الشعبي هل يلحق بالأمة القومي نحو باب الخروج ؟
فعوضاً عن الهجوم الحاد الذي شنه عضو الحزب الشيوعي المعروف كمال الجزولي على الدكتور الترابي محاكماً له على ما يعتبره جرماً سياسياً كبيراً بإسهامه فى واقعة حل الحزب الشيوعي فى ستينات القرن الماضي وما جره ذاك الهجوم من ملاسنة لفظية حادة بين الجزولي وكمال عمر سارت بسيرتها الصحف والأسافير وتضمنت شتى أصناف السباب؛ فإن متحدثين من أشتات اليسار السوداني فى ندوة بضاحية شمبات بالخرطوم بحري ابتدروا هم أيضاً من جانبهم هجوماً لا هوادة فيه على مسميات الإسلام السياسي والجبهة الإسلامية والحركة الإسلامية.
وكانت الصاعقة أليمة على الشعبي حين اكتشف بعض أعضائه الحاضرين للهجوم أن في مقدمة المهاجمين رئيس هيئة التحالف بنفسه فاروق أبو عيسى! وحينما أدرك المسئول السياسي للشعبي كمال عمر أن اليسار السوداني أعاد حشو جرحه بالملح قبل أن تجف الدماء التى أراقها الجزولي؛ أسقط فى يده، ثم سرعان ما تدارك الموقف ليقف ويقول إنه (هو) ممثل المؤتمر الشعبي والحركة الإسلامية والإسلام السياسي مذكراً أبو عيسى وزملائه -وكأنهم قد نسوا ذلك- أن الشعبي حليف معهم، وسيضطر -إذا دعت الضرورة- لوقف التعاون والتنسيق معهم!
هذا المشهد يعده الكثير من المراقبين بداية للعد التنازلي الحقيقي لوجود الشعبي بين ظهرانيّ التحالف، والأزمة هنا ليست مجرد أزمة عارضة، أو سوء تفاهم، أو إنفلات عابر فى الموقف وإنطلاق كل حزب من مكونات التحالف الهش من خيمته الخاصة ومضاربه، لأن الأمر اكبر من ذلك كثير.
وإذا جاز لنا تصوير خلفية المشهد فسوف نلاحظ أن اليسار (منذ البداية) لم يكن مطمئناً لوجود الأمة القومي والشعبي في التحالف سواء لطبيعة تكوين كل طرف منهما وتعارضها التام – الى حد التضاد – مع الآخر، أو لهواجس ومخاوف ظلت تنتاب اليسار من أن اليمين لا أمان له ولا صحبة ترجى منه.
ولن يفوتنا هنا إصرار كمال الجزولي بحدة بالغة على ضرورة تقديم الدكتور الترابي اعتذاراً عن حل الشيوعي وانقلاب يونيو1989م، والمدقق فى هذا الحديث الذي قد يبدو صغيراً أو عارضاً يدرك إدراكاً جازماً أن اليسار كان يخطط لفتح الباب والطلب من (الوافدين) الى التحالف إغلاق الباب وراءهم!
الأمر الثاني أن إدارة المسئول السياسي كمال عمر لتحالف حزبه مع التحالف لم تخل من بؤس وهو بؤس حار فيه قادة الشعبي المقربين جداً من زعيم الحزب وهم حتى الآن محتارون من هذا الواقع الماثل الأليم.
الأمر الثالث وهو الأكثر إيلاماً للشعبي على وجه الخصوص، أن التحالف لا يثق فى الشعبي على الإطلاق لأسباب معروفة، ولكن بالمقابل فإن كان كمال عمر -بتواضع خبرته السياسية- قدم تنازلات عديدة للشيوعي على وجه الخصوص وأظهر فى مواقف عديدة (مودة سياسية) للشيوعي يبدو أن الشيوعي كان يعتبرها (مودة من طرف واحد)، فقد سبق لكمال عمر أن قال إن حزبه الشعبي أقرب للشيوعي من الوطني!
وهكذا هي الممارسة السياسية بواقعيتها المعهودة لا مجال فيها للمجاملات حين يتعلق الأمر بمصلحة كل حزب ورؤاه وتطلعاته. ومن المؤكد أن التجربة أثبتت ألا سبيل للتحالف بين ألوان غير متجانسة.
سودان سفاري
ع.ش
رغم إختلافي التام مع المعارضة إلا أنني أرى أن وصفها ب (داخل الحظيرة القليلة الأوكسجين، الكثيرة الروث) يعتبر لغة ركيكة وغير لائقة