا.. أكبر تقنية كنا نملكها حينذاك هي أن أننا كنا نذاكر تحت ضوء لمبات الكهرباء.. ولا يغرّنك الدرجات المرتفعة.. وإحراز درجات عالية في المواد الدراسية لبعض التلاميذ الآن.. فهي معظمها تضخم في الدرجات.. وتشبه التضخم المالي.. نقود كثيرة.. ليس لها قيمة.. وتلك حفظ للمقرر بلا ملكة تحليل واستنباط.. وقد سمعت أنه في مدارس نموذجية كثيرة أنه يتم تحفيظ الطالب كتاب المادة بأكمله وتسميعه بالكلمة.. من الغلاف إلى الغلاف.. مثل هذا سيحرز الدرجة الكاملة في المادة نعم.. ولكننا نريد طالباً يفهم ويحلل ويستنتج.. لا نريد آلة للحفظ فقط.!
(3)
أكثر شيء يجعل جيل السنوات الأخيرة في القرن الحادي والعشرين محظوظاً.. أنه يعيش في زمن مُنع فيه جلد التلاميذ.. معه أنه تحت تحت كتيير.. أما نحن شهدنا أياماً كانوا يضربوننا بسياط -أعتقد أنها كانت- مخصصة لجلد غرائب الديناصورات.. وليس الإبل كما يعتقد البعض.. وأذكر أن زميلي في سنة رابعة آنذاك بسبب أنه لم يحل تمرين الرياضيات تم جلده أمامي وأنا أنظر إليه.. جلده أستاذ الرياضيات خمسين جلدة.. فتأمل.!!
الكاتب اسامة جاب الله