تحقيقات وتقارير

صقور الوطني وحمائم التغيير

[JUSTIFY]لانفكاك من حالة الجذب المغناطيسي القوية لحزب السلطة وقياداته من الدولة أمر ليس باليسير، مهما استخدمت فيه من قوة خارقة.. لا يبدو أبداً إن التغيير الذي يحدث الآن هو من صميم القناعات المتوحّدة على هدفه من قبل الحزب الحاكم، أو النظام بأكمله.. ثمة حلقة مفقودة تكاد تتكشّف الآن، ولو ببصيص أمل، وخيط (بعيد بعيد) يقود إلى ما يشبه الاختلاف على ما يحدث برمته.. هذا الرأي المتوجس يحمله البعض في كل قراءاتهم لرسائل الوارد السياسي، ومهما بدا على محيا البروفسير إبراهيم غندور، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، من تماسك، يكمل تقاطيع وجهه الوسيمة، إلا أن إشارة الاختلاف تأتي من أقصي المدينة، يحملها القيادي حاج ماجد سوار، منتقداً السلطة وفكرتها في الحكم بهجمات قاسية علي وزير الخارجية علي كرتي.. ما تزال المشاهد تبدو في غير اكتمال دائم، بيد أنه لا محالة سيكتمل.. بأيّ السيناريوهات؟ هذا متروك للأيام وتصاريفها، والسياسة وتقلباتها.. إجابة مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني السابق الدكتور نافع علي نافع على لقاء (الترابي، البشير) كانت تحمل في جوفها عدم الرضا، إن لم يكن الغضب الصريح.. نافع وصف التكهنات لذلك اللقاء بقوله (الدايرها الله بتبقى) ، وإن كان البعض ينظر الى جناحين بقيادة نافع وطه، داخل سلطة الدولة الواحدة، إلا أن المجريات الأخيرة قد وحّدت رؤية الجناحين المتضادين؛ طه النائب الأول السابق ورجل الدولة القوي أبدى رأيه باختفاء كامل من أنشطة السلطة، حزباً ودولة، ولزم مقعده في البرلمان، بحضور متقطع، ومشاركة صامتة إلى حدّ كبير.. أكثر التصريحات التي يمكن ان تقرأ في رفض التغيير واجهاض فكرته الغضة ما قال به الدكتور نافع بالابقاء على ولاة الولايات وعدم تغييرهم، لكن الذي يتبدى أن الصقور في الوطني ليسوا هم (طه ونافع) فقط!
حسب رأي الكثيرين ما تزال أفكار البعض يتغلغل في دواخلها إنّ الحزب والدولة سيّان وإن كانت فوق كل الحسابات الوطنية؛ الصقور ما يزالون هنا في ثوب شبابي تماهى مع التغيير مظهراً، وأنكر جوهر العملية التي ظل الجميع ينتظر محصلتها، بلقاء يجمع الفرقاء، ويذوب المرارات.
الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي يحمل في جرابه عقاقير دودة (الفرديد)، أيضا يحمل ضمادات المعارك السياسيّة الجارحة، برعايته لمشاريع الاصلاح السياسي، والعملية الانتخابية. كارتر يخرج بعد لقائه مع رئيس الجمهورية كاشفا عن مفاجأة سيعلنها الرئيس قريباً، ذلك أمر ترك الانتظار القاسي سيداً للموقف في العموم السياسي والخاص الحزبي، بيد أن سهما طائشاً أصاب حديث الأمريكي العجوز، فقبل أن يجف مداده، سارعت مصادر تحدّثت لـ(اليوم التالي) بنفي الخبر، بالقول إن الرئيس لم يطلع كارتر على مفاجآت، وذهبت المصادر لتأكيد استغرابها من حديث كارتر، واستغراب الرئيس البشير نفسه، وقالت إنّ الحديث ربّما كان خطأ من الإعلام أو من كارتر نفسه في تفسيره.
مهما يكن من أمر، فإنّ لقاء (البشير كارتر) أيضا حمل بشرى مضيّ الدولة في التغيير الذي اطلع عليه، حتّى لا يتراءى للبعض بأن التغيير حلقة اكتملت فصولها، بجانب إنّ ما حملته التكهّنات يؤكّد أن السفينة سترسو على برّ آمن.

حسن محمد علي: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]