أمينة الفضل

زوجة نقد

زوجة نقد
طويلة القامة حنطية البشرة عيونها بلون العسل الصافي من اب دنقلاوي من دنقلا العُرضي وام شايقية تدعى عائشة أرباب، صرخة الميلاد كانت بالجزيرة في مدينة ود مدني السني أربعينات القرن الماضي بعد ان جاءها والدها من الشمال تاجراً فطاب له المكان فجعله مستقراً بعد ان تزوج، عاشت فتحية طفولتها ما بين الجزيرة وامدرمان وبحري والخرطوم، من بين هذا المزيج خرجت سستر فتحية محمد احمد ابراهيم، جميلة المحيا بهية الطلة وحلوة المعشر ، بشهادة كل من عرفها، تخرجت طالبة متفوقة من معهد التمريض العالي وأضحت سستر يشار لها بالبنان عملت بالعديد من المستشفيات بالبلاد قبل ان تنتقل للعمل بالأمارات بمستشفي الكورنيش بابوظبي ومن ثم لمستشفى الفجيرة ميترون للسسترات قبل ان تستقر في البلاد بعد رحلة طويلة الى امريكا ودول اوروبا الشرقية واليمن والأمارات والسعودية مؤدية للحج سبعة مرات وضعف هذا العدد من العمرات،، فتحية هي البنت الوحيدة بين أخوين شقيقين هما ساتي وابراهيم، فقدت امها وهي في التاسعة من العمر ورباها أخاها الأكبر ساتي بعد إنتقال والدها لمدينة الأبيض وزواجه واستقراره هناك، تزوجت زواجاً عادياً من رجل غير عادي بعد قصة حب جميلة يحكي بها الجميع، في بداية العام 1966م توجت قصة حب محمد ابراهيم نقد وفتحية محمد احمد وعاشا معاً أجمل أيام عمرهما لم يؤرق هذه السعادة سوى الإعتقالات والسجون للزعيم الشيوعي نقد وكان صبرها هو الزاد لكليهما ، تحكي الحاجة فتحية الزوجة الوحيدة للأستاذ نقد انهما عاشا من العام 66م والى العام 82م دون ان يختصما او يرتفع صوتيهما او كما ذكرت (والله ما اندفقت بينا موية) لكنها الأقدار تفعل بنا ما تريد وهل لنا يد مع القدر؟ كانت مثل الأم لأبناء أخيها ساتي الأخ الأكبر بيد أنها لم تنجب مثل أخاها الآخر ابراهيم وكأن قدر الإبراهيمين الزوج والأخ الا ينجبا ذرية،، لكنها رضيت بما خطه لها القدر، ست عشرة عاماً لم يقل حبهما لبعضهما، تصف طريقة تناوله للطعام وطريقة تقطيعه للفاكهة وشربه للشاي ، هندامه وطريقة ارتدائه لملابسه وحديثه الهادئ المهذب، كان في بيته كأمير ارستقراطي دقيق في مواعيده لا يكذب ولا يتجمل به ورغم حبها له الا انهما افترقا!! الم اقل لكم انه القدر حيث لا يد لنا فيه، أحبها وبعد ان انفصلا أقسم الا تطأ بيته إمرأة اخرى بعد فتحية وقد كان اذ لم يتزوج بعدها ابداً الى ان ارتحل عن دنيانا لأنهما لم يعودا زوجين مرة اخرى، بعد خبر وفته الذي نزل عليها كالصاعقة بكته كما لم يبكِ حبيباً حبييه وترحمت عليه وكل من عرفها من الأهل والمعارف ذهب لبيتها ليعزيها في حبيب العمر الذي افترقت عنه منذ ما يقارب الثلاثون عاماً احبته لكنها الأقدار، وأحبها لكنها الأقدار جمعهمها الحب وبه افترقا بعد ان خطا معاً قصة تصلح ان تكون رواية خالدة ولولا ان السيدة فتحية حبيبة الراحل قد اعتزلت الناس والحديث للإعلام لكنا خرجنا بذخيرة وافرة من المعلومات عن حياة رجل عاش ومات مناضلاً لكنه ترك حياته الشخصية بعيدً في ركن قصي من القلب وكما احتفظ بأسراره حياً احتفظت هي بأسراره ميتاً،، وأنا أقلب البوم الصور التذكارية في بيت بنت أخيها عائشة ساتي جارتي في المنطقة بهرني جمال هذه المرأة وحيويتها وقلت ممازحة لعائشة رحمه الله نقد (عندو حق ما يتزوج مرة اخرى) فردت علي ضاحكة (القدر يا امينة نعمل معاه شنو) طلبت احدى الصور لنشرها رفضت محاولة تذكيري بالوعد الذي قطعته علي احترمت رغبتها ضاربة عرض الحائط بالصفقات الصحفية في سبيل الإيفاء بوعدي،،، قصتهما ذكرتني بالرواية المترجمة تحت ظلال الزيزفون اذ ظل الحب هو الرابط بين ابطال القصة حتى بعد ان افترقا،،، هل سمعتم بالحب يجمع ويفرق؟ انا سمعت! فقط حزنت لما آلت اليه حالها اذ اختارت العزلة رفيقة لدربها وحيدة تسكن في مدينة الأمل بالكلاكلة رغم التفاف الأهل حولها.. ويا زمن وقف شوية… حكاوي – بقايا مداد
أمينة الفضل
[email]aminafadol@gmail.com[/email]
شاهد أيضاً
إغلاق