تحقيقات وتقارير

الخرطوم والقاهرة .. الحلول في ما تبقى من الزمن

[ALIGN=JUSTIFY]تسارعت الخطى لإنجاز ما يمكن انجازه على الارض سواء كان ذلك اتفاقا سياسيا بين الحكومة والفصائل المسلحة فى دارفور، او تحالفا اقليميا بين السودان ودول جواره لمواجهة قادمات الايام وما تحمله من نذر، وفي المحور الاول فرغ مفاوضو الحكومة وحركة العدل والمساواة من التوقيع على مشوار الالف متر بخطوة النية الحسنة، اما في المحور الاقليمي فقد توجه الرئيس عمر البشير في زيارة الى مصر للتباحث مع نظيره حسني مبارك، وحسب ما جاء من اخبار القاهرة فان الرئيسين عقدا محادثات موسعة أمس على غداء عمل بمقر رئاسة الجمهورية بالقاهرة، وذلك بعد قمة ثنائية مغلقة بينهما.
وتأتي زيارة البشير إلى القاهرة بعد زيارتين خاطفتين قام بهما رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي الرئيس السنغالي عبد الله واد وامير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني إلى الخرطوم يومي الجمعة والسبت الماضيين بحثا خلالها قضية ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير، وكيفية التصدي لها، بجانب مفاوضات الدوحة بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، والموقف العام لقضية دارفور، وايضا تأتي عقب زيارة وفد برلماني سوداني برئاسة احمد ابراهيم الطاهر الى القاهرة قبل أيام التقى خلالها عددا من المسؤولين المصريين، وزيارة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ووزير المخابرات المصري اللواء عمر سليمان الخرطوم التقيا فيها بالرئيس عمر البشير وعدد من المسؤولين السودانيين.
ويرى البروفيسور حسن مكي ان الزيارة تأتي من باب رد التحية بأحسن منها ويقول في حديثه عبر الهاتف امس ردا على سؤال الصحافة حول الدافع للزيارة، انها تأتي في اعقاب زيارة رفيعة من وزير الخارجية ومدير المخابرات، وهي جزء من تناغم الثنائية في العلاقات بين البلدين ورد التحية بأحسن منها على مستوى رئاسة الدولة،(والموضوع هو العدوان الدولي على السودان بالمحكمة الجنائية الدولية وبمذكرة اوكامبو وان بعض دول العالم توافق على هذا العدوان وتريد ان تسوق السودان الي هوة) مشيرا ايضا الى ان المصريين لديهم رؤية باستخدام الديبلوماسية والحلول السياسية لموضوع العدوان على السودان، وهنا نأخذ قول مراسلة الصحافة بالقاهرة اسماء الحسيني في رصدها لزيارة البشير امس من ان المباحثات بين الجانبين تركزت علي ما يمكن وصفه بمتابعة السباق الحاصل ما بين الوصول الي تسوية سياسية ومصالحة في دارفور وما بين اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني من قبل المحكمة الجنائية الدولية هذا السباق هو الذي تجري جولاته الان وهذه القمة ضمن جولات تستهدف احراز تقدم سريع علي طريق انجاز مصالحة في دارفور من اجل قطع الطريق علي اصدار مذكرة التوقيف، الموقف المصري والذي يتوافق مع الموقف العربي بل والافريقي ايضا هو الاسراع بهذه المصالحة.
ووفقا لوزير الخارجية المصري فان الجهود التي تبذلها مصر عبر اتصالات مع الدول الاعضاء في مجلس الامن وعبر الاتصال بدول الجوار السوداني والافريقي تستهدف هذا الامر، وتطالب المجتمع الدولي بتقديم يد العون للحكومة السودانية من اجل ان يتم انجاز اتفاق السلام في دارفور ونشر السلام في ربوع السودان بشكل عام ودعم المجتمع الدولي ووفقا لمصادر دبلوماسية مصريه فان مصر تدعو المجتمع الدولي الي عدم ممارسة أي ضغوط غير متوازنة علي الحكومة السودانية وتطالبه بان يعطي الفرصة للحكومة السودانية من اجل انجاز الاتفاق في دارفور.
ويقول الخبير القانوني الدكتور خالد حسين ان مصر ستكون هي الدولة القائدة والمتزعمة للدول التي ستخاطب مجلس الامن لتفعيل المادة 16 من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية بارجاء القرار وتطبيق هذا البند من وثيقة المحكمة الجنائية الدولية الذي يمنح مهلة للتحقيق او الملاحقة لمدة سنة (وهذا التحرك مقرون بتصريح وزير الخارجية السوداني لاول مرة بتفعيل هذه المادة)، ويشير حسين في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف امس ان القضية الاساسية بالنسبة للسودان هو ملف الجنائية، وهذا ستتبناه مصر بالتنسيق مع فرنسا، متوقعا ان تكون زيارة مبارك لاوربا ولقاءه بالرئيس الفرنسي ساركوزي قد بحثت هذا الامر باستفاضة مشيرا الى ان فرنسا كانت لديها مطلوبات محددة من الحكومة السودانية، (( الشروط الفرنسية الاربعة : أن توقف الخرطوم الهجمات وأعمال القتل في دارفور، وتفتح «حوارا سياسيا شاملا» مع كل الجماعات (المتمردة) في الإقليم، وتحسن علاقاتها مع تشاد، وأن تحاكم الخرطوم هارون وكوشيب الذين تشتبه المحكمة الجنائية الدولية في ارتكابهما جرائم حرب في دارفور)) ويقول حسين ان هذه الشروط تم تجاوزها بعد ان رفضها السودان، والمطلوبات الجديدة متعلقة بالتعاون بين فرنسا والسودان في المجال الزراعي عير مشاريع زراعية ضخمة المرتكز الاساسي فيها دارفور انطلق التفكير فيها بعد متغير الازمة المالية العالمية، مؤكدا ان العلاقات الدولية كلها تقوم على المصالح، (مصر تحقق مصالحها والاطراف الدولية تحقق مكاسبها)، متوقعا ان تبادر فرنسا الى اجبار عبد الواحد محمد نور على الجلوس الى طاولة المفاوضات.
في الوجه الثاني لزيارة البشير لمصر، يتساءل مراقبون عن نجاح الطرفين في ازالة متعلقات ما تم تداوله عن صراع المحاور العربية ووقوف السودان في محور ومصر في المحور الآخر، وما نجم عن ذلك من احتمالات جفوة قال البعض انها تغوص تحت السطح. البروفيسور حسن مكي يعبر عن اعتقاده بعدم وجود صراع محاور في المسألة السودانية لسببين. الاول ان قطر دولة قوية من الناحية المالية ولديها قدرات للقيام بادوار مع القوى المسيرة لاقدار العالم.
والثاني ان الدور المصري مهم، ومصر قوى عظمى في المنطقة منذ خمسة آلاف سنة، اما الدكتور خالد حسين فيقول ان مجموعة من الاطراف الدولية جادة الآن في انجاح مفاوضات الدوحة، وهذا يرجع للتحضير الجيد من دولة قطر، بمعنى ان كل الاطراف المعنية تم الاتصال بها، واخذ رأيهم، ليمضي الى مقاربة السؤال بالقول
(كنت متخوفا من ان مجيئ قطر الى السودان دون علم مصر كان يمكن ان يحدث مشكلة باعتبار ان مصر تتعامل مع السودان كمنطقة مجال ديبلوماسي للحكومة المصرية ولكن تأكد لي ان قطر استصحبت كل الاطراف بما فيها مصر) وفي رسالتها امس تقول الحسيني ان الرئيس البشير ابلغ الرئيس مبارك انه يرحب ويؤكد علي اهمية الجهود التي تبذلها مصر دون أي نزاع بين ما يمكن وصفه بسباق عربي عربي او عربي افريقي من اجل انجاز المصالحة في السودان.
التقي محمد عثمان :الصحافة [/ALIGN]