محمد محمد أحمد كرار : ما يجري في مصر.. وما يهرب في السودان!
في الماضي وحتى النصف الأول من عمر الإنقاذ كان هناك رجال ما يعرفون برجال مصر في السودان، وكانوا يعملون على تخفيف حدة المشاكل بين الدولتين. وكلما حاولت أن أقرأ الأحداث تذكرت في السودان عز الدين السيد رئيس برلمان وادي النيل وصاحب فكرة البنك الأهلي المصري السوداني ثم رئيس مجالس الشعب، والذي كانت تستعين به حكومة الإنقاذ في كثير من المهام لتلطيف وترطيب العلاقات السودانية المصرية..
المصريون حريصون جداً على أن يكون أمثال محيي الدين صابر وعز الدين السيد وصولاً إلى مصطفى عثمان إسماعيل، لأنهم الأقرب إلى النوبة الكبرى.
حينما رضخ السودان للضغوط وأصبح متعاوناً في محاربة الإرهاب العالمي بعد أن ازدهرت المطالبة بدور واضح للسودان في محاربة الإرهاب في عهد بوش الأب والابن وكلنتون، فإن وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان كان يُنظر إليه بكثير من الأشواق المصرية كي يكون وريثاً لعز الدين السيد ومحيي الدين صابر ومهدي مصطفى الهادي وأحمد عبد الحليم سفير السودان في مصر قبل سنوات قبل رحيله ومكوثه في مصر حوالى (10) أعوام.
والمصريون دائماً يحبذون أن يكون السفير قريباً منهم، بل إنه في عهد الأحزاب قالوا إن مصر هي التي تعين وزير الداخلية ووزير الدفاع في السودان.
بذل عمرو موسى وعمر سليمان جهداً كبيراً لأن تكون لديهم مواقع في السودان عن طريق بعض من يظنون أنهم موالون لهم من أبناء شمال السودان، إلا أن طبيعة نظام الإنقاذ لم تكن تسمح لهم بالصيد الثمين.
عندما حدث التعديل الوزاري الأخير لاحظنا أنه حل محل قيادات من أبناء الشمال قيادات أخرى وفي مواقع مهمة، ربما فرحت مصر لهذا التعديل لأنهم أقرب إليها من ناحية الجوار المصري السوداني.
ما يجري في مصر يتجه إلى أن يتم تنفيذ مخطط محمد حسنين هيكل ودفع المشير السيسي ليكون رئيساً، حيث أن السيسي نفسه توعد الإخوان المسلمين بأنه في رأسه خمسين ألفاً منهم. والذي يجعل المراقب السياسي يحتار حيرة شديدة أن صيفاً ساخناً ستشهده العلاقات السودانية المصرية، ولا ينفع تأجيل بعض الملفات المهمة مثل حصة السودان الزائدة من مياه النيل والتي يعطيها لمصر حسب اتفاقية 1929م وسد النهضة وملف حلايب وشلاتين ونتوء وادي حلفا، كلها ملفات مسكوت عنها لفائدة البلدين، إلا أن شح المياه الذي ستشهده مصر في الصيف القادم ربما يخرج الأزمة إلى السطح.
لذلك يجب أن تقوم مراكز البحوث والدراسات السودانية منذ الآن في إعداد ما يلزم لمعالجات الصيف الساخن القادم وقضاياه.
يجب ألا نطلق شعارات دون تطبيق، كما قلنا من قبل إن إعداد دراسات وبحوث لاستشراف وتوقعات ما بعد انفصال الجنوب لم يحدث منه شيء، فانتظرنا حتى احتدمت المعارك وأصبحنا ندير ما يجري الآن بفقه إطفاء الحرائق ووارد الوقت، ولكن النار بدارك شبت فتقدم يا حاميها، وبعد أن كانت الحرب في الإستوائية وصلت النيل الأزرق، فمن يحمي سنار وكوستي والأبيض والقضارف وهو خط الصمغ العربي.. ألا يستاهل خط الصمغ العربي حماية؟؟.
صحيفة الصحيفة
ع.ش
(( فانتظرنا حتى احتدمت المعارك وأصبحنا ندير ما يجري الآن بفقه إطفاء الحرائق ووارد الوقت، [COLOR=#FF0F00]ولكن النار بدارك شبت فتقدم يا حاميها[/COLOR]، وبعد أن كانت الحرب في الإستوائية وصلت النيل الأزرق،[COLOR=#FF00A9] فمن يحمي سنار وكوستي والأبيض والقضارف [/COLOR]وهو خط الصمغ العربي.. ألا يستاهل خط الصمغ العربي حماية؟؟.))…….هذه السطور تلخيص للوضع السوداني بعد إنفصال الجنوب ، وفعلاً الآن بقينا نحل المشاكل كما قال كاتب المقال بفقه إطفاء الحرائق ووارد الوقت، فمتى يكون بالسودان مراكز دراسات حكومية مسؤولة عن التخطيط المستقبلي للسياسات الاقتصادية و السياسية لإستشراف الأوضاع في المستقبل ؟