تحقيقات وتقارير

الفساد.. جريمة تحت سمع ونظر القانون

[JUSTIFY]كثيرًا ما حملت التقارير الخاصة بالمراجع العام تجاوزات في المال العام بأرقام فلكية ما جعل الدولة تعلن عن محاربة الفساد والذي تمدد في كل مفاصل الحكم وفي المؤسسات والهيئات في القطاعين العام والخاص ومن المعلوم أن الفساد المالي أو الإداري يلعب دوراً كبيراً في الحد من عملية التنمية بجانب المساهمة في زيادة نسب الفقر وقد ورد اسم السودان من ضمن الدول الأكثر فسادًا عبر تقارير دولية لمنظمة الشفافية، ومن الواضح أن اتجاه الدولة لمعالجة القضية مضى دون وجود علاج جذري للقضاء على الفساد وأذرعه.

وفي خطاب رئيس الجمهورية مؤخرًا شمل الإعلان عن محاربة الفساد وإعلاء مبدأ المحاسبة ضمن منظومة متكاملة من الأجهزة والتشريعات فالحديث في نظر الكثيرين تكرار للوعود ليس إلا خاصة أن الآونة الأخيرة شهدت ضبط العديد من حالات الاختلاس للمال العام واستغلال النفوذ والسلطة لتحقيق مكاسب شخصية دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بالمركز والولايات.

وبلغ حجم الاعتداء على المال العام بولاية الخرطوم (3377331) بزيادة (2725357) جنيه عن العام السابق فيما بلغت حالات الاعتداء (13) حالة وهو ما يؤكد ضعف الدور الرقابي وسيادة القانون، والمتابع للقضية يرى أن الحكومة سعت إلى تشكيل العديد من اللجان لمعالجة تلك القضية وهذا ما أشار إليه الرئيس في خطابه الأخير والذي وصفه خبراء في الاقتصاد بأنه لم يأتِ بجديد خاصة في المتعلق بمكافحة الفساد مشيرين إلى أن المشكلة تتطلب المواجهة عبر مؤسسات قانونية فعالة ونظام لمحاربة ومعاقبة مقترفي جرائم الاعتداء على المال العام بجانب الشفافية والمحاسبة على المستوى القومي والعالمي والكفاءة في الإدارة العامة وكفالة الحقوق العامة في القطاعين العام والخاص وتوقيع اتفاقيات دولية للمكافحة وإصلاح الخدمة المدنية وتحسين قيمها المنظمة ومعايير الاختيار للوظائف القيادية في المؤسسات العامة ووضع «نظام الإنذار المبكر»، وأرجعوا أسباب انتشار الفساد خاصة المالي إلى سوء إدارة ميزانية الدولة وفقدان الأهداف الهامة للإدارات الحكومية، مع سيطرة الدولة على مجريات الحياة الاقتصادية.

ووصف الخبير الاقتصادي حسين القوني خلال حديثه لـ (الإنتباهة) أن خطاب رئيس الجمهورية حول محاربة الفساد بالاستهلاك السياسي والمكرر وقال (لم نرَ طحين للضجيج) أو نتائج للسياسات السابقة وتساءل ما المقصود بالفساد في خطاب الرئيس ولفت إلى أن القضية تتطلب تحديد نوعه ومظاهره مع اتخاذ الإجراءات والمعالجات اللازمة ووضع قوانين صارمة للحد منه داعياً لتحديد سقف زمني لتطبيق تلك المعالجات حتى لا يصبح حديث الدولة بلا معنى، مشيرًا لتأثير الفساد السالب على الموارد والجانب الاجتماعي بالبلاد، فضلاً عن أنه أصبح ظاهرة عالمية وإقليمية لذا على السودان محاولة الاستفادة من بعض التجارب الإقليمية والدولية في محاربة الفساد داخل البلاد وتوفير المعلومات اللازمة والشفافية الكاملة وتفعيل آليات القانون لكبح سلوك وتصرفات صغار النفوس سواءً كان مؤسسات أو أفراد، ومن جانبه يرى الخبير الاقتصادي أحمد مالك أن خطاب رئيس الجمهورية أفضل من السابق

لافتاً أن الوضع يتطلب وضع قرارات وليس حوارات لمعالجة قضية الفساد مشيرًا لضرورة إعادة النظر في الجانب القضائي مع استقلاليته مع وجود محاكم ناجزة للعدالة ومراعاة اختيار الشخص المناسب لشغل المناصب وإعادة هيكلة المؤسسات، وأضاف أن الهيكل الموجود مختل خاصة مع وجود حالات قضائية شغلت الرأي العام لم يتمحلها كقضية الأوقاف والحج والعمرة فهي أكل أموال الناس بالباطل واعتبرها مخالفة للدستور وزاد لا بد من مراعاة الشفافية بهدف إعادة الثقة بين الحكومة والشعب باعتباره المتضرر الأول، ونوّه من خطورة ذهاب الأموال لفئات معينة بالدولة والنظر في مسألة رفع الحصانات عن المسؤولين باعتباره أحد مسببات المشكلة مشيراً لفشل الجهاز القضائي في معالجة مشكلة الثراء الحرام وأكد مالك إذا لم تزل أسباب الفساد مع اتباع الأسس المحاسبية فغير ذلك لايمكن معالجة المشكلة وتوقع أن يسهم الخطاب في تحقيق ماهو أفضل من ذلك وقال إن السياسة الموجودة لا تسهم في حل مشكلة الفساد خاصة أن الوضع الاقتصادي بالدولة يتطلب إعادة النظر فيه خاصة مع تدمير كل القطاعات وقال لا بد من إيجاد مكامن الخلل لتفادي الانهيار الكامل.

صحيفة الانتباهة
تقرير: إنصاف أحمد
ت.إ[/JUSTIFY]