مقالات متنوعة

معدل وراثيا

معدل وراثيا
في داخل دوائر الحزب الحاكم الرفيعة ، وحين يتحدثون عن التآمر والخطط الجهنمية فإنهم يقصدون شخص واحد لا غير … أنا .. أنا الذي أختاروني وزيرا سريا للتخطيط في كل مؤسساتهم .. ليس التخطيط الإستراتيجي والعمراني لأننا نحن وأنتم وهم وك
لنا نعلم إنه ليس هناك أي أستراتيجية ولا تخطيط … أنا الذي نفذت معظم الخطط التي جعلتهم حتى اليوم متربعين على عرش البلد .. أنا المسئول عن كتابة عناوين الصحف وتدوير رأس المواطن تماما من خلالها ليظل مجرد بالون فارغ … أنا الذي يستدعونني حين يريدون تمرير أي قانون أو ضريبة أو مشروع .. يكون القانون جاهزا وتحتج عليه المعارضة وتتكلم فيه الصحف فيتم إستدعائي لكي أضع حبة الدواء في كسرة الخبز ليبلعها الطفل الكبير المسمى بالمواطن بدون شكوى أوخوف .. ولفعل هذا عندي خطوات معروفة لا تتغير ودعوني أعطيكم مثالا … أمس أستدعوني في مقر الحزب وطرحوا أمامي أهم موضوع يشغل بال الناس هذه الأيام … خروف العيد… قال لي الأمين العام :
– شوف يا سيد (ميم )، عايزين حاجة تسكت الناس دي وتقنعهم إنو الحكومة ساعية لمصلحتهم ، وتحت تحت الحاجة دي عايزنها برضو تجيب لينا حاجة
قلت له بدون تردد :
– طوالي سيادتك
وبدأت الخطة …
الخطوة الأولى : في جميع وسائل الإعلام تم إعلان إن هناك مرض معد قد أصاب القطط وينتقل للبشر وانه مرض فتاك وتم عرض صور لمريض بالجذام لإقناع الناس ، وإن أفضل حل هو أن يسلم الناس كل القطط التي يملكونها للحكومة لتتخلص منها بواسطة الإشعاع … في ظرف يوم تدافع الناس ولم يبق كديسا حائما في بيت
الخطوة الثانية : إتصلت على صديقي الصيني الذي يملك الحل لكل مشكلة وأخبرته إنني أريد مائة ألف جلد خروف صناعي بحجم القط ومعه قناع خروف مصغر وجهاز لتغيير الصوت
الخطوة الثالثة : بعد وصول الجلود والأقنعة تم تلبيس القطط ووضع معدل الصوت الذي يحول ( نياو ) ل ( بااااع ) وصار عندنا مائة ألف خروف صغير بحجم القط وأطلقنا عليه ( مايكرو خروف المعدل وراثيا )
الخطوة الرابعة : تم الإعلان في كل القنوات الفضائية عن وصول الخراف المعدلة وراثيا وطبعا لا بد من طبخ بعض أراء المواطنين وأنبهارهم بالفكرة ورخص سعر الخروف وملائمته لذوي الدخل المحدود ، ولمزيد من التاكيد جلبنا مذيع الإعلانات المصري ( بتاع المورينغا وعشبة بن علي اليمني داك ) لإضفاء التأثير المطلوب
الخطوة والذهبية : إتصلت على صديقي الترزي أقصد الشيخ في هيئة العلماء وطلبت منه تفصيل فتوى سريعة لهذا الموضوع فأفتى في نفس اليوم ( أنه بعد التفكر والتشاور وجدنا إنه لا ضرر من من ذبح الخروف المعدل وراثيا لأن الحجم ليس شرطا طالما الكبش املح وأقرن وكل هذا لمصلحة المواطن )
وبهذه الضربة الأخيرة نفدت الكمية في يوم واحد من مخازننا وعادت القطط لأهلها .. أنا حقا أكره القطط …
الخطوة الأخيرة : حين يتم إكتشاف الأمر بعد فترة ، تأتي التسلية الحقيقية حين أعلن أنا بكل شجاعة في التلفاز عن إننا سنحاسب المتورطين في الأمر وأننا سنكون لجنة للتحقيق ، مشددا إن يد العدالة ستطال كل من تورط في هذا الفعل … وستمر الأيام وسينسى الناس الفكرة وربما صارت مجرد كسرة أخرى يكتبها الفاتح جبرا بعنوان ( الأكل الناس الكدايس منوووووو ) أو أي شئ من هذا القبيل
وفي اليوم التالي وفي إجتماع الحزب هنأني الجميع على الخطة العبقرية وأثنى الأمين بشدة على عقليتي وأخبرني ببأن الرؤوس الكبيرة راضية عني ، فقلت له برضا :
– تمام والله .. إنشاء الله الخروف الرسلتو ليك عجبك ؟
ضحك قائلا :
– هههههههههه تمام والحمد لله إنو ما معدل وراثيا زي بتاع الجماعة مع إنو حجمو صغير
قلت في نفسي وأنا أغادر :
– صحبي الصيني أبدع لمن رسل لي عشرة جلود كبيرة وشكلو لحم الكلب عجب الزول ده
أنا عبقري ياسادة وكل موقف يشهد لي … ترقبوا حكاياتي دائما
بإخلاص
السيد : ميم

الكاتب : د.حامد موسى بشير