تحقيقات وتقارير

رسائل (قوش).. حديث القطع والوصل!!

[ALIGN=JUSTIFY]خمس ساعات جسدت احتفائية ابناء الجنوب بالخرطوم بمدير جهاز الامن والمخابرات الفريق اول صلاح عبد الله (قوش)، ورغم ان الاحتفالية تبدو مميزة من حيث شخصية المحتفى به أو المنظمين، او حتى فكرتها نفسها. إلا ان تصريحات مدير الجهاز صلاح (قوش) غطت على الحفل. فالرجل حرص على توصيل رسالة مزدوجة لمن وصفهم بأنهم خلف المحكمة الجنائية الدولية، وقصد الرجل ان تصل رسالته لمستلميها بداخل السودان اولاً قبل ان تواصل مسيرها لخارجه لتصل الى ما بعد البحار.
(1)
ورسالة (قوش) الداخلية كانت تمضي فى طريقين أولاهما يصل لأفراد وتنظيمات تدعم أو قد تفكر فى دعم قرار الجنائية، اما الشق الثاني فكان يمضي للمنظمات الدولية والاممية العاملة بالسودان. فـ (قوش) شدد امس الاول على أن من يريد ان يقف ويساند ادعاءات الجنائية سياسياً فقط فله ذلك، أما من يسعى لاكثر من ذلك ويعمد لإدخال يده لتنفيذ تلك الادعاءات والاجندة بالقوة فقد هدده بقطع يده ورأسه وأوصاله أيضاً.
مدير جهاز الامن كان شفيفاً وهو يعلن ان قضية الجنائية لا مساومة فيها، ونبه (قوش) فى الجزئية الثانية من الرسالة الى انهم سيواصلون جهودهم كدولة مسؤولة عن تأمين المواطنين وتأمين الأجانب وتأمين المنظمات وكل الوجود الاجنبي المحترم الذي يؤدي دوره وفقاً لنصوص الاتفاقيات التي وقعها مع الدولة، لكن كل من يخالف ذلك ويحاول ان يتجاوز الحدود المعلومة فلا يلومنّ إلا نفسه.
ورسالة (قوش) لا تنفصل عن المشهد عندما قفز المدعي العام للجنائية لويس اوكامبو بمطالبه لتوقيف الرئيس البشير. فقد ألمحت بعض التصريحات الحكومية في أواخر العام 2008م إلى أنه سيتم طرد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في حال توقيف البشير، على الرغم من أن الحكومة قد نفت لاحقاً تلك الاتهامات. وقد قامت السفارات والمنظمات غير الحكومية وموظفو الأمم المتحدة بتعزيز إجراءاتهم الأمنية ورفع مستوى التأهب وسط افرادهم، بجانب وضع خطط طوارئ، وقد تم أيضاً وضع خطط لإجلاء الأجانب.
ومدير جهاز الأمن نفسه حذّر فى تصريحات سابقة فى العاشر من يناير الماضي من حدوث تفلتات واستهداف للاجانب فى حالة صدور مذكرة توقيف من قضاة الجنائية بحق رئيس البلاد، وقال (قوش) وقتها ان الاحتمالات ستكون مفتوحة على كل شئ، وان من هذه الاحتمالات ما لا يمكن لجهاز الامن نفسه أن يسيطر عليه!!، فى اشارة الى شبكات متطرفة رصد لها نشاط بالخرطوم وضبط عدد من افرادها. كذلك لم تكن المرة الاولى التى يهدد فيها بقطع الأيدي، فقد قال فى دارفور انه سيعمد لقطع أي يد تمتد نحو الرئيس، ولكنه هذه المرة امتد بحديثه لجز الرؤوس وتقطيع الأوصال.
(2)
اما لمن هم وراء البحار فكان حديثه مقتضباً وساخناً ابتدره بأنهم دعاة سلام مع السودانيين وكل من أراد ان يتعامل مع السودان كدولة ذات سيادة، ثم أردف قائلاً: وهو يضغط على كلماته ويحاول ان يشحنها بما يجب لتصل كما يريد (كنا إسلاميين متطرفين، وصرنا معتدلين متحضرين نؤمن بالسلام والحياة للجميع، ولكننا إذا دعت الضرورة فسنعود لما كنا عليه، وما أيسر ذلك، ويضيف: اننا نعرف جيداً كيف ندير معركتنا، وكيف نصيب عدونا فى مقتل).
ومن الملاحظ ان (قوش) اشار فى اكثر من موضع الى الانقاذ ورسائلها وارادتها التى تنخذل، وهذا يعيد الذاكرة للوراء الى ما قبل نيفاشا، التى تم الاستعاضة عنها بعبارة حكومة الوحدة الوطنية. وقطعاً لم يحدث ذلك من باب المصادفة. فـ (قوش) الذى يدير جهاز الامن قرابة التسعة اعوام شهد الحكم فيها كثيراً من التقلبات، جعلت الرجل يحمل لقب (رجل المهام الصعبة).
فى الجهة الاخرى، فيبدو أن المجتمع الدولي يعي تماماً تداعيات الجنائية، ومآلات توقيف البشير، ويقول فى هذا الصدد جون هولمز وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في حوار مع مجلة (نيوزويك) (لا يمكنك أن تتخيل أن شيئاً لن يحدث). وينظر المجتمع الدولي للقضية وتداعياتها انطلاقاً من رؤية تقوم على ان تركيبة الحكم بالمؤتمر الوطني متنازعة بين الأصوات المعتدلة والمتشددة، وهو امر نفاه الوطني اكثر من مرة، مؤكداً ان (كوراله يغني بذات الطبقة وليس هناك أي نشاز).
(3)
(قوش) كانت لديه رسالة اخرى ضاعت وسط حديث الجنائية مفادها ان ما تسعى الانقاذ لتأكيده هو أنّ السودان ملكٌ للجميع، وانهم يؤمنون بالوحدة شريطة أن يرى أبناء الجنوب أنفسهم فى مؤسسات الدولة كقناعة حقيقية وليس من باب المزايدة السياسية. وقال إن كل المؤشرات تتحدّث عن السواد الأعظم من الجنوبيين مع الوحدة، واشار الى ان أي كلام خلاف ذلك يندرج في بند المزايدة السياسية، ودعا الى عدم الإلتفات اليه. فى إشارةٍ لتصريحات الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم نهاية يناير الماضي عن ان (90%) من أهل الجنوب مع الانفصال.
محمد عبد العزيز :الراي العام [/ALIGN]