سياسية

الخرطوم وشواغل الرياض.. المسألة لا تتعلق بالملف الإيراني وحده


[JUSTIFY]قبل ست سنوات اقترح الكاتب السياسي المحسوب على الإسلاميين ذوي النزعة الليبرالية، عبد الوهاب الأفندي، إنشاء دولة إسلامية محورية لتقوم على زعامة الدول العربية والإسلامية، على غرار زعامة أمريكا على الغرب. وكان لافتاً للذين يطابقون بين العروبة والإسلام أن يتجاوز الأفندي المملكة السعودية، ويقترح لذلك، مباشرة، أياً من دولتي ماليزيا وتركيا. ويقول الأفندي الذي ألف كتاب “لمن تقوم الدولة الإسلامية” إن غياب هذه الدولة هو السبب في الاصطفاف الذي يضمخ علاقات دول المنطقة. لكن السعودية التي قدمت مساعدات خارجية خلال العقد المنصرم، حتى 2013، بقيمة 200 مليار ريال سعودي قادرة على إحداث تأثير على مجريات السياسة في محيطها دون أن تشير إلى نفسها مباشرة، كما كان الحال دوماً مع السودان.

ولا يعتبر سؤالاً زائدا الاستفهام عن ما الذي تريده الرياض من الخرطوم؟ صحيح أن أيا من الملوك السعوديين لم يزر الخرطوم بعد زيارة الملك فيصل في العام 1967م. بالطبع يفعل الملوك ذلك مع أي من دول المنطقة، فهم عادة مقلون في الزيارات التي تناقش المصالح المشتركة مع جيرانهم، لكن منذ بداية سنين التسعينيات الأولى يلاحظ المراقبون أن الخرطوم عطفاً على سوانح عدة من شاكلة موقفها من غزو الكويت- حازت على سمعة لا يمكن وصفها بالجيدة لدى النظام السعودي، وتجنَّدت بعد ذلك عوامل عدة هيأت الرياض التي يسميها المحلل السياسي أنور سليمان “لاعب جوهر في المنطقة” لتحسس عمقها الأمني غرب البحر الأحمر، من ثم صد هواجس سياسية محتملة يسببها نظام الخرطوم، ذو النزعة الإسلامية الحركية، وقد استخدمت لذلك عدة طرق سياسية واقتصادية ودبلوماسية. يقول سليمان إن السعودية “تراقب منذ مدة وبحذر موجة صعود تيار الإسلام السياسي؛ في قيام الثورات العربية، من جهة، ورسوخ مفاهيم الديموقراطية، من الجهة الأخرى”. ولا ترغب المملكة السعودية برأي سليمان في نجاح أي من الجهتين. لكن هل كان السودان طرفا في معادلة من المعادلتين؟ ربّما الاجابة بلا تلعثم؛ نعم، لأن المملكة تخشى أن يكون السودان مأوى، على الأقل، للحركات الإسلامية عقب إقصاء تنظيمها في مصر على يد الجيش، ويمكن إضافة الملف الإيراني أيضاً إلى الهواجس التي تشغل بال العربية السعودية. وكان الرئيس البشير قال في سبتمبر الماضي إن حكومته غير مستعدة للتنازل عن علاقتها مع إيران.

الرأي السعودي الذي لم يعبر عنه صراحة كان يشير إلى أن الحكومة السودانية استنفدت كل الخيارات الممنوحة لها من أجل الحلول السياسية الممكنة، وما عاد مجديا رهانها على بعض مَن تتصورهم كحلفاء إقليميين في وجه العزلة الدولية. وبدأت الضغوط السعودية على السودان.

ومع ذلك، كان على السعودية التي تتربع على عرش الاحتياطي النفطي في العالم بـ(40.6) مليار طن (297.5 مليار برميل)، أن تراهن على دبلوماسيتها في عزل الحكومة سياسيا أو الضغط عليها، مع الإبقاء على علاقتها بالشعب السوداني جيدة.

وفي هذا الصدد تُعد المساعدات التي قدمتها السعودية إلى المتضررين من سيول وأمطار العام الماضي، الأكبر بين المساعدات التي تلقاها السودان، حيث بلغت قيمتها 10 ملايين دولار، أصرت السعودية على تسليمها للمنظمات غير الحكومية الموجودة على الأرض. وفي العاصمة الرياض بات شائعاً في الشوارع والبقالات أن يتعمد السعوديون إظهار حفاوة بالسودانيين المقيمين هناك، مثل موقف المثقف السعودي الذي دفع عن أحد السودانيين حسابه لدى البقال ثم عاتبه برفق على موقف حكومته من إيران واستضافة بوارجها في بورتسودان، أو الحفاوة المبالغ فيها والصيت الإعلامي الذي حظي به الراعي السوداني الطيب يوسف الزين الموصوف بالراعي الأمين.

وتستضيف السعودية عددا غالبا من نحو 5 ملايين سوداني موزعين على الدول النفطية العربية، ويعتبر المغتربون في السعودية تحديدا هم المورد الأعظم للنقد الأجنبي. وبالطبع يمكن ملاحظة التوتر بين البلدين عبر زيارة إلى ملف الاستثمار السعودي في السودان، ومقارنته بدول أخرى تأتى دون السودان من حيث العلاقات التاريخية والإمكانات الاستثمارية بالنسبة للسعودية، ويشير المراقبون إلى أن حجم الاستثمارات السعودية في أثيوبيا، مثلا، يقدر بنحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، في المجال الزراعي فقط، مقارنة بـ 8 مليارات دولار هي الاستثمارات السعودية في السودان، وهو رقم متضارب وغير رسمي ومبالغ فيه، نظرا لغياب المعلومات في هذا الملف.

ويقول سفير السودان لدى المملكة العربية السعودية عبد الحفيظ إبراهيم، إن حجم التبادل التجاري بين السعودية والسودان، بلغ أكثر من أربعة مليارات دولار، يتوقع أن يصل إلى الضعف خلال هذا العام.

وبالنسبة للخرطوم فربما يصل الرقم إلى مؤشرات أكبر من توقعات إبراهيم، لكن الأمر يتطلب معرفة ما تريده السعودية التي يحكمها نظام إمارة، عشائري، تقليدي، يستثقل أمراؤه الوقوف في العواصم والحديث في السياسة، لكن… صوتهم مسموع.

صحيفة اليوم التالي
ت.إ[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. [FONT=Arial][SIZE=5]لم تكن زيارةالملك فيصل رحمه الله وطيب ثراه هي اخر زياره بل اخر زيارة قام بها الملك خالد رحمه الله وطيب ثراه يوم زار الخرطوم واوقف ما يسمى بتوتوكوره التي ضرب من الميسر [/SIZE][/FONT]

  2. اتقى الله في نفسك وشعبك فما ولاك الله الحكم الا ابتلاء فلا يغرنك السلطان فلا محالة انك مفارق الدنيا فلن تحمل معك منها الا اعمالك .. فاختر احداها دنيا فانية او اخرة (جنة او نار)
    سيدى الرئيس التاريخ شاهد على عاناه المسلمين من اعداء الله الشيعة الذين يكنون للمسلمين اشد العداء فلا تنخدع للتقية التي يمارسونها معك فهم اعدائك في المقام الاول فلا تجعل السودان وانت المسئول عنه يوم القيامة كالعراق او سوريا فيقتل الاخ اخيه في فتنه تحمل وزرها.
    اللهم الا هل بلغت اللهم فاشهد.

  3. ماذا أستفدنا من معاداتنا للسعودية على الرغم من أحتواءهم لمواطنينا منذ وحتى الأن ولا نزال، صراحة أرفض كسودانى أى محاولة لزعزعة أو تهديد أمن المملكة.