منى سلمان
شفناهو .. شفناهو
جلة سمير .. متذكّرنها ؟) المهم .. كان الجدال حول السبب الذي يجعل بنات حواء بختلف اعمارهن، السليمة فيهن تحمل المكسّرة ويجرين خلف معينات الذواق والتجميل بأنواعها من تبيض وصنفرة ونفخ ولصق ووصل وشفط واعادة ترميم وحقن وتركيب عدسات ووو .. والقائمة تطول ولا تنتهي فنون التزوير في الهويات الشخصية حتى اطلق البعض على هذه الفئة لقب (الفتيات المزورات) والذي جاءت الحلقة باسمه ..
كانت اصابع الاتهام تشير لـ سوق العرسان، الذي يربط شرط القبول بمواصفات العروسة المرشحة بكونها بيضاء وذات شعر طويل مما جعل الفتيات يتعللن بالوصل والموت دونه حتى لا يمتن ظمآنات دون ان ينزل عليهن قطر الزواج ويفوتهن قطاره ..
قد لا اتفق تماما مع مقولة (السوق عايز كدا)، وذلك يمكن أن نطرحه للنقاش في سانحة أخرى، نبحث فيها الكوامن والاسباب وراء هذه الظاهرة، والتي طغت وغطت حتى صار من يمارسنها هن الاصل وما دونهن هن الشواذ .. تراهنوني على انه لا يوجد بيت سوداني اليوم لا يوجد فيه كريم تفتيح أو خلطة تقشير أو خصل شعر أو حتى شريط حبوب النجمة أم ضنب ؟!!
لكن ما اريد ان اتوقف عنده اليوم هو تعليق لطيف للدكتورة (الريلة عواض) فقد قالت بأن البنات مجبورات على الانجراف وراء سباق التجمل والتزوير في الملامح الرسمية .. يسون شنو يعني اذا كان في ازمة عرسان ؟ ففي زمن امهاتنا كانت كل فتاة تصل سن البلوغ واحيانا قبل ان تصل، يكون قد تحدد مصيرها بأن تكون من حد ونصيب ابن عمها او خالها أو غيره من صفوف العرسان الواقفين جنب الباب، ولا تحتاج للتنافس في سوق الله اكبر والاندراشة علي وشها بحثا عن عريس .. ما عارفة السبب شنو ؟ هل لان عدد البنات زمااان كان يوازي او يساوي عدد الشباب المؤهلين للزواج، أم ان الفضل يعود لفضيلة التعدد الذي كان اهون من كلمة (علي الطلاق) في السنت الرجال، أم ان حبوباتنا البايرات كن يرضين بقسمتهن ولا يسببن الجلبة والغلبة التي يثرنها من يفوتهن قطار الزواج في هذه الايام ؟ الله اعلم !
عندما استرجعت هذا الجزء من نقاشنا بعد عودتي للبيت، سرحت وراء الفكرة فحدثت نفسي بأن البنات في ايام حبوباتنا رغم قلة الشغلة والمشغولية، الا انهن لم يكن يحملن هم الزواج .. بل ولا هم اختيار العريس فتلك مسئولية غيرهن .. تذكرت حكوة حكتها لي احدى معارفنا كبيرات السن وقد تحيرت يومها غاية الحيرة من ما سمعته منها، وذلك بأنه لم تحظى بمقابلة زوجها وابو ابنائها وجد احفادها الا بعد الزواج بثلاثة ايام !! ولم تحظى بفرصة تفحص ملامح وجهه والتأكد من كونه بني ادم أو قرد أو حتى من نسل الغول اب جضوم الا بعد اكثر من عام على الزواج !!
اخبرتني انها في يوم اليوم الثاني لاحتفالات الزواج، كانت تتناول الافطار مع صويحباتها في غرفة (الكجرة) التي بها طاقة او شباك صغير يطل على حوش الرجال، عندما جاءت من تخبرها بأنه يمكنها رؤية العريس من خلال شقوق الطاقة لانه يتناول فطوره مع الرجال في ضل الحوش، ولكنها رفضت القيام لتفعل ذلك بينما تسابقت صويحباتها للمتاوقة عبر الشقوق ومعاينة العريس .. سألتها بحيرة:
ليه ابتي تقومي تشوفيهو ؟
اجابتني في استنكار: شن بدوربو ؟!!
والترجمة لغير الناطقين بها نقول بأنها سألتني (دايره شنو بي شوفتو ؟) وكأنها تستعجب من الحوجة لرؤية العريس أهو راجل والسلام !!
لم تكن حبوباتنا فقط بهذه الصفات فحتى الامهات سارن على نفس النهج، فقد كنا نحكّها مع أمي عن تفاصيل زواجها من أبي .. سألناها هل رأته قبل الزواج فأجابت بأنها رأت الجزمة والشراب في قدميه عندما دخل لتحية الموجودات في الغرفة !! فـ كاوينها يعني عرستيهو بناءا علي الجزمة ؟
ذاك كان جيل القنوعات مطمئنات النفوس اللاتي رمين حمالتهن على الله فلم يضيّعهن، فهذا التقل والرزانة هي ما كان يدفع الرجال نحو النار طمعا في شوفة أو نظرة رضا، كحال ابو صلاح عندما لمح المحبوبة تتوارى خلف الباب فصاح صيحة ارخيميدس:
حاول يخفي نفسه وهل يخفى القمر في سماهو .. في سماهو ..
أبدا لا وطبعا لا شفناهو شفناهو ..
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]