استشارات و فتاوي

سؤال للشيخ عبد الله الزبير : ماحكم بيع الدولار ” والعملات الصعبة ” بالشيك

[JUSTIFY] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

انتشرت ظاهرة التعامل بالنقد الأجنبي “العملة الصعبة” بيعاً وشراءً ، وأصبح الناس يتعاملون فيها خارج الصرافات والمصارف بعد أن أطلقت الدولة المجال في ذلك ولم يعد محظوراً.

ولكن بعض الذين يتعاملون بالبيع أحياناً يبيعون الدولارات مثلاً بالعملة السودانية ولكن السعر لا يكون القبض فيه نقداً بل بشيك مؤجل . فهل هذه الصيغة جائزة شرعاً ؟.

الجواب : والحمد لله:

التعامل بالنقد بيعاً وشراءً يسمّى بـ”الصرف” وهو بيع النقد بالنقد أو بيع العملة بالعملة ، فكل بيع يقع في النقود والعملات يعتبر صرفاً ، والصرف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع ، فهو داخل في عموم قوله تعالى في سورة البقرة( وأحلّ الله البيع وحرّم الربا ) وفي صحيح مسلم حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد ) والذهب والفضة هما النقود التي كان الناس يتعاملون بها . والإجماع توارثه أهل الأرض منذ أن تعامل الناس بالنقود إلى عهد النبوة فأقرهم المصطفى صلى الله عليه وسلم واستمر ذلك إلى يوم الناس هذا .

غير أن التعامل بـ”الصرف” من أوسع أبواب الربا ولذلك شدّد العلماء في شروطه حتى لا يتسلل الربا إليه ، ومن هذه الشروط الضرورية لصحة التعامل بالصرف:

1ـ التقابض المنجز قبل الافتراق ولا يكون فيه أي نوع تأجيل والتأجيل يبطل الصرف.

2ـ التماثل عند اتحاد الجنس، فإذا باع ديناراً سودانياً بدينار سوداني لا بدّ فيه من التماثل لقوله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة مثلاً بمثل ).

أن يكون عقد الصرف باتاًّ ولا يكون فيه خيار الشرط.

فلو نظرنا إلى السؤال وجدنا التعامل بالصرف فيه يفقد الشرط الأول ، لأنه يبيع الدولار بالشيك المؤجل، من غير تقابض منجز ، ومع أنّ بعض المعاصرين يرى أن استلام الشيك يعتبر بمنزلة التقابض الحال في مجلس الصرف بشرطين:

الشرط الأول: أن يكون الشيك مؤرخاً بتاريخ اليوم الذي وقع فيه الصرف.

والشرط الثاني: أن يكون محرر الشيك مليئاً بحيث يكون للشيك رصيد بقيمته في المصرف.

إلاّ أن الراحج الذي يُطمأن إليه هو أن الشيك لا يمكن اعتباره نقداً حيث لا يتجاوز كونه وثيقة مهما كان ، ولذلك لا يجوز بيع الدولار بالشيك المؤجل ويكون من باب ربا النسيئة:

لأن بدل الصرف مؤجل حقيقة ولو حرر الشيك بتاريخ وقوع الصرف، والتأجيل يدخل الربا في الصرف، والتقابض شرط الصرف باتفاق العلماء كما نقله ابن رشد في بداية المجتهد: ” اتفق العلماء على أن من شرط الصرف أن يقع ناجزاً” اهـ.

ولأن النّبي صلى الله عليه وسلم نصّ تصريحاً بمنع التأجيل في التقابض في الصرف فقال كما في الصحيحين من حديث عمر : ( الذهب بالورِق ربا إلاّ هاء وهاء ).

وفي صحيح مسلم كتاب المساقاة : ( ما كان يداً بيد فلا بأس به وما كان نسيئة فهو ربا ) .

وفي الصحيحين من حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورِق ديناً ) .

وفي حديث أبي سعيد الخدري : ( لا تبيعوا منها ـ أي الذهب والفضة ـ غائباً بناجز ).

فكل هذه النصوص مع الاجماع المنقول عن العلماء تقرر عدم صحة بيع الدولار بالشيك المؤجل . والله الهادي إلى الحق والصواب .

د. عبد الله الزبيــر عبد الرحمن
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي
مدير مركز بحوث القرآن الكريم والسنة النبوية

جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية [/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. [SIZE=5]بارك الله فيك يا شيخنا ونفعنا الله بعلمك … استفدنا كثيراً من هذه الفتوى … حيث مرت علي كثير من المعاملات بهذه الطريقة[/SIZE]

  2. نرجو من موقع النيلين التركيز على سؤال الشيوخ من الربا… فهي كثيرة و شايعة هذه الايام..