تحقيقات وتقارير

أزمة دارفور… تشريح في غرفة عمليات (الشيوعي)

على مايبدو أن القدر قد سطَّر وحكم على اقليم دارفور بأن لا يبارح محطة الأزمات وويلات الحرب، التي ما ان تنطفئ نارها في قرية من القرى حتى يطل علينا خبرٌ يحمل تفاصيل اعتداء قامت به إحدى المليشيات المسلحة التي تحارب في صحراء الإقليم، يقابله ردة فعل عسكرية من قبل الحكومة لنجد حينها أن من يتحمل فاتورة ذلك العمل هو (مواطن) الإقليم بصناعة معسكر جديد للنازحين، يتكسف فيه الألف من المواطنين طالبين المأوى والخدمات، هذه القضايا وغيرها كانت محط تشريح وتشخيص في منبر الحزب الشيوعي السوداني حول دارفور وسياسات الأزمة.
أزمة إنسانية ابتدر الحديث الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني يوسف حسين في تشريح تفصيلي لأزمة دارفور قائلاً: (إن أزمة دارفور حسب ما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق كوفي عنان فهي أزمة القرن العشرين)، في إشارة منه إلى الأوضاع الإنسانية والأمنية التي ظل الإقليم يعيش فيها منذ اندلاع الحرب في العام 2003، وهو ما ترتب عليه ضياع هيبة الدوله بالإقليم فضلاً عن الانفلات الأمني بانتشار المليشيات المسلحة، ما نتج عنه نهب ممتلكات المواطنين وتردي الخدمات وقيام العديد من معسكرات النازحين في كل من ولايات شمال وجنوب وغرب دافور، فيما أرجع يوسف تدهور الأوضاع بدارفور إلى السياسات الخاطئة التي ظلت تنتهجها الحكومة وحزب المؤتمر الوطني في حل الأزمة، بشكل أحادي وعدم الالتزام التام بتنفيذ اتفاقيات السلام الموقَّعة لصالح الإقليم، عن طريق استخدام وسيلة القوة في الحل وتسليح مجموعات قبلية وتخصيص مبالغ مالية كبيرة من ميزانية الدوله للحرب بدارفور مسترشدًا بخروج مساعد رئيس الجمهورية السابق مني أركو مناوي على خلفية عدم تنفيذ الحكومة لجند الترتيبات الأمنية الموقَّع عليها في اتفاقية أبوجا، وقال حسين إن ما يجري من صراع على الأرض الآن في الإقليم ونتائجه سقوط المئات من القتلى خلال الأيام الفائتة أعاد صورة دارفور للأذهان من جديد خلال العامين 2003 ـ 2004، محملاً الحكومة وحزب المؤتمر الوطني ما يحدث من تدمير للبنية التحتية وضياع للسودان من بوابة دافور مطالبًا بضرورة فتح باب العمل للمنظمات لتقديم المساعدات اللازمة للمواطنين الذين دُمِّرت قراهم ومساكنهم، والبحث عن حلول سياسية للأزمة بحيث لا يتم إقصاء أحد منها وعلى رأسها الحركات المسلحة.
مدفعية الشيوعي في المقابل لم يتوانَ عضو الهيئة المركزية للحزب الشيوعي صالح محمود، في إطلاق مدفعية اتهاماته للحكومة وحزب المؤتمر الوطني الذي حمَّله مسؤولية تدويل قضية دارفور، وخروجها عن السيطرة الداخلية قائلاً (إن الحكومة استخدمت سياسات التمزيق تجاه الإقليم وهو مرمي بالقضية في أحضان المحكمة الجنائية وصدور العديد من القرارات الدولية التي لم تعفِ السودان من المسؤولية، مقللاً في الوقت نفسه من نجوع الحلول التي حاولت الحكومة مرارًا وتكرارًا في طرحها على صعيد دارفور سواء كان ذلك المؤتمرات الأهلية والإقليمية وتوقيع الاتفاقيات التي، نقضتها الحكومة ولم تلتزم بالكثير من البنود فيها، بيد أن صالح لم يعفِ الحركات المسلحة والسلطة الإقليمية لدارفور من مسؤولية تطور وتدهور الأوضاع الأخيرة بالإقليم التي وصفها بالكارثة الإنسانية، مرجعًا ذلك إلى انقسام الحركات السملحة إلى أكثر من 24 حركة وهو ما أنتج الخلاف حول أجندة التوافق السياسي وأفشل الحوار مع الحكومة منوهًا بأن غياب بسط العدالة القانونية بدارفور أفرط عقد المحاسبة وأصبحت دارفور شبيهة بغابة يعيش فيها الأقوى فقط، ودعا صالح في ختام مداخلته إلى اعتراف الحكومة والوطني بأخطائه في الإقليم وما تسبب فيه من كارثة إنسانية فضلاً عن العمل الجاد في تنفيذ الاتفاقيات السياسية التي وصفها بالجيدة ممثلة في اتفاقية الدوحة لسلام دارفور التي اعطت الكثير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأبناء دافور، مشترطًا أن لا سلام بدون عدالة وقانون يحكم البلاد.
ناقوس الخطر فيما دقت عضو الهيئة المركزية للشيوعي ممثل مقعد المرأة نور الصادق ناقوس الخطر من قبل حزبها، على الإقليم مستندة في ذلك إلى مشاهدات ولقاءات أجرتها نور خلال زيارة قامت بها الأسبوع المنصرم لمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، موضحة أن دارفور في وقتها الراهن تعيش أسوأ أوضاعها الإنسانية عازية ذلك لانقطاع الكهرباء عن مدينة نيالا بسبب انعدام الوقود (البنزين) الذي يعتبر المحرك الرئيسي للمدينة وشريان حياتها إضافة إلى تردي مستوى الخدمات من التعليم والصحة في معسكرات النازحين وانفلات الأمن، ما عمل على إشاعة عصابات النهب المسلح وانخفاض نسبة الإنتاج الزراعي إلى أكثر من 50% مع ازدياد محصلة الجبابات التجارية على المحلات التجارية والمواطن، فيما لم تتجاوز نور محطة الوضع الصحي بالمدينة بقولها: (إن تلوث المياه أدى إلى إصابة الكثيرين بأمراض البلهارسيا والسعال المعوي (الأمر الذي يوجب تضافر جهود الجميع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أوضاع، وتوقعت نور أن تتدهور حالة الإقليم مستقبلاً إذا ما مضت الحكومة في ذات النهج في التعامل بسياسات الإقصاء والانفراد بالرأي في حل القضية.

صحيفة الصيحة
تقرير: الهضيبي يس
ع.ش