رأي ومقالات

ابراهيم عثمان : ورطة “الثوار” السابقين

[JUSTIFY]بعض “ثوار” 25 يناير الذين عارضوا نتائج الإنتخابات السابقة و دعموا حملة “تمرد” المدعومة فكرةً و تخطيطاً و تمويلاً من قبل الفلول و أمن الدولة اكتشفوا المقلب الذي شربوه ، و رأوا بكل وضوح ملامح نظام مبارك بنسخة أسوأ ، نسخة الإنتقام من 25 يناير مبادئ و شعارات و أحزاب و جماعات و أفراد ، تيقنوا من ذلك ، و من يشك منهم في ذلك لا يقصر السيسي زعيم الفلول و منقذهم في تذكيره ! تسيد نجوم “القائمة السوداء” المرحلة و أنزوى “الثوار” السابقين يلعقون جراحهم و يغمغمون بصوت خفيض بما يشبه الإحتجاج ، بعضهم اختار الصمت التام كوائل غنيم و آخرون ، و بعضهم اختار الغمغمة كأسماء محفوظ و بلال فضل و نوارة نجم و آخرون .

ينتقدون حكم العسكر على استحياء و لا يستطيعون كتابة جملة ناقدة إلا و هي محمولة على ظهر رشوة للسيسي تتمثل في نقد أعنف للإخوان ! . هذه هي الوصفة التي يراوغ بها هؤلاء رقابة السيسي و قضاته و أجهزة أمنه و سجانيه .

لا يملكون شجاعة الإعتراف بجريمتهم الكبرى في حق ثورة 25 يناير و المتمثلة في تحالفهم مع الفلول و العسكر لقطع المسار الديموقراطي لمجرد أنه أتى بمن لا يشتهون ! إنهم يلجأؤون إلى الإشارة الخجولة حيث يلزم التحديد الضاج ، يحومون حول تضاريس المعاني حين يلزم اقتحامها ، يوزعون التهم و يفرقون دماء الثورة على القبائل حين يقف قاتلها شاهراً سيفه الأحمر متباهياً بأنه القاتل ! ، يغمغمون بكراهية الفلول و ينخرطون في لعبتهم الهادفة إلى تشتيت الثوار و تأبيد صدامهم مع الإخوان أصحاب الرصيد الشعبي الأكبر ، يطلقون همهمات تفيد بأن النظام الحاكم يجرح ضميرهم الليبرالي و يقدمون المرافعات الطوال عن الأساطير التي أسسته ! يتأففون على استحياء حين يلزم السخط الجهير ، تشعر و أنت تقرأ لأحدهم مقالاً بأنه قد أعاد صياغته عدة مرات حتى يقف على اعتاب المعاني و لا يجرح الذات السيسية ، فبينهم و بين ذلك موانع و مخاطر و شبهة إدانة للذات .

لا تجد مجزرة رابعة و غيرها من أكثرهم تمسكاً ب”المبادئ” سوى الجملة الباهتة : رفض الحلول الأمنية ! و لو أن شيئاً مثلها قد حدث في عهد مرسي و بذات الحيثيات و الظروف ، لرأينا كيف تنطلق الأقلام و الحناجر و شبه الإدانة تتحول لديهم إلى ما تعجز طاقة اللغة عن توصيفه !

تدعي نوارة نجم و تكرر الإدعاء بأن الإخوان هم صنيعة نظام مبارك ! و تحتفل مع فلول مبارك بالحملة الممنهجة للقضاء عليهم ! يطنطن بلال فضل بكلمات عائمة مطاطة زئبقية و هو يتحدث عن بهجته برقص السيدات أمام لجان استفتاء دستور السيسي ، رغم أن المقال في جملته يرفض ما تم و يحاول أن يسخر من “العرس الديمقراطي” . و لكن كل مآخذه على الدستور في نصوصه و في لجنته و طريقة إجازته تأتي في جمل عابرة عارضة مفسحةً المجال للعبة الأثيرة : نقد الإخوان و تبرير رقص السيدات بكبت شيوخ الإخوان لهن في فترة “حكمهم” ! يقول بلال فضل أن الإخوان سيقولون لنا( “إن الديمقراطية ليست هي صندوق الإنتخاب” تلك العبارة التي كانوا يرفضونها سابقاً ) !! ، في محاولة تذاكي بائسة ، فهو يعلم أن ما تم من استفتاء في عهد السيسي لا يستحق حتى أن يقول الإخوان في حقه ما حاول تقويلهم إياه . فمثل ذلك القول يضمر الإعتراف بأنه كان هناك صندوق انتخاب معترف به و لنتائجه حجية يحاول الطرف الآخر التقليل من وقعها عليه بإستجداء الفائز بألا يسرف في استخدام تفويضه الجماهيري ، و هذا ما يعترف بلال فضل بعدم توفره في استفتاء السيسي !

سيظل معظم “الثوار” السابقين عالقين في محطة نقد الإخوان ، و لن يتظاهروا ضد النظام الذي يرفضونه و يقبلونه في ذات الوقت . يرفضونه لأنه يعري قشرة الليبرالية التي تسترهم ، يرفضونه لتهوره و إحراجه المستمر لهم ، يرفضونه لعداوته المعلنة لكل ما يمت لثورة 25 يناير بصلة ، و يقبلونه لأنه يواجه الإخوان . و النظام الحاكم يعلم علم اليقين أن الخطر الأكبر عليه يأتي من جانب الإخوان ، و لهذا لن يأبه لهماتهم و غمغماتهم التي لم و لن تصل لحد الدعوة إلى الثورة عليه ، رغم أنهم لو وضعوا مرسي و السيسي على ميزان 25 يناير ميتر لكان مرسي متهماً- في نظرهم -بعدم تحقيق كل مطالبها و لكان السيسي – بالواقع الفصيح عالي النبرة – هو التجسيد الحرفي لكل ما يناقضها !

ابراهيم عثمان[/JUSTIFY]