رأي ومقالات

محمد سيد أحمد المطيب : بكري وغندور في وضع التحدي

[JUSTIFY]لا شك أن اختيار كل من اللواء بكري حسن صالح والبروفيسور إبراهيم غندور لتولي منصبي النائب الأولى لرئيس الجمهورية، ومساعد الرئيس لشؤون حزب المؤتمر الوطني الحاكم خلفاً لكل من الأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور نافع علي نافع، قد وضع كل منهما في وضع التحدي بالنظر إلى أن أداءهما لمهامها سيكون في وضع مقارنة بأداء سابقيهما في أداء هذه المهام الصعبة والشديدة الوطأة في كل ناحية من النواحي العامة لأداء الدولة والحكومة والحزب الحاكم.

وإذا كانت شخصية اللواء بكري ربما قد تبدو بصفة عامة مماثلة لشخصية سلفه في منصبه، ورغم فارق النشأة والتدريب والتأهيل والتربية المتأثرة بالطبيعة العسكرية للواء بكري، والطبيعة المدنية لعلي عثمان، فإن الذي يجمع بين شخصيتيهما رغم هذا الفارق هو أن كل منهما يحظى على ما يبدو بالثقة الكبيرة في شخصه بالنسبة للسيد رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، المشير عمر البشير. وإضافة لذلك فإن الطبيعة الشخصية لكل منهما تبدو متسمة بحالة وهالة من الغموض الذي يوحي بالتواضع في الوهلة الأولى، وبعدم الرغبة في الإكثار من الظهور على ساحة الأضواء العامة الساطعة والخاطفة أو اللامعة والملمعة، لكن هناك من يرى أن مثل هذه الحالة للطبيعة الشخصية ربما قد تكون خادعة، ومنطوية ومحتوية على الكثير مما قد يخفى بشأنها، إذا لم يتم النظر إليها والتعامل والتفاعل معها برؤية ثاقبة وبصيرة واعية ونافذة إلى ما ورائها، مما قد يخفى على من لا يمتلك القدرة على سبر غوره وكشف سره والإحاطة بذلك على نحو كافٍ ووافٍ في أبعاده.

وإذا كان ما ظهر حتى الآن بالنسبة لشخصية اللواء بكري منذ أن تولى منصب النائب الأول للسيد رئيس الجمهورية خلفاً لسلفه علي عثمان في التعديل الأخير والكبير الذي جرى على السلطة القائمة والحزب الحاكم لها حتى ولو ربما من الناحية النظرية فقط كما يرى البعض، قد لا يكفي للمسارعة بالحكم على أدائه لمهامه الجديدة، والمقارنة بينه وبين سلفه، ومع الأخذ في الاعتبار أنه يتولى كذلك إضافة لذلك منصب نائب الأمين للحركة الإسلامية المؤسسة للحزب الحاكم والمساندة والمناصرة والمؤيدة له، مثلما حدث بصورة كانت لافتة ومفاجأة لدى انعقاد المؤتمر العام الأخير لهذه الحركة، وبطريقة ربما كانت ممهدة للذي جرى بعدها في التغيير المثير والكبير بالنسبة للسلطة القائمة والحزب الحاكم لها.

أما بالنسبة للبروفيسور إبراهيم غندور فإن الفارق الكبير بين شخصيته العامة المعروفة حتى الآن وشخصية سلفه دكتور نافع علي نافع، إنما يبدو واضحاً وسافراً وصارخاً وبارزاً وملموساً وملحوظاً بصورة ربما لا تخفى على أحد. ومن هنا فإن التحدي الذي تم وضعه فيه سيكون كبيراً أيضاً. فشخصية سلفه ظلت ممسكة بملفات مهمة ومحورية ورئيسة مؤثرة بشدة وذات وطأة لم تكن خافية من ناحية ثقلها على كل من الحركة الإسلامية والحزب الحاكم المنبثق منها والمعبر عنها، وذلك منذ فترة طويلة تعود ربما إلى عهد النشأة التنظيمية لمثل هذه الكيانات والملفات الخاصة بها والمؤثرة عليها والمحيطة بأوضاعها وتطوراتها.

وأضافه لذلك فإن شخصية د. نافع كانت تبدو عميقة الإيمان وشديدة القناعة التامة والكاملة وذات الصلابة البالغة في تماسكها وتمسكها بما كانت تقوم به وهي منطلقة من رؤية بعيدة المدى في النظر إلى ما تسعى له، وتعمل جاهدة في المثابرة والمباصرة من أجل تحقيقه وتجسيده وتنزيله على أرض الواقع وتكريسه وترسيخه والبناء عليه، والمنافحة اللافحة والمصادمة بل وحتى الصادمة في الدفاع عنه عندما ترى وجود حاجة لمثل هذه المخاشنة في المنافسة مع القوى الأخرى الفاعلة والمتفاعلة على الساحة الوطنية والسياسية والحضارية العامة على المستوى الداخلي والأصعدة الخارجية الأقليمية والدولية المتداخلة والمتدخلة وذات الصلة.

وإذا أخذنا في الاعتبار إضافة لذلك أنه كانت هناك حالة من التناغم والتفاهم الناجم عن المشاركة في مثل هذه الأعمال التنظيمية والسياسية بين كل من الأستاذ علي عثمان ود. نافع علي نافع بحكم وجودهما معاً وانسجامهما في أداء مثل هذه المهام لفترات طويلة ومتطاولة تعود إلى عهود النشأة والمصابرة والمثابرة في الحركة الإسلامية، والتطورات اللاحقة لذلك إلى أن تمكنت من الوصول إلى السلطة الحاكمة القائمة بانقلاب ثوري مدني وعسكري على النحو الذي جاء في عام 1989م، واستمر حتى الآن، وذلك رغم وجود اختلاف بينهما في الأسلوب كما قال علي عثمان أخيراً، فإن المقارنة بين مثل هذه الحالة السابقة والحالة الراهنة لكل من اللواء بكري والبروفيسور غندور ربما قد لا تكون مريحة بالنسبة لكليهما. وربما قد تبدو المفارقة في مثل هذه المقارنة واضحة وكبيرة على نحو قد لا توجد حاجة للإطناب في التنويه به والاشارة إليه.

وبناءً على هذا فربما كان التحدي الذي وضع البروفسيور غندور في مواجهته شديد الصعوبة، وكما ظهر في الملابسات التي أحاطت بالخطاب العام الأخير للرئيس البشير بشأن الوثبة المزمعة والمفاجأة التي كانت منتظرة على النحو الذي تم الإيحاء به، وما حدث بعد ذلك من ركبة مركبة ومرتبكة فإن هناك حاجة على ما يبدو بالنسبة للبروفيسور غندور للمزيد من التدقيق في الذي يقوم به، وفي من يحيط به، ويتعامل معه وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة والفاصلة بالنسبة للأوضاع العامة السائدة في بلادنا ومن حولها وما حولها، ونرجو له التوفيق.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]