تحقيقات وتقارير

الصراعات القبلية في الجنوب.. الحرب المكتومة

[ALIGN=JUSTIFY]التخوفات من النكوص لعهود ما قبل الدولة السودانية والعودة لعهود القبيلة والعشيرة التي لا تحترم القوانين والمؤسسات بدا واضحاً خلال الندوة التى نظمها إتحاد الطلاب الجنوبيين بولاية الخرطوم عن النزاعات القبلية فى الجنوب وأثرها على التعايش السلمى، واستضافها منبر وكالة السودان للأنباء (سونا).
………………………………………………………………………………………………………………………
عمليات إنتشار السلاح بصورة كبيرة والتمترس خلف جدار القبيلة خلق أوضاعاً أمنية أقل توصيف لها أنها خطيرة وقد تقود لحروب وصراعات أهلية تقضى على الأخضر واليابس وعلى اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) ذاتها .
«الصراعات القبلية فى الجنوب قديمة جداً بسبب صراعات الموارد مما يؤدى لحدوث أفعال عنيفة تقابلها ردود أفعال إنتقامية بإستخدام أسلحة غاية فى البدائية ويتم إحتواؤها بسرعة» هكذا أبتدرت مارغريت صامويل عضو المؤتمر الوطنى حديثها في الندوة وأضافت : إن الأمور اخذت منحى خطيراً فى الأونة الأخيرة بانتشار أنواع جديدة ومتطورة من الأسلحة المستخدمة فى النزاعات القبلية ، وبرأي مارغريت فإن ذلك نتاج للحرب الأهلية طويلة المدى بين شمال السودان وجنوبه ، بالاضافة الى عدم الإستقرار فى الجنوب والغرب والشرق ، وموقع السودان الجغرافي الذى تحيط به تسع دول أغلبها غير مستقر سياسياً ويشهد إضطرابات مما ينعكس سلباً على أوضاع البلاد خاصة الجنوب .
وفى ذات المنحى وصفت فدوى شواي دينق عضو المؤتمر الوطنى ظاهرة الإنفلاتات الأمنية التى انتشرت فى الجنوب (بالقضية الملحة والخطيرة) وأضافت شواي أن ذلك تبدى بصورة واضحة فى حادثة أعياد السلام ، حادثة رمبيك ، وفى غيرها. المهددات الأمنية التى تواجه المجتمع الجنوبى بصورة عامة وتم التعبير عنها بصورة واضحة في عدد من المناسبات التي شهدت احداث عنف.
وحذرت شواي من إنتقال الصراع القبلى لداخل المؤسسة العسكرية وأجهزة السلطة والحكم فى الجنوب وقالت : هذا في حال حدوثه سيؤدى لنقل الصراع لمراحل كارثية.
وأرجع داك دوب بوشوب حاكم أعالى النيل السابق الصراعات القبلية لغياب الوعى لصالح ثقافة القوة والتسليح لدى القبائل وأشار الى أن اتفاقية السلام الشامل «نيفاشا» أفرزت صراعاً من نوع جديد حول المناصب حيث بات معيار الإختيار للمنصب الترضية القبلية على حساب الكفاءة التي توارت كمعيار لاختيار الشخص للوظيفة العامة .
وكشف اللواء أسماعيل كوني مستشار حكومة الجنوب لشؤون السلام والمصالحة عن خطة ترمي لجمع السلاح من المواطنين عبر مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج (دى دى آر) على أن يسبق ذلك عملية توعوية كبيرة وناشد كوني مثقفي ومتعلمي الجنوب بالعودة الطوعية لمناطقهم للإسهام فى إستحقاقات عملية السلام.
وفى اطار عملية الخروج من النفق القبلي المظلم أعتبرت مارغريت صامويل أن نزع السلاح من أيدى المواطنين يعد أهم الأولويات فى المرحلة الراهنة وقالت : لابد من سن قوانين تنظم حمله. فيما دعا داك دوب بوشوب لنشر ثقافة السلام والقيم الدينية والروحية وناشد الحركة الشعبية بالعمل على نشر اتفاقية السلام والتبشير بها فى كل أنحاء الجنوب اضافة لوضع معايير جديدة للتعيين فى المناصب تقوم على أساس الكفاءة عوضاً عن القبيلة وفى المنحى طالب فاسكو أوتوال من الجبهة الجنوبية الحديثة بتوزيع السلطة والتنمية بصورة عادلة دون إقصاء لأي طرف وشددت فدوى شواى على أهمية الإدارة الأهلية ومؤتمرات الصلح فى حل النزاعات القبلية وعلى قومية الجيش بإعتباره صمام الأمان من أىة تفلتات.
ورغم كثرة التشخيص لمشكلة الصراعات والنزاعات في جنوب السودان، ومع تعدد المقترحات التي تشير الى الطرق التي يمكن عبرها انهاء المشكلة، الا انه من الواضح ان التشخيص والعلاج امر لا تستطيع الحركة الشعبية التي آلت اليها مقاليد الامور ان تلجأ اليه، اذ يشير المراقبون الى ان حكومة الجنوب لن تقدم على خطوات لانهاء التفلتات القبلية دون ان تتأكد من ان هذه المعالجة لن تأتي بنتائج تقود الى اثارة حفيظة هذه القبائل.
مقداد خالد :الراي العام
[/ALIGN]