كيف نعامل المعاق والمتأثر جسديًا ؟!
«ميم» فتاة في عمر الزهور شاءت الأقدار أن تصاب بتشوه في وجهها نتيجة لتعرضها لحريق شبّ داخل المطبخ، حدثت تلك الحادثة عندما كانت تبلغ من العمر سبع سنوات، وشُخِّصت الحالة على أنها حريق من الدرجة الثالثة وباشرت العلاجات مع كبار الاختصاصيين ولكن لم يفلحوا في إعادة الوجة إلى شكله الطبيعي مع أن الأطباء بذلوا كل ما في وسعهم، ومازالت «ميم» تعاني من نظرة المجتمع السلبية تجاهها خاصة من قبل زميلاتها في المدرسة ونظرة المارة بالشارع العام مما حدا به إلى ترك مقاعد الدراسة والتقوقع على نفسها داخل المنزل. هذه الفتاة نموذج لأصحاب التشوهات الذين كانوا ضحية للمجتمع.
وكانت لأحمد الذي وُلد بتشوه خلقى في الأسنان حكاية تختلف تمامًا عن حكاية «ميم» فأحمد لم يأبه للتعليقات الساخرة التي كانت تطلق عليه من قبل زملاء الدراسة ولا نظرات الاستنكار التي تلاحقه من المارة في الشارع العام، بل كان مصرًا وملحًا على التفوق والتحصيل الدراسي فكان له ماسعى من أجله فحقق أعلى الدرجات العلمية.
«ك» ضحية لبعض أفراد المجتمع الذين يفتقرون للذكاء العاطفي في التعامل مع الآخرين، فهي قد تعرضت لحادث سير أثر تأثيرًا بالغًا في شكل وجهها وعنقها فلم تنجُ من التعليقات التي تنم على العطف والشفقة والتصرفات والانفعالات التي تعبِّر عن الاستياء و«مط الشفاه» فأصبحت تخشى الخروج إلى الناس ومواجهة المجتمع.
رأي الاختصاصي النفسي
الأستاذ زكريا آدم محمد صالح الاختصاصي النفسي قال في إفادته لنا:
معيار الجمال هو معيار نسبي ولكننا نجد أن الكل ينشد ويحب كل ما هو جميل ونجد أن من مقومات الارتياح النفسي «الماء والخضرة والوجه الحسن» إلا أننا نجد بعض من الناس حظهم قليل من الوجه الحسن أمل لأسباب خلقية أوحوادث مختلفة، ونجد أن الوجه من أهم وسائل التواصل الاجتماعي غير اللفظي بين الناس فهو مصدر للتعبير عن الحالة الانفعالية فنجده مرة يعبر عن الحزن وتارة عن الفرح ومرة أخرى عن الغضب أو الاستحسان أو الرفض أو القبول أو الارتياح، وعن طريق الملاحظة لتعابير الوجه المختلفة نستطيع تكوين انطباعاتنا واتجاهاتنا عن الآخرين بصورة إيجابية أو سلبية. وفي إطار الحديث عن الجمال والإحساس به لا بد أن نذكر أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح وطيب النفس وليس الوجه فقط لأنه لا محالة زائل. أما بقية الأفراد الذين يعانون من التشوهات فنجد أن درجة التأثر النفسي لتلك التشوهات تختلف وفقًا للنوع والعمر، فالنساء أكثر معاناة نفسية من الرجال وكذلك الأعمار الصغيرة أكثر تأثرًا من الأعمار الكبيرة من ناحية الضغوط النفسية المترتبة على حالة التشوه، كذلك نؤكد كلما كان الفرد لديه نظرة دونية لذاته ويفتقد للثقة ويفتقر للمواجهة وعدم القبول والرضا بالواقع كلما كان عرضة للإصابة بالضغوط والاضطرابات النفسية لأنه تقل لديه درجة الاحتمال النفسي والاتزان الانفعالي والتوافق والتكيف مع نفسه ومع الآخرين وقد يصل لمرحلة الانسحاب الاجتماعي أو العزلة أو السلوك العدواني اللفظي أو البدني وقد تسيطر عليه المشاعر السلبية المدمرة فلا يستطيع الهروب من أفكاره وواقعه مما ينعكس سلبًا على أدائه الحياتي بصورة عامة، في هذه الحالة لا بد من تدخل العلاج النفسي.
أيضًا نجد هنالك بعض الأفراد يفتقرون إلى الذكاء العاطفي أو الوجداني نتيجة للتنشئة الاجتماعية الخاطئة فتكون قدرتهم على التعامل مع الآخرين ضعيفة ولا يهتمون بمشاعر وأحاسيس الآخرين ولا يتقبلونهم، بل يسلكون بعض السلوكيات غير المسؤولية وغير إنسانية من رفض وسخرية وهمز واستهتار تجاه الذين يعانون من تلك التشوهات مما ينعكس سلبًا على جوانب صحتهم النفسية.
خلاصة لابد للذين يعانون من تلك التشوهات أن يتحلوا بالرضا والقبول والواقع وعدم التأثر بما يقوله أو يلمح له الآخرون من إشارات سلبية. ولا بد من تعزيز جوانب الثقة بالنفس والتحكم في الحالة الانفعالية وعدم الاستسلام للمشاعر السلبية وعقدة النقص والاختلاف مع تقوية الجوانب الروحية والإيمانية وأن الجمال هو جمال النفس وصفاء الروح وهو ينبع من دواخلنا وتغذيه أحاسيسنا الإيجابية. أما الذين يسيئون فهم التشوهات ويستهزئون بالآخرين فلابد لهم من تغير تلك النظرة السلبية والدونية
وأن أي فرد في آي لحظة إذا ما تعرض لحادث ما قد يكون فئة أولئك الذين يعانون من تلك التشوهات فماذا يفعل حينها؟ وماذا يقول لنفسه؟
إذن لا بد من تقبل الآخرين من غير شروط واحترام مشاعر الغير وتقدير انفعالاتهم وإلا نشعرهم ونذكرهم بالنقص والتعامل معهم بإيجابية.
صحيفة الإنتباهة
سحر بشير سالم
ع.ش