هاشم مكاوي : والي الـخرطوم وعودة الروح إلي نظام الحكم المحلي بالولاية
لا يختلف اثنان في القصور بل الخراب والدمار الماحق الذي أصاب بلادنا في معظم ومختلف مشارب الحياة فيها، من سياسية واقتصادية واجتماعية وما إلي ذلك، فإذا نظرت فلا تجد غير أطلال دارسة لمؤسسات ومشاريع (سادت ثم بادت) ودونك كمثال بسيط (مشروع الجزيرة) العملاق الذي كان في يوم ما يتحدث عنه المختصون في جميع أنحاء العالم كأعظم وأنجح مشروع علي مستوى القارة الأفريقية والدول النامية الأخرى ولكن اليوم أصبح في (خبر كان) وجاء حقاً (يوم شكره)، والناس بكل أسف منشغلون عنه وعن غيره في (اللت والعجن) في هذه (اللعبة) القذرة (ساس ويسوس)…
ونظام (الحكم المحلي) لم يكن استثناء من قاعدة ذلك الخراب. فقد أصيب في مقتل هو الآخر أيضا بهزات وضربات موجعة في كيانه وبنيته الأساسية، مرة بإلغاء بعض مكوناته وتارة بالتوسع فيه جغرافيا … وتارة بالتقليص وأخرى بتهميش دوره. والكل يراقب ويشاهد ذلك ولا يحرك ساكنا، بيد أن الله تعالى قد قيض له رجلا كوالي الخرطوم أحس بالخلل وأهمية الإسراع بالإصلاح وتنشيط وتفعيل مؤسساته وبقراره الحكيم الذي أشرنا إليه فيما تقدم، يكون قد وضع الأمور في نصابها ومسارها الصحيح وقدح الزناد لتفجير القوى الكامنة والطاقات الحبيسة للانطلاق والنهضة والتنمية الحقيقية التي تنبع أصلا من الجذور.
إن (الضابط الإداري) كان في يوما ما رأس الرمح وقلب هذا النظام، وقد وصف وقتها بأنه (رجل كل المهام) وبلغة الأعاجم Jack of All Trades.
إن هذا (النظام) عندما أنشئ لم ينشأ عبثاً أو اعتباطاً وإنما قام علي فلسفة وأهداف سامية قريبة وبعيدة المدى. وبعد دراسات والاستعانة بخبير إنجليزي ضليع يدعي (مارشال) في 1952م من القرن الماضي.
ثم تعهدته بالعناية والرعاية نخبة وكوكبة من الإداريين حتى قوي واشتد عوده وشهدت البلاد في ظله استقراراً وثباتاً ووفرة في الخدمات، ولم يقف عطاء أولئك الإداريين علي السودان وحده بل فاض حتى غمر بعضا من الأقطار حولنا كدول (الخليج) مثلا، فما ذكر (الخليج) إلا وذكر السادة كمال حمزة، ومختار التوم حسن وعبد الماجد عوض الكريم وآخرون من رصفائهم علي سبيل المثال.
إن التقويم والمراجعة والمتابعة المستمرة لأي مرفق لمعالجة أي خلل أو انحراف فيه لمن الأهمية بمكان وينطبق هذا علي كل مؤسساتنا ولما اتخذ من قرارات. ليس العيب في أن نخطى أو لم يحالفنا الحظ في بعض القرارات ولكن العيب في عدم مراجعتها وإعادة النظر فيها فهنالك مقولة تنسب إلي أحد الخبراء الاقتصاديين المشهورين وهو (جون جلبرت) يقول (إن قراراً إدارياً تشوبه نسبة من «الخطأ» يصدر في الوقت المناسب خير ألف مرة من قرار صحيح 100% يصدر بعد فوات الوقت. فالقرار الخاطئ هنالك أملاً في إصلاحه، أما الوقت (الضائع) فلا أمل في استرجاعه.
ومن بين المزايا الإيجابية الكبيرة لهذا الضرب من الحكم أن فيه إشباعاً لرغبات الجماهير وتحقيقا لآمالهم وتطلعاتهم بالمشاركة السياسية وفي صناعة واتخاذ القرار في همومهم علي المستوى المحلي والقومي. فنظام كهذا ما كان ينبغي له أن يتعرض لأي هزة أو نكسة، فالنظر في شأنه ينبغي أن يكون أو يتم بمساعدة أهل العلم والاختصاص وما أكثرهم عندنا.
وفي تقديري المتواضع أن في استقرار وثبات الحكم المحلي فيه استقرار وثبات لنظام الحكم علي المستوى القومي في البلاد.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]